في الوقت الذي أكد به وزراء خارجية عرب على أهمية الزيارة المرتقبة للوفد الأمريكي برئاسة كبير مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، الذي سيصل إلى رام الله مساء يوم الرابع والعشرين من الشهر الجاري، لبحث إعادة إحياء عملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية، والدعوة لإطلاق مفاوضات مع إسرائيل فورا وفق إطار زمني محدد، تواصل حكومة الإحتلال ضح ملايين الدولارات لبناء المزيد من المستوطنات على الأراضي الفلسطينية.
واتضح الاسبوع الماضي أن مكتب رئيس وزراء حكومة الإحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على زيادة ميزانية اخلاء الموقع الاستيطاني العشوائي عمونا واعادة توطين المستوطنين من جديد بعشرات ملايين الشواقل . فقد توجه مكتب نتنياهو الاسبوع الماضي الى وزارة المالية بطلب زيادة تطوير المستوطنة البديلة الجديدة المسماة عميحي والمعدة لاستيعاب مستوطني عموناه بمبلغ يتراوح بين 30 – 70 مليون شيقل .
في المقابل قال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، عزام الأحمد، اليوم الثلاثاء، إن "الموقف الفلسطيني ثابت من ضرورة وقف الاستيطان، والإلتزام الإسرائيلي – الأميركي "بحل الدولتين"، لتوفير ضمانات مناسبة لإحياء عملية سلام جدّية".
تخطي مرحلة الجمود في عملية السلام
هذا وأكد وزراء خارجية فلسطين ومصر والأردن، عل ضرورة تخطي مرحلة الجمود في عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، ودعوا إلى إطلاق المفاوضات فورا وفقا لإطار زمني محدد، وذلك قبل زيارة مرتقبة لوفد أمريكي للمنطقة.
وذكر بيان تلاه وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع مع نظيريه الفلسطيني رياض المالكي والأردني أيمن الصفدي، بالقاهرة، قبل أيام، أن "عدم حل القضية الفلسطينية وممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف يعد السبب الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة".
وأضاف البيان أنه "أضحى من الضروري تخطي حالة الجمود والضبابية التي تمر بها العملية السلمية، والعمل على إطلاق مفاوضات ضمن إطار زمني محدد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تنهي الاحتلال وتصل لاتفاق شامل يعالج جميع موضوعات الحل النهائي".
الجولة محكوم عليها بالفشل مسبقاً
ويرى العديد من المحللين السياسيين أن هذه الزيارة وفق التقييم الفلسطيني فاشلة على الرغم انها تشمل العديد من الدول العربية، وفي هذا الصدد قال الكاتب و المحلل السياسي في جريدة الأيام طلال عوكل، الجولة هذه المرة، واسعة وتشمل بالإضافة إلى رام الله وتل أبيب كلاً من القاهرة وعمان والرياض وأبو ظبي، وهي عواصم الرباعية العربية، وعملياً هي العواصم الأكثر فعالية في الظروف الراهنة ، الجولة محكوم عليها بالفشل مسبقاً، وفقاً لتقييم فلسطيني، ولكنها قد تحمل نجاحاً وفقاً لتقييم إسرائيلي.
وأضاف عوكل، ما يدعونا للحكم على هذه الجولة هو أن الظروف التي تجرى فيها هذه الزيارة، محكومة لعدة عوامل ومواقف، لا تشجع على التفاؤل بشأن أهدافها، وفيما يتعلق بموضوع «الصفقة التاريخية» التي تحدث عنها مراراً الرئيس ترامب بشأن الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي.
يواصل عوكل حديثه، وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء": "المؤشرات الصادرة عن إدارة ترامب تفيد بأن هذه الإدارة لن تكون أفضل من سابقاتها، ترامب كان قد قال إن حل الدولتين قد لا يكون هو الحل الممكن والوحيد، ثم أطلق تصريحاته بشأن نقل السفارة إلى القدس، وبعد أن قال إن الولايات المتحدة ستنخرط أكثر في المفاوضات وعَبر آليات مختلفة عن السابقة عاد ترامب ليقول إنه لا مجال للحل سوى عَبر مفاوضات ثنائية.
