الانتخابات ... وتجديد الشرعيات

بقلم: وفيق زنداح

لا زالت التساؤلات مستمرة ... بفعل تجربة مريرة وقاسية ... وبحكم واقع لا نحسد عليه ... تساؤلات مشروعة في إطار الحقوق ومن داخل وخارج الصندوق ... والتي تحتاج إلى إجابات شافيه وقاطعه وحاسمة ... إجابات تعزز الثقة ... وتبدد المخاوف ... الذي لا زال يلازمنا عبر السنوات الماضية ... حول إمكانية تحقيق المصالحة ... ومدى قدرتنا على تجاوز أفخاخها ... مطباتها ... حفرها العميقة ... أنفاقها وأسلحتها ... ثقافتها ومصالحها ... تعبئتها التنظيمية والفكرية ... إعلامها المؤجج والمتخبط ... سنوات من الثقافة المتناقضة ... والتعبئة المغلوطة ... وما بداخلهما ... وما نتج عنهما من نتائج وسلوكيات وانحرافات لا حصر لها .

مشهد لا زال فيه الكثير من التساؤلات ... في ظل فرحة مكبوتة ... نتاج ما حدث وأعلن من قرارات ... لا تغيب المخاوف ... ولا تؤكد النوايا ولا تعزز الثقة ... ولا تعطي مؤشرا ايجابيا على أن الملفات قد تم حلها ... ووجدت طريقها إلى ما يجب أن تكون .

فالمعضلات المضخمة بعقولنا ... والتي نرى فيها قدسية غالبة بعدم تناولها ... أو التقرب منها ... أو حتى الحديث فيها ... وكأنها مقدسات وثوابت الحديث فيها يزعزع أركانها ... ويزيد المخاوف عليها .. والبحث عن الملاذ الأمن لها ولملفاتها ... بما يحفظ صورتها ومضمونها ووسائلها .

قبل الخوض بالمخاوف يجب أن نؤكد على الثوابت حول الشرعية التي يجب الالتفاف حولها .. والتمسك بها ... والالتزام بقراراتها ... وعدم العبث بها ... وحتى تكون الملفات والقضايا واضحة وثابتة نود طرح النقاط التالية

أولا السلطة الوطنية الفلسطينية ممثلة بالسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية ... وبكافة تخصصاتها الفرعية والأمنية والاقتصادية والخدماتيه .. إضافة لاختصاصاتها السياسية القانونية والإدارية ... سلطة الجميع وعلى قاعدة الالتزام بقراراتها باعتبارها واجب مقدس لا يقبل الجدل والاجتهاد والتأويل .

ثانيا منظمة التحرير الفلسطينية بكافة مؤسساتها المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية تعتبر المرجعية السياسية للسلطة الوطنية الفلسطينية بكافة سلطاتها وتخصصاتها ... وعلى قاعدة المشاركة السياسية الجامعة للكل الفلسطيني داخل الإطار وعبر كافة المؤسسات وبآليات صناعة القرار .

ثالثا كافة الفصائل والأحزاب والحركات السياسية الوطنية والإسلامية مشاركة بكافة الأطر والمؤسسات في إطار منظمة التحرير الفلسطينية ... وحقها الكامل بالقبول أو الرفض حول المشاركة بمؤسسات السلطة الوطنية باعتبارها سلطة انتقاليه ... وليست سلطة دولة .

رابعا لا يجوز ولا يقبل من أي فصيل سياسي أن يأخذ قرارا منفردا حول أي قضية ...على اعتبار أن القرارات تؤخذ على قاعدة المشاركة والتوافق وبالأغلبية الديمقراطية من داخل الأطر والمؤسسات ذات الصلة بتلك القرارات .

خامسا الاتفاق والتوافق على آلية اتخاذ القرارات وحتى لا يفسح المجال للاجتهادات والانقسامات ... وحتى تكون تلك القرارات تعبير عن إرادة جماعية ... حتى وان كانت بأغلبية ساحقه في ظل تحفظ فصيل أو أخر .

كثيرة هي القضايا ... والمخاوف ... والتي لا تختصر ببعض البنود في ظل خارطة فصائلية لها أنظمتها ومقومات قوتها ... وحدود تحركها وهذه حالة فلسطينية فريدة من نوعها ... تراكمت بفعل مسيرة نضال طويل ... صاحبها بعض العلاقات غير السوية ... غلب عليها الكثير من المخاوف والمصالح الفئوية ... والصراعات الخفية والمعلنة .

علاقة الفصائل بالسلطات الرسمية لا زالت تحتاج الى أحكام وقوانين وأطر شرعيه تنظم مثل هذه العلاقات ... بحيث تحفظ للجميع حقوقه وواجباته .

من هنا نصل إلى المخرج الوطني الذي يحفظ للجميع مكانته ودوره ... حقوقه وواجباته ... والذي يؤكد على ديمقراطيتنا .. ووحدتنا ... والمتمثل بخيارنا الديمقراطي بأجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني ... وحتى تكون النتائج الانتخابية ... لا بد من وضع أسس ومبادئ دستور حاكم للعلاقات كافة ... حتى نتمكن من تنظيم علاقاتنا على أسس وطنية وقانونية ... لا تقبل بتكرار ما حدث من انقسام ... وما يمكن ان يحدث في ظل مناكفات وتجاذبات وحملات إعلامية .. تخرجنا عن مسارنا وأهدافنا .

دستور يحكم الجميع ... ولا يستطيع أن يخرج عنه احد ... مهما كانت قوته ... دستور بداخله كافة الحقوق والواجبات ... وأن لا يستند على حالة الانفلات ... والفلتان ... وكأن لكل منا جيش يحميه ... وقانون يحكمه ... وقوة تحمي قراراته .

الشرعيات الفلسطينية والتي تجاوزت مدتها القانونية ... والتي استمرت بفعل توافق الإرادة ... ومتطلبات الواقع السياسي الوطني الاستثنائي تحتاج إلى تجديد ... وهذا لا يعني بالمطلق أننا ضد احد ... بل تجديد الشرعيات الديمقراطية بإدخال الدماء الجديدة ... وتعزيز ثقافة وطنية جامعه ... وإنهاء فصول من الفكر الأحادي والمتسلط ... والذي اضاف لنا أعباء جديدة ... تحملناها بإرادتنا ... وتوافقنا مع بعضنا البعض على قبولها .

الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني تمثل المخرج الوطني الديمقراطي ... الذي يخرجنا من حفر قادمة وقائمة ... ومن مخاوف لا زالت تتصاعد ... ومن فشل متوقع .

انتخابات عامه لا تسبقها شروط ... ولا يتبعها إلا الالتزام الوطني العام بكل نتائجها مهما تكن .

تجديد الشرعيات من خلال الانتخابات العامة محاولة ديمقراطية وطنية لتجاوز عقبات ومطبات يمكن ان تعترض طريق المصالحة ... وتعيد الأجواء إلى سابق عهدها ومناخها الملوث بأحقاد وكراهية وبمناكفات وتجاذبات تصعب علينا الطريق ...لنعود من جديد الى حيث نقطة البداية والحوار حول كيفية الخروج من المأزق .. والذي يتمثل بالعودة الى أصحاب القرار .. اصحاب الشرعية ... وحقهم في منحها لمن يريدون .

بقلم/ وفيق زنداح