غزة ....غياب للأضاحي واستمرار التضحية .

بقلم: وفيق زنداح

مساحة من الآلام .....وحالة من الحرمان ....وتدني مستوي المعيشة والخدمات المقدمة ....فقدان للآمال ...وغياب للثقة.... وحالة من عدم المعرفة والوضوح بما يخبي الغد من مفاجآت في ظل مطالبات عالية ....واحتياجات كبيرة ....وتدني بمستوي الدخل والمعيشة أوصل عشرات الآلاف من الأسر إلي مستوي الفقر .
شواهد مأساوية ....ووقائع مؤلمة ...وأحاديث الناس لا نستطيع أن نتحدث عنها بكافة تفاصيلها وعناوينها ...التي تحمل بمضمونها ومعانيها فقدان للأمل بما هو قادم.... كما هو واقع في ظل تجربة مريرة وقاسية ....ووعودات متكررة ...وتصريحات إعلامية تبعث بالآمال ....وتجديد روح الحياة ....وما تلبث أن تزول بالفضاء .
غزة ....وعيد الأضحى .....مشهد غير متوقع .....واستثناء مخالف لما اعتاد الناس عليه .....في أعيادهم ومناسباتهم ....وفي صباح كل عيد وما كنا نشاهد من ذبح الأضاحي ...وتقديم التهاني ....بعد أداء صلاة العيد وبداية التراحم وتوزيع اللحوم على الأقارب والجيران والفقراء وما كنا نشتمه من رائحة الكعك والمعمول التي يتميز بها أهل القطاع وما يقدمون لضيوفهم .
غياب الفرحة الكاملة واستمرار المتطلبات المنقوصة .....نتيجة لظروف قاسية ومريرة لا زالت مستمرة منذ سنوات الانقسام الذي لم يضيف إلا المزيد من الآلام ...ولم يخفف عن شعبنا ما يتعرض له من ويلات وكوارث وأمراض ...وتلوث بيئي يزداد ضراوة حتى بات القطاع من المناطق التي سيصعب العيش فيه خلال السنوات القليلة القادمة بحسب التقارير الدولية التي تشير وتؤكد ذلك .
غزة بعيدها لم يتبقي فيها إلا هذه الروح المتمسكة بدينها.... تقاليدها وتراحمها استمرارا للحياة ...وعدم التوقف أمام عقبات الزمن وظروفه القهرية ....وحفاظا على البسمة والفرحة برغم كل ما يحيطها ويتداخلها من ألام وأحزان وفقدان الكثير من مقومات الحياة.
غزة بعيدها ليس قاصرة وعاجزة عن بعث الفرحة والسعادة في قلوب أطفالها .....لكن ما ينتج من قصور لا يتعلق بأحاسيسنا وأخلاقياتنا ...عاداتنا وتقاليدنا ...لكنه القصور المفروض بفعل عوامل ضاغطة تدفعنا إلي مربعات القصور والعجز الذي نقاومه بكل ما أوتينا من قوة وقدرة...لكنه واقع يفرض علينا مشاهده وشواهده .....وتفاصيله المريرة والمملة بطول زمنها ....وعدم جدواها ...وغياب الفائدة منها ....حتى نتمكن من العودة إلي ما كنا عليه في أعيادنا ومناسباتنا .
غزة وأن يختزل العيد بطقوسه وتقاليده دون القيام بتقديم الأضاحي يحتاج إلي مراجعة وتحليل ....وطرح العديد من التساؤلات حول الأسباب فهل هو قصور ديني ....أم قصور مادي ....أم تدني مستوي الخدمات وخاصة الكهرباء وعدم إمكانية المحافظة على الأضاحي ...أم أن هناك أسباب عديدة تتحكم بفكر الناس حول ظروفهم ومدخولاتهم وما يمكن أن يصادفهم من متغيرات غير متوقعة في مستوي دخلهم .
غزة وأهلها يعانون ....يتألمون ....يستصرخون كافة الضمائر والقلوب لمساعدتهم على طي صفحة الانقسام ....وإنهاء الحصار ومعالجة العديد من الأزمات المستعصية التي وصل بها الحد بالمساس بالصحة والكرامة الإنسانية.
كتب على غزة وأهلها الصمود ....والتضحية ...بفعل قضية قائمة ونضال مستمر ......لكن هذا لا يعني بالمطلق أن يحرم 2 مليون فلسطيني من الحياة الكريمة ....وأن يتمكن أهل القطاع من الحفاظ على أملاكهم ومستقبل أبنائهم وحقهم الدائم ودون استثناء بأن يعيشوا أيامهم وأعيادهم وفق ما اعتادوا.... وفي ظل ظروف مناسبة وملائمة ....وأن لا يكتب عليهم التضحية وتقديم الدماء والشهداء وهذا واجب مقدس.... دون أن نزرع لديهم الآمال بالحياة الكريمة والخدمات المناسبة..... وأن نوفر لهم مستقبل لأبنائهم .....وحتى أن يعيشوا أعيادهم كما غيرهم .

وكل عام وأنتم بخير

الكاتب وفيق زنداح