واضح بأن المتطرف بينت وزير التعليم العالي في دولة الإحتلال يتقدم وفق الإستراتيجية التي رسمها ووضعها لشطب والغاء المنهاج الفلسطيني في القدس بشكل كامل،ويستخدم لتحقيق ذلك سلاح الميزانيات والتمويل والتهديد،والتعيينات للمفتشين الموجهين التربويين والمدراء الذين يتبنون استراتيجيته ووجهة نظرة ورؤيته في أسرلة المنهاج في مدينة القدس،وطبعا جهاز الأمن الإسرائيلي الشاباك حاضر هنا،في عمليات الإختيار والتعيين والموافقة عليها للموجهين التربويين وحتى المدراء والمدرسين،ونحن نشير الى أن هذه الخطة المتدرجة وصلت الى المرحلة الحاسمة في التعدي والحرب على الهوية والثقافة والكينونة والوجود والإنتماء والذاكرة لشعبنا الفلسطيني،حيث العودة بالتعليم الى ما بعد الإحتلال مباشرة عندما سيطر الإحتلال على المدارس الحكومية،وحاول فرض المنهاج الإسرائيلي عليها،ولكن وجود حركة وطنية ونقابية ووعي مجتمعي أفشل تلك الخطوة،حيث أضرب الطلبة عن الذهاب للمدارس لمدة ثلاثة شهور،لتنتصر إرادة الشعب،ويضطر المحتل للتخلي عن ذلك،ويعود التعليم في القدس وفق المنهاج الأردني المعمول به في الضفة الغربية آنذاك،ولينتهي التعليم وفق المنهاج الإسرائيلي بشكل كامل في القدس في العام الدراسي 75 76.
عملية صهر الوعي الطلبة المقدسيين تجري على قدم وساق،حيث مع بداية هذا العام الدراسي سيتم إفتتاح صفوف لتعليم المنهاج الإسرائيلي من المرحلة الإبتدائيةالصفوف الأولى،في العديد من القرى العربية في القدس، وهذا التطور الخطير يؤشر إلى ان الاحتلال مصمم على كسب معركة التعليم بكل الطرق والوسائل،والمصيبة والطامة الكبرى بأن ما يحققه الاحتلال من نجاحات في هذه المعركة،يكشف بشكل جلي انه ما كان لينجح بينت في تطبيق خطته المتدرجة هذه لأسرلة وعي الطلبة المقدسيين،والإنتقال من مرحلة كي وتقزيم الوعي لطلبتنا في مدينة القدس الى مرحلة الصهر،لولا وجود تواطؤ ومشاركة من مدراء وموجهين تربويين ومستثمرين محليين منتفعين يغلبون مصالحهم الخاصة على مصلحة الطلبة والوطن،وكذلك غياب الوعي عند الأهالي الذين سيتعلم أبناؤهم وفق المنهاج الإسرائيلي،فهم ليسوا على إطلاع بمحتوى ومضامين الكتب التي سيدرسها أبناؤهم وفق المنهاج الإسرائيلي،بل ما يصلهم من معلومات بان هذا المنهاج يؤسس ويمنح طلبتهم مزايا في إطار التوظيف والعمل في المؤسسات الإسرائيلية بخلاف المنهاج الفلسطيني،وأيضا هناك قصور كبير من قبل الحركة الوطنية والمؤسسات المجتمعية ولجان اولياء الأمور وقبلهم جميعا وزارة التربية والتعليم الفلسطينية،في رسم استراتيجية شمولية لكيفية مواجهة هذا المخطط . الخطر،ولعل الخطر قائم،ليس فقط من هزيمتنا على جبهة الوعي والذات،بل المنهاج شكل من أشكال السيادة الوطنية.
