الإحتلال في حالة من الهوس غير المسبوق، ويفرغ من جعبته كل ما هو عنصري ومتصل بالحقد ضد شعبنا الفلسطيني، فهو اقدم على اعتقال ثلاثة امهات فلسطينيات مقدسيات خديجة خويص وسحر النتشة وهنادي الحلواني على خلفية طبخات المقلوبة في ساحات المسجد الأقصى، ولتصبح طبخة المقلوبة الفلسطينية الشهيرة ضمن الممنوعات وفق سياسات الإحتلال وممارساته العنصرية، وربما تسارع المتطرفة العنصرية وزيرة ما يسمى بالعدل الإسرائيلي ايالت شاكيد، الى طرح سن قانون جديد، يحظر على كل فلسطيني، طبخ طبخة مقلوبة وإحضارها الى المسجد الأقصى لأكلها هناك، ومن يخالف ذلك يعاقب بالسجن لسنوات،...،فهذا المحتل يخشى على نفسه من كل ما هو فلسطيني، فمن منع قطف الزعتر والمرمية الى منع طبخات المقلوبة، ولربما تصل الى الأمور بعد ذلك الى منع استخدام السجادة في الصلاة، ويخرج كل من يستخدمها عن القانون، فالسجادة للصلاة لعبت دورا مهما في هزيمة مشروع الإحتلال بنصب البوابات الإلكترونية على أبواب المسجد الأقصى، ومحاولته نصب ما يسمى بالكاميرات الذكية، والمعتقلات الأمهات الثلاثة خديجة خويص وسحر النتشة وهنادي الحلواني، لم يكتف الإحتلال بمنعهن من دخول الأقصى، واعتبارهن ضمن إطار المرابطات، هذه الإطار الذي اعتبره الإحتلال غير مشروع، ولتجري ملاحقتهن واعتقالهن على هذه الخليفة، واليوم جاء دور ملاحقتهن على طبخات المقلوبة واكلها مع العائلات المحتاجة بشكل جماعي في ساحات الأقصى.
الأمور ليست وقفا عند هذا الحد فالإحتلال تتجلى عنصريته بشكل وقح، فيما يرتكبه من جرائم بحق أطفالنا الذين جرى اعتقال اكثر من 90 ألف منهم منذ بداية الإحتلال عام 1967،ومن بعد هبة الشهيد الفتى محمد أبو خضير في تموز2014،تصاعدت عمليات الإعتقال بحقهم، وخصوصا في مدينة القدس، لكي تصبح عمليات اعتقالهم تجري بشكل شبه يومي، هؤلاء الأطفال الذين نصت الإتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقيات جنيف الأربعة وبرتوكولاها لعام 1977 على حماية هؤلاء الأطفال كمدنيين اولا وكأطفال ثانيا وكذلك هي الإتفاقيات الخاصة بحقوق الطفل لعام 1989،والتي نصت على ضرورة الحفاظ على الأطفال وتوفير الحماية لهم، واعتبرت السجن آخر محطة يلجأ اليها في إطار العقوبات بحق الأطفال ولفترة قصيرة،ولكن المحتل هنا لا يأبه لا بقانون دولي ولا بإتفاقيات حقوق طفل، حيث يجري التنكيل بالأطفال الفلسطينيين،من خلال ممارسة كل طقوس التعذيب والإرهاب بحقهم، فمن الترويع والتخويف والترهيب أثناء الإعتقال،والذي يجري من خلال ساحات المواجهة في المظاهرات والمسيرات والإعتصامات من قبل وحدات المستعربين وجيش وشرطة الإحتلال، او من خلال مداهمة بيوت عائلاتهم فجرا، وما يرافق ذلك من إرهاب وترويع للأهل، والذي يصل حد ضرب الطفل والإعتداء عليه امام والديه، ومن ثم الإعتقال والتحقيق معهم بدون حضور احد الوالدين والمحامين،الى احتجازهم في غرف مع الكبار، او مع المساجين الجنائيين، وما يتركه ذلك من تأثيرات سلبية على نفسيات وسلوكيات هؤلاء الأطفال، والأطفال المعتقلين المفرج عنهم بعد التحقيق أو لحين المحاكمة، قد تفرض