بات اليقين المُطلق لدى القيادة الفلسطينية، أن لا يمكن أن يكون هناك حلول قريبة يمكن أن تقدمها الإدارة الأمريكية من أجل إعادة تنشيط عملية السلام المتوقفة، منذ العام2014 ، بسبب الجرائم الإسرائيلية، على رأسها استمرار مصادرة الأراضي لصالح التجمعات الاستيطانية.
يقين القيادة الفلسطينية بأنه لا حل، يمكن البناء عليه من خلال التسريبات التي كشف عنها من تهديد للرئيس محمود عباس بحل السلطة الفلسطينية، وذلك عشية الزيارة المقررة غدًا لكبير مستشاري البيت الأبيض "جاريد كوشنر"، والمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لعملية السلام "جيسون غرينبلات"، في محاولة يائسة الرئيس كل من الرئيس محمود عباس ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالعودة إلى طاولة المفاوضات بهدف إيجاد تسوية سلمية للقضية الفلسطينية.
وكشفت مصادر فلسطينية أن الرئيس محمود عباس كان خلال الأسابيع الأخيرة غاضباً جداً من جهات عدة، محلية ودولية، من بينها الإدارة الأميركية.
وقالت المصادر وفق ما ذكرته صحيفة" الحياة اللندنية"، إن الرئيس عباس يدرس حالياً خيارات سياسية وديبلوماسية عدة، من بينها التوجه الى الجمعية العامة للأمم المتحدة لمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة.
خيارات السلطة
قال الكاتب والمحلل السياسي هاني العقاد في حديث لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، تعقيبًا على ما تفكر به القيادة الفلسطينية وإطلاق تهديدات عشية زيارة "كوشنر"، : "أحد الخيارات التي يفكر بها الفلسطينيين في ظل الانغلاق الكامل والحاد جداً في مسيرة السلام، التوجه للأمم المتحدة للعضوية الكاملة، خاصة في ظل تراخي الإدارة الأمريكية بالضغط على إسرائيل".
واستدرك العقاد : "الرئيس عباس لا يُفكر أن يكون هذا الخيار الأول والمطروح، لأن هناك خيارات أخرى يمكن أن تلجأ لها السلطة الفلسطينية، وهو خيار أخير قد تلجأ إليه القيادة بالضغط على المجتمع الدولي، باعتبار أن حل السلطة سيربك المنطقة، ويدخلها في أزمة كبيرة جدًا، ويُغير المُعادلة بها، وخاصة الحسابات الإسرائيلية والأمريكية، في محاولة لتطبيق حلول تتماهي مع المشروع الصهيوني.
وأضاف العقاد، : "اليوم الفلسطينيون تأكدوا أن جاريد كوشنر، وجيسون غرينبلات، خلال زيارتهم الحالية للمنطقة، لن يأتوا بجديد للمنطقة، سوى استطلاع مزيد من المواقف، التي هم حقيقة استطلعت سابقًا، وما جولتهم الحالية ستأتي بجديد، ولا خطة لديهم سوى مرتكزات معينة لإعادة الثقة بينهم ، وربما يكون في الغد مع الرئيس عباس لقاء قد يكون فاصلاً، لكن نتمنى أن تكون هناك انفراجه في الموقف السياسي، خاصة بالموقف الأمريكي لرعاية عملية السلام".
وعن الخيارات التي يمكن أن تتخذها السلطة، أشار إلى أن هناك خيارات أخرى أرجح أن تلجأ لها القيادة الفلسطينية إلى اتخاذها، وهي "الخيارات الدبلوماسية"، كون هناك خيار بطلب فلسطيني لعضوية كاملة في الأمم المتحدة الشهر القادم، وهو خيار مهم جدًا، وكذلك خيار العمل مع المجتمع الدولي لمؤتمر سلام والاتجاه نحو المبادرة الصينية ذات الأربع نقاط، باعتبار التفرد الأمريكي بعملية السلام هو خطير جدا، ولا يصب في المصلحة الفلسطينية".
المبادرة الصينية
وتتضمن المبادرة الصينية أربع نقاط تم اطلاع الرئيس "أبو مازن" على تفاصيلها أثناء زيارته الأخيرة للصين وهي: تعزيز حل الدولتين على أساس حدود 1967 مع القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية جديدة؛ دعم "مفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام" الذي ينهي فورا بناء المستوطنات الإسرائيلية، ويتخذ تدابير فورية لمنع العنف ضد المدنيين، ويدعو إلى الاستئناف المبكر لمحادثات السلام.