العام الدراسي الجديد يكشف عن كارثة حقيقة يواجها التعليم في مدينة القدس،حيث نسبة التسرب هي الأعلى في العالم،21 لما فوق الصف العاشر ولتصل الى 50 في المرحلة الثانوية،وكذلك فإن هناك أكثر من 13 من الطلبة 16702 طالب خارج أي إطار تعليمي،والنقص في الغرف الصفية يزيد عن 2460 غرفة صفية،وكذلك تتبدى العنصرية في الميزانيات ومعدل الإستثمار في الطلبة،حيث يخصص للطالب اليهودي 27 الف شيكل سنوي مقابل 20 ألف شيكل للطالب العربي و33 ألف شيكل للطلبة المتدينين،والمبالغ المطلوب توفرها لمواجهة ظاهرة التسرب من المدارس،هي 15 مليون شيكل بحسب تقرير جمعية عير عميم الإسرائيلية لا يتوفر منها سوى 4.1 مليون شيكل.،وقرارات بناء غرف صفية تستجيب للزيادة الطبيعية في عدد السكان في شرقي القدس،رغم قرارات المحاكم المتخذة بذلك،فالبلدية ووزارة التربية والتعليم الإسرائيلية،لم تفي بأي التزام في هذا الإطار،بل النقص في الغرف الصفية يزداد عاما وراء آخر.
في إطار الحرب على المنهاج الفلسطيني،شكلت وحده خاصة في وزارة التربية والتعليم الإسرائيلي،هدفها مراقبة أنشطة المعلمين والمدراء العرب على صفحات التواصل الإجتماعي،ومشاركتهم في الأنشطة اللامنهاجية والثقافية والتراثية،التي تحرص على تربية وتوعية الطالب الفلسطيني بواقعه وتراثه وهويته وتعزز من إنتماءه،وعلى خلفية ذلك فصلت وزارة المعارف الإسرائيلية مدير واحد عشر مدرسا تحت هذا البند،بند التحريض المزعوم.
وهي لن تكتفي بهذا العدد من المفصولين او المهددين بالفصل،بل الحملة ستستمر وتتصاعد من اجل ترهيب وتخويف المدراء والمدرسين،وإخراجهم من دائرة الفعل والثقافة والوعي الوطني،لكي يتحولوا إلى أدوات لتنفيذ مشاريعه ومخططاته في صهر وعي طلبتنا وأسرلته.
التعليم وفق المنهاج الإسرائيلي في مدينة القدس يتقدم والتعليم وفق المنهاج الفلسطيني يتراجع،ونحن يسجل علينا اختراقات وخسارات كثيرة وكبيرة على جبهة الوعي،فالسلطة ووزارة التربية والتعليم الفلسطينية،بالقدر الذي يجب عليها ان تتحمل مسؤولياتها في هذا الجانب،فهي ليست بالطرف القادر على خوض هذه المعركة مع الإحتلال،حيث أنها حتى اللحظة،لم تستطع ان تؤمن أقل من 30 مليون دولار حاجة المدارس الخاصة والأهلية السنوية التي تتلقاها من بلدية الإحتلال،لكي تستطيع إدارة امورها وتغطية نفقاتها،وهذا التمويل المشروط سيف مسلط على رقبة تلك المدارس،سيشكل لاحقا مدخلا مهما لتطبيق التعليم الإسرائيلي على تلك المدارس.ولذلك من يقود هذه المواجهة والتصدي لهذا المشروع الخطير،هم إتحاد لجان اولياء الأمور واللجان التابعة له في كل المدارس،وكذلك القوى والمؤسسات،يجب أن تلعب دورا الى جانبهم في المواجهة،وفي توعية الأهالي بالمخاطر المترتبة على تلقي أبنائهم مثل هذا النوع من التعليم،الذي يسهم في اغترابهم عن بلدهم وتشويه وعيهم ومفاهيمهم وتغيير توجهاتهم وقناعتهم.
بينت لن يكتفي بتطبيق المنهاج الإسرائيلي على مدارس صورباهر وام طوبا وبيت صفافا،بل هي بروفات اذا ما جرى تمريرها ستنتقل الى بقية المدارس الحكومية اولا،يستخدم فيها سلاح المال والإغراءات وتساوق مدراء ومفتشين وكذلك لجان محلية منتفعين واولياء امور طلبة،لتمرير هذا المشروع للوصول الى الهدف بالشكل النهائي،ونكون كمن لف الحبل حول عنقه،والخسارة ستكون في هذه المعركة أخطر من أي خسارة في المعارك الأخرى،الخسارة هنا تعني باننا لن ننجو،بل سنذهب نحو حتفنا بأيدينا.
بقلم/ راسم عبيدات