عليهم الإقامات الجبرية والحبس المنزلي، وهذا ليس فقط يدمر الطفل نفسيا وسلوكيا وإجتماعيا، بل يحول الأهل الى سجانين على أبنائهم ومسجونين معهم، وهناك من الأطفال من يجري ابعادهم عن بيوتهم وعائلاتهم وقراهم ومدنهم، ويمنعون من استكمال دراستهم، او يتم احتجازهم في مؤسسات اجتماعية، تشرف عليها أجهزة الإحتلال، هدفها تفريغهم من محتواهم الوطني، والتعايش مع الإحتلال، إلى الأحكام القراقوشية التي لم يعرفها التاريخ البشري، فعشرات الأطفال الفلسطينيين من سن 12 18 حكم عليهم بالسجن لمدة عشرة أعوام فما فوق لمجرد انهم كما يدعي الإحتلال قاموا بعمليات طعن او حاولوا القيام بعمليات طعن ضد جنود الإحتلال ومستوطنيه، وقد شاهدنا بالأمس محكمة احتلالية تحكم على الطفلين محمد عرفات عبيدات ومحمد احمد هلسة بالسجن الفعلي لمدة 18 عاما وغرامة مالية تصل ل 200 ألف شيكل لكل واحد منهم لمحاولتهم طعن مستوطنتين في مستوطنة ارمون هنتسيف المقامة على أراضي جبل المكبر، وبالمقابل الجندي الصهيوني اليؤر ازاريا قتل واعدم الشهيد عبد الفتاح الشريف بدم بارد وبصورة موثقة امام الكاميرات، دعك من المستويات السياسية والعسكرية والقضائية التي أشادت بعمله وفعلته الإجرامية، والتي طالبت بعدم محاكمته، فبعد طول المماطلة في المحاكمة، وجدنا أنه لم يحكم عليه سوى عام ونصف، سيقضي منها أقل من عام في اوضاع اعتقالية مريحة جدا....أي حقد وأي عنصرية هذه، وأي قضاء هذا،...فعندما خطف المستوطنون الثلاثة الشهيد الفتى ابو خضير وعذبوه وحرقوه حيا في 272014، اثنان من القتلته القاصرين لم يصل حكمهما إلى عشرين عاما لكل واحد منهم، وهو قتل مع سبق الإصرار والترصد، وليس عملية تهويش وخدش وترويع لمستوطنتين،لكي يكون عقاب الطفلين عبيدات وهلسة 18 عاما لكل منهما.
نحن ندرك تماما بانه عندما تكون وزيرة العدل الصهيوني متطرفة وعنصرية كشاكيد، وهي من دعت الى إبادة الأمهات الفلسطينيات، فالأحكام الجائرة بحق اطفالنا والتنكيل بهم ليست بالمستغربة، ولو أقوالها التي تنضح بالعنصرية والتطرف، فلو صدرت عن أي مسؤول فلسطيني او عربي او إسلامي لقامت الدنيا ولم تقعد، وجرى اعتبارها شكل من أشكال العنصرية واللاسامية وإستهداف اليهود كيهود، ولطالبت اسرائيل وامريكا وأوروبا الغربية، بطرد ومحاكمة هذا المسؤول، ولن تبقى مؤسسة حقوقيه او إنسانية اممية، وإلا ستستنكر وستدين تلك التصريحات، اما عندما تصرح بهذه الأقوال وزيرة وأي وزيرة، عدل اسرائيلي، فهذا شيء لا يستحق لا الشجب ولا الإدانة ولا الإستنكار، فإسرائيل ربتها امريكا وأوروبا الغربية، على انها دولة فوق القانون الدولي، تفعل ما تشاء دون حسيب او رقيب، فالعرب والفلسطينيون، هم كم زائد لا أكثر...
والمستغرب ليس كذلك فقدان هذه الدولة الصهيونية لكل المعايير الأخلاقية، بل صمت المجتمع الدولي وكل ما يسمى بالمؤسسات الحقوقية والإنسانية على ما يرتكب من جرائم بحق أطفالنا، وبما يؤكد ان تلك المؤسسات الدولية، ليس فقط تساوي بين الضحية والجلاد، بل وتناصر الجلاد على الضحية، في إزدواجية وإنتقائية معاييرها وقراراتها.
بقلم/ راسم عبيدات