جولة أخرى من الجولات التي لا تعد ولا تحصى فيما يتعلق بطي ملف الإنقسام الفلسطيني وإجراء عملية مصالحه شامله وبرعاية مصريه ووفقا لما تم الإتفاق عليه سابقا منذ العام 2011 وحتى هذا اليوم، خاصة إتفاق القاهره وإتفاق الشاطيء، يسبق ذلك حل اللجنة الإداريه أساس الخلاف وفق المعلن وتمكين حكومة الوفاق الوطني من العمل في قطاع غزة، ووقف كافة الإجراءات العقابيه بحق قطاع غزة، ومن ثم حل مشكلة الموظفين المدنيين وفقا للإتفاق مع السويسريين والبالغ عددهم 22 ألف موظف ودمج الموظفين القدماء معهم، في حين يبقى التقاعد من نصيب الموظفين العسكريين، يرافق ذلك بحث تشكيل حكومة وحدة وطنية وتحديد موعد لإجراء الإنتخابات الرئاسيه والتشريعيه، وإنتخابات المجلس الوطني الفلسطيني حيث أمكن.
هذه أعلاه عناصر الحل المطروح لإعادة لئم الجرح النازف منذ الإنقلاب الحمساوي في العام 2007 ووفقا للتسريبات الصحفيه...المشكله تكمن دائما أنه بعد الأمل وبعد ظهور عناصر واقعيه للحل ودفن الماضي اللئيم والمؤلم للجميع، تظهر عقبات من حيث لا ندري ولا نعلم وتعيدنا كالعادة للمربع الأول، مربع الإنقسام وكأنه مرض مزمن لا يمكن ولا نستطيع علاجه، ومعها يبدأ كل طرف تحميل المسؤولية للطرف الآخر، ولتجنب هكذا سيناريو فإن على الراعي المصري والمكلف من الجامعة العربية برعاية ملف المصالحه الفلسطينيه أن يبلغ جميع الأطراف بأنه سيعلن رسميا عمن يتحمل المسئوليه في حالة تم تعطيل المصالحه مرة أخرى، وأنه سيقدم ذلك للجامعه العربيه التي ستتخذ قرار واضح ضد الطرف الذي يضع العقبات في طريق التوافق والوحدة الفلسطينيه.
قيادة حماس كما يبدو في لقاءاتها مع وزير المخابرات المصري أعطت الضوء الأخضر للحل عمليا وليس فقط عبر شعارات، وأظهرت إستعداد لحل ما عرف بإسم اللجنة الإداريه ووافقت على جميع عناصر التوافق، ووفق المعروف فقد أصبحت الكره في ملعب المقاطعه والتي لن تتحرك بشكل عملي سوى بعد زيارة واشنطن وإلقاء خطاب الرئيس عباس في الأمم المتحده، لكنها من حيث المبدأ سوف ترسل عضو اللجنه المركزيه عزام الأحمد للقاهره لتؤكد إستعدادها للحل وبالرعاية المصريه.
يبدو أن تفاهمات دحلانحماس كان لها دور أساسي في تسريع المصالحه وفي دفع الطرفين للوصول لنقاط إلتقاء ممكنه خاصة أن عناصر الحل التي تم تسريبها لا جدال حولها بالنسبة للجميع وليس فقط لمجمل فتح ومجمل حماس، الجزء المعارض في حماس لتفاهمات دحلانالسنوار ضغطت بهذا الإتجاه، خاصة أن دولة قطر المحاصره ودولة أردوغان وقفت ضد زعيم حماس في غزة السنوار صاحب عقد هذه التفاهمات، وقيادة حركة فتح وجدت أن البديل عن المصالحه هو أن تأخذ هذه التفاهمات منحنى قد يصل لمفاهيم سياسيه تؤدي لإعتراف دول عربيه وازنه به قد تهدد مركز القرار وتشكل بديل لها، خاصة في ظل الصراعات الإقليميه القائمه وبالذات الموقف من قطر وتركيا، عدا عن الموقف الشعبي في قطاع غزة وبالذات الفتحاوي الذي يريد بقوة إنهاء الإنقسام بعد الضرر الكبير الذي لحق به بسبب الإجراءات العقابيه المتخذه بحق قطاع غزه.
إن ما حدث بين قيادة حماس والدولة المصريه يؤسس لفرصة نادرة للحل ودفن الإنقسام للأبد، وموقف حماس يثعتبر فرصة لا يمكن تعويضها ويجب أخذها بجدية كبيره والذهاب وبشكل عاجل بإتجاه التوافق الكلي ودون وضع عقبات جديده وشروط جديده مثل إلغاء تفاهمات دحلانالسنوار الإجتماعيه، فالإتفاقات السابقه وما وافقت عليه حماس مع القيادة المصريه يؤسس لبدء التنفيذ وليس لإجراء مناقشات جديده، والبحث القادم يجب أن يكون فقط لوضع آلية للتنفيذ وبحضور الكل الفصائلي والمستقل الفلسطيني وعبر اللجان المشكله اصلا لذلك...في حين أي محاولة للحديث عن حوار جديد سيدخلنا في متاهات جديده وسيقتل الفرصه القائمه والنادره.
الوحدة الوطنيه في هذه الظروف الصعبه من حيث الضغوط السياسيه الكبيره، وفي ظل وضع إقليمي يتشكل من جديد ووضع دولي قابل للتغيير بإتجاه تعدد الأقطاب، هي الرد الوحيد على كل المحاولات لتصفية القضيه الفلسطينيه وتدمير حل الدولتين بإسم السلام الإقليمي وبإسم الصفقه الكبرى، خاصة أن الحضور الروسي القوي في المنطقه عسكريا وسياسيا، وحضور البريكس بزعامة الصين إقتصاديا سيكون له دور قادم لا محالة، ولكنيبقى السؤال هل يتم إلتقاط هذه الفرصه ام ستضيع كما ضاعت فرص وفرص.
بقلم/ فراس ياغي