كمات تضمنت : "تنسيق الجهود الدولية لوضع "تدابير لتعزيز السلام تستتبع مشاركة مشتركة في وقت مبكر؛ وتعزيز السلام من خلال التنمية والتعاون بين الفلسطينيين وإسرائيل"
وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، أن القيادة الفلسطينية وافقت على المبادرة الصينية استناداً إلى مساعيها لكسر الرعاية الأمريكية المحتكرة منذ أكثر من 25 عاماً للمفاوضات بين السلطة ودولة الاحتلال.
المشهد الدولي معقد
وتابع العقاد،: "يأمل الرئيس عباس عبر توحيد الموقف الفلسطيني والمصري والأردني، أن يمارس بعض الضغط على واشنطن لإحداث انفراجه، في سبيل تحقيق حل الدولتين، ومتطلبات هذا الحل، والضغط على إسرائيل من أجل وقف شامل للاستيطان، وكذلك إعطاء الأمريكان بأن حل الدوليتين بأنه الحل القابل للتطبيق وقبول إسرائيل بإنهاء الاحتلال على أراضي 67 .
ولفت، إلى أن المشهد الدولي اليوم معقد جدا، الولايات المتحدة لديها برود في الموقف من عملية السلام بشكل كامل، كون المشهد العربي لا يمارس ضغط على الإدارية الأمريكية، والمشهد العربي، والذي يهرول وراء الأمريكان وليس العكس، ما أصاب القضية الفلسطينية في مقتل وأدى هذا الضغط إلى تراخي الإدارة الأمريكية لعدم تحقيق مزيد من التقدم تجاه عملية السلام.
لقاء وإلغاء أخر
وتنتظر القيادة الفلسطينية قدوم وفد أمريكي غدًا يضم كبير مستشاري البيت الأبيض "جاريد كوشنر"، والمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لعملية السلام "جيسون غرينبلات، ومساعدة مستشار الأمن القومي الأمريكي "دينا باول"، وسيزور الوفد أيضًا إسرائيل .
وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل نهاية مارس عام 2014، بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية، دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود.
وقررت وزارة الخارجية المصرية اليوم الأربعاء إلغاء الاجتماع، الذي كان مقرراً بين وزير الخارجية، سامح شكري، مع المستشار "كوشنر"، بعد وصوله القاهرة، في جولة يصل بعدها الى فلسطين و"إسرائيل".
وكان "كوشنر" عقد مجموعة من اللقاءات مع مسؤولين في السعودية والأردن وقطر، وكان في طريقه لعقد مجموعة من اللقاءات في مصر.
وبحث الملك الأردني عبدالله الثاني خلال لقائه أمس الثلاثاء مع "كوشنر" والوفد المرافق، ملف عملية السلام، بهدفها تحريكه، ومساعِ إعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، استنادًا إلى حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الصراع.
وأكد الملك الأردني على الدور المهم للولايات المتحدة والتزام الرئيس الأميركي "دونالد ترمب" بالعمل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
مراجعة سياسية فلسطينية
من جهته قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن الإدارة الأميركية الجديدة أدارت ظهرها لما يسمى حل الدولتين وللحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني
ودعا خالد إلى مراجعة سياسية فلسطينية تقوم على تدويل القضية الفلسطينية والحديث مع وفد الإدارة الأمريكية، الذي يبدأ هذه الأيام جولة جديدة في المنطقة بلغة مختلفة ترفض الرعاية الأمريكية الحصرية لجهود التسوية السياسية، والتوجه بدلاً من ذلك إلى المجتمع الدولي، ودعوته إلى تحمل مسؤولياته في إطار مؤتمر دولي للسلام ينعقد على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع الفلسطيني والعربي – الإسرائيلي.
وشدد خالد على أهمية وضع آليات تنفيذ لهذه القرارات، من أجل التوصل إلى تسوية شاملة ومتوازنة، توفر الأمن والاستقرار جميع دول المنطقة، وتفضي إلى إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 بما فيها القدس الشرقية المحتلة، عملاً بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 19/67 لعام 2012، وغيره من القرارات ذات الصلة، وإلى حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، تضمن حقهم في العودة إلى الديار التي هجروا منها بالقوة العسكرية وفقا للقرار 194.