بداهة القول ان الشارع الفلسطيني مع المصالحة الوطنية وضد الانقسام الذي دخل عقده الثاني. وما يثير الانتباه ان ردود الفعل الشارع الفلسطيني باتت اقل اكتراثا وأكثر برودة, وربما لن يقتنع ان المصالحة ستحدث, وقد تكون هشة فكلا الفصيلين الرئيسين فتح وحماس يختبئان وراء شعار "الشيطان يكمل في التفاصيل". لذا فالشارع الفلسطيني يعتمر صدره الامل, وان توجسه وشكه ينتفي عندما يرى ترجمة المصالحة بخطوات على الأرض وآجال محددة لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية. والشكوك القائمة وعدم الإفراط في التفاؤل والتنظير والتحليل والتطبيل والتزمير مربوطة بجملة تساؤلات. فهل فجاءة اقتنع كلا الفصيلين باهمية وضرورة مصالحة تراوح مكانها منذ أكثر من عشر سنوات؟ ويدفع أثمانها المواطن في شقي الوطن الضفة وقطاع غزة. وسؤال طرحه علي صديقي المستشار القانوني "معقول إسرائيل وأمريكا توافق او تؤيد المصالحة"
ولا احد يدعي النبوة او القدرة على استقراء المستقبل او يفشي سرا عندما يقول ان كلا الفصيلين حركة التحرير الوطني فتح وحركة حماس في وضع لا يحسدان عليه من حجم الازمات والضغوط من شعب منهك يعاني ضنك الحياة اليومية وسوء الاوضاع الاقتصادية والمعيشية. ومن قوى اقليمية ودولية وتجاذبات سياسية في المنطقة ومن كثرة اللاعبين في المنطقة. فالسلطة الوطنية وصلت الى طريق مسدود في مفاوضتها مع حكومة إسرائيلية يمنية متطرفة تدرك حجم الضعف والوهن العربي, وانكشاف الظهر الفلسطيني من الاهتمام والدعم العربي اللازمين, وتصريحات رئيس وزراء اسرائيل مؤخرا بان اسرائيل تعيش افضل حالاتها وان العالم قد يتفاجا من حجم علاقات اسرائيل فوق الطاولة وتحت الطاولة مع الانظمة العربية, وتصريحات ملك البحرين مؤخرا انه لا يؤيد مقاطعة اسرائيل وسماحه للمواطنين بزيارة اسرائيل, رغم انه نظريا لم يقم علاقات مع إسرائيل, والحديث عن زيارة سرية او لقاء بين هذا الوزير او الموفد العربي مع حكومة الاحتلال , وحركة حماس التي يعاني اهل القطاع من الحصار ومن تضاد المحاور التي كانت تدعم معنويا او ماديا ما يجري في القطاع, قطر التي في صراع مع السعودية ام مصر التي تقف مع السعودية ضد قطر ولها مصالح امنية وحدودية مع القطاع,ام مع تركيا المتفاهمة مع ايران في ملف هنا ومختلفة معها في ملف هناك, فاللاعبون كثر وكل واحد يحاول ان يملك ولو سطرا في الورقة الفلسطينية لأدراك الجميع بمركزية محورية القضية الفلسطينية بالشرق الاوسط, وليس سرا ان محمد دحلان المدعوم اماراتيا والمرضي عنه مصريا له دور صغر ام كبر.
وعليه فان المصالحة بين الفصيلين تصب أولا وبلا شك لصالح الشعب الفلسطيني وخروجه من عنق زجاجة,و مهما كانت الاسباب الموضوعية والمصلحية التي انطلق منها الفصيلين فتح حماس والضغوط الاقليمية والدولية الخارجية التي مورست عليهما ولصالح الفصيلين وشعبيتهما في الشارع الفلسطيني.
ولكن الخوف والشك والريبة وربما الحسرة والألم المؤجلات بعد ترجمة الجملة المرعبة "الشيطان يكمن في التفاصيل" وربما الشيطان يكمن في الاجابة على تساؤل صديقي المستشار عن رضا إسرائيل وأمريكا على المصالحة,وربما هذا السكوت المؤقت ريثما يتم محاولة صياغة حل إقليمي ورؤيا اقليمية بنكهة امريكية وقبول اسرائيلي ولو على مضض حيث كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن ضرورة حل إقليمي ورؤية إقليمية للقضية الفلسطينية وطلب الإدارة الأمريكية مهلة ثلاثة اشهر لصياغة موقف ورؤيا جديدة للحل وربما محاولة إقناع او إجبار الطرف الفلسطيني على قبول الحل الإقليمي. والا فان الأطراف اللاعبة ستعلب بالتفاصيل ويخرج الشيطان من قمقمه.
نأمل ان تتم المصالحة الوطنية وان نحتفل بالذكرى الأولى للمصالحة وبإجراء الانتخابات رئاسية وتشريعية وتفعيل المجلس الوطني و مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني, وان يبقي الشيطان حبيس المؤامرات وما يحاك ضد الشعب الفلسطيني من محاولات ترهيب وترغيب لقبول ما هو اقل من طموح وإصرار الشعب الفلسطيني وقيادته التاريخية بدولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف
بقلم: عبد الرحمن القاسم