واوضح عوكل ان العامل الثاني يتعلق بإسرائيل، من حيث إنها تواصل التمسك بمخططاتها وسياساتها التوسعية والاستيطانية، التي تخلو من الحد الأدنى من الرغبة في خوض مفاوضات على أساس رؤية الدولتين، وإسرائيل تتمسك بالحل الاقتصادي والإقليمي الذي يسعى للفوز بتطبيع العلاقات مع الدول العربية، دون ثمن في موضوع الحقوق الفلسطينية.الحل الذي تعمل عليه إسرائيل، ينطوي على تهديد استراتيجي للحقوق الفلسطينية.
القيادة الفلسطينية تشك في قدرة الإدارة الأميركية
هذا وتنتظر القيادة الفلسطينية قدوم وفد أمريكي خلال اليومين القادمين يضم كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر، والمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لعملية السلام جيسون غرينبلات ومساعدة مستشار الأمن القومي الأمريكي دينا باول، سيزور إسرائيل والأراضي الفلسطينية والأردن والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر الأسبوع القادم.
وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل نهاية مارس عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود.
ومن الأسئلة التي تطرح إلى أي مدى يوجد هناك ثقة في زيارة المبعوث الأمريكي، كون الإدارة الأمريكية نفسها متخبطة في ظل استمرار تهرب إسرائيل من استحقاقات عملية السلام، ومحاولة العديد من الدول العربية إحداث اختراق في هذا الملف الشائك.
يجيب على ذلك الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب قائلا: "للمرة الثانية خلال شهرين، من المفترض أن يصل إلى المنطقة الوفد ، ويبدو أن هذا الوفد سيحاول الرد على ما قيل إنها «تسريبات غير دقيقة» كانت قد صدرت عن البيت الأبيض مفادها عدم ثقة الإدارة الأميركية بإمكانية التوصل إلى استئناف العملية التفاوضية على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وإشارة إلى أن الولايات المتحدة معنية ببذل جهد كبير على هذا الملف وأنها لا تزال تضعه على أولى أجندتها للسياسة الخارجية.
ونوه حبيب وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء": "إلى أن مهمة هذا الوفد حسب تصريح لمسؤول كبير في البيت الأبيض، تجنيد دول عربية من أجل إنجاز اختراق ـ صفقة على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، في وقت أخذت فيه القيادة الفلسطينية تعرب عن عدم رضاها عن أن الإدارة الأميركية أخذت تتراجع عن حل الدولتين، في ظل عجز هذه الإدارة عن لجم المشروع الاستيطاني الإسرائيلي الذي خلق وضعاً واقعياً يشكل عقبة أساسية أمام استئناف عملية تفاوضية من شأنها أن تقود إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف حبيب، أن القيادة الفلسطينية لم تنتظر وصول الوفد وعقد مباحثات معها، بل استبقته بتحديد موقف واضح ودقيق من أن أية عملية تفاوضية يجب أن يسبقها تحقق أمرين: وقف الاستيطان، ومفاوضات على إقامة دولة فلسطينية مستقلة مع سقف زمني محدد، هذا الموقف الصادر عن الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية، يشكل جدول الأعمال المرغوب فيه للاجتماع مع الوفد الأميركي المنتظر!
مواصلا حديثه، ومن الواضح في هذا السياق، أن القيادة الفلسطينية التي بدأت تشك في قدرة الإدارة الأميركية على الضغط على الجانب الإسرائيلي من أجل الاستجابة لمتطلبات أية عملية تفاوضية ناجحة، فإنها ملتزمة بحل الدولتين من ناحية وتطالب إدارة ترامب بالتمسك بهذا الحل بدلاً من «التجريب» والتهرب من استحقاقات هذا الحل الذي أخذ يشق طريقه في ملفات السياسة الدولية، والذي تتبناه الأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والمنظومة العربية، وأن تراجع الإدارة الأميركية عنه إنما يدفع بإدارة نتنياهو إلى التملص من استحقاقاته، ما يشير إلى أن واشنطن لا يمكن لها والحال هذه أن تشكل وسيطاً نزيهاً يرعى عملية تفاوضية تؤدي إلى حل يُفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.