عشر سنوات مضت هي عمر الانقسام للان، وترقب مابين تفاؤل وتشاؤم بنجاح الوساطة المصرية بانهاء هذا الملف الذي يمثل عبئا ثقيلا على الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، وبعد ما حلت حماس لجنتها الادارية التي كانت مطلب السلطة ليتراجع الرئيس عباس عن كل قراراته المؤلمة والتي اتخذها بحق سكان غزة ، كان انتظار الغزيين ليستيقذوا في ذاك اليوم او بعد يومين او ثلاث بمراسيم رئاسية ترفع هذا الظلم الممنهج ويعدل الرئيس عن قراراته ، مع التفاؤل كان هناك اجواء من التشاؤم والشك في كل المصداقيات وخاصة ان ذاكرة الشعب لا تنسى عشرات المحاولات واخرها اتفاق الشاطيء ، وربما كان التفاؤل ناتج ليس بثقة ممنوحة لاطراف الخصومة والتناحر ولكن لرياح اقليمية ودولية يطرحها الرئيس ترامب في زيارته للملكة العربية السعودية وما نقله مبعوثية كوشنير وغرينبلات والتي لم يأتي فيها تصريح واحد لدعم امريكي لحل الدولتين ، رياح سياسية وامنية تشكل المنطقة من جديد بظهور الهلال الايراني ودولة كردية وحلف لانظمة سنية موازية اي رسم الخريطة السياسية والامنية للمنطقة ، رياح تتجاوز الطرح الوطني الفلسطيني وتنسف اساسيات الصراع مع الكيان الاسرائيلي ، وتضع كلل القرارات الدولية المتعلقة بالصراع في خزانة التاريخ .
بناء على ما تقدم رسمت قاعدة المصالحة الفلسطينية بانضباطيات لقوى اقليمية ودولية وليست على اسس قناعات باندماج البرنامجين المتصارعين في برنامج وطني واحد ، ومن الملاحظ ان الفلسطينيين بكافة انتماءاتهم وقعوا في مصيدة المنظور الاقليمي والمصالح الاقليمية ، وهذا ليس عيبا في القوى الاقليمية التي تحاول ان تملاء الفراغ والعجز والتعثر والفشل الفلسطيني في وضع معالجات للمتغيرات على الارض والمتغيرات الاقليمية وتطور البرامج الاسرائيلية الاحتلالية التي تصعد من مواقفها واليات تهويدها للارض في الضفة والتصورات المطروحة لمنظور الحلول المطروحة والمرتبطة بالوقائع على الارض بحكم ذاتي وتعاون امني واقتصادي في حدود الاقاليم او المحافظات مع وصاية اقليمية ادارية امنية اقتصادية اندماجية واعادة النظر في اتفاقية باريس للتوسع في اطرافها .
خطاب عباس كان يعني فشل النظام السياسي وقد يكون وداعا للنظام السياسي التي تبرمج الدول الاقليمية تغيير وجوهه بجدولة زمنية وباليات بيروقراطية .
قد نفهم من خطاب نتنياهو ان التقارب الاقليمي مع اسرائيل قفز عن القضية الفلسطينية كقضية وطنية بعمقها التاريخي والقومي وانتقل الى دائرة المصالح البينية ومحاربة الارهاب اولا ورسم خريطة توازن مع ايران والاسرائيليون هم جزء من تلك المنظومة ، اسرائيل تضرب مواقع قرب مطار دمشق وفي نفس الوقت ترسل تعزيزات عسكرية وبشرية وعلمية وعسكرية للاكراد ، وتمتلك مرونة ووجود في افريقيا واسيا .
الفلسطينيون فقدوا كل اوراقهم وما يقال عن برنامج وطني قديما او مشروع وطني الذي هو محل خلاف بينهم في تعريفه .
مشروع المصالحة الذي يبحث العلاقة بين الاجهزة السيادية والموظفين والمعابر والكهرباء كان هذا في مراحله السابقة والتي كانت محل خلافات ، الان انتقلنا لما هو اسوء تراجع الرئيس عن قراراته التي كانت اللجنة الادارية احد مسبباته كما يدعي ، الان في انتظار قيادة فتح والرئيس واجتماعاتهم والكل في حالة انتظار لتراجع الرئيس عن قراراته وما يقال عن لجنة امنية مصرية لتذليل العقبات في تسلم حكومة التوافق مهامها ، ومن ثم استكشاف المصداقية ونقل تقرير للرئيس من الوزراء ... ومن ثم البت في تراجع الرئيس من عدمه ... وبعد ذلك يمكن البحث في قضايا المعابر والموظفين وحرس الرئيس والورقة السويسرية . جدولة زمنية ليس لها سقف محدد، والمط فيها يبدو انتظار نضوج عملية سياسية في نفس سياق ما تم طرحه اعلى المقال .
قضية المصالحة تأـي بالياتها في اطار منظور بيروقراطي مميت في حين ان غزة تحتاج لحل ازماتها وبشكل غير متلكيء: يصرح عضو المجلس الثوري لحركة فتح محمد حوراني إنه سيجري الاتفاق على جدولة زمنية لتنفيذ المصالحة خلال اجتماعات ستعقد قريبًا بين حركتي حماس وفتح...!!! في نفس الوقت يقول وزير المالية في السلطة الفلسطينية، إن موازنة السلطة تعاني من عجز كبير، كما أن السلطة تعاني من تضخم وظيفي، ولا يمكن استيعات 40ألف أو 50ألف موظف جديد من الذين وظفتهم حركة حماس في قطاع غزة..!!!.
اما عضو المركزية ناصر القددوة يقول في لقاء صحفي : لإتفاق موجود وعلينا الإلتزام به أو الاستفادة منه ولكن بطيعة الحال الأمر يحتاج إلى معالجة تفاصيل كثيرة ذات أهمية سياسية وليست تفاصيل فنية هذا هو سيكون المفصل الحقيقي إذا نجحنا في هذا ونأمل أن ننجح وسنعمل على النجاح سيكون الطريق مفتوح أمام خطوات اضافية وسريعة تجاه إستعادة الوحدة وإنهاء الانقسام إذا تعرقل هذا طبعا سيكون هناك اشكال".
طبعا تصريحات غير مطمئنة ولكن في اعتقادي ان الجميع سيلتزم بالمعطيات الاقليمية وجدولتها السياسية والامنية والادارية .
الافق البيروقراطي في وضع المعالجات لن يعطي مصالحة فعلية في الاطار الوطني بقدر انه يتعامل مع ازمات موضعية نشأت عن الانقسام ، في حين ان الخطوة التي قام بها رئيس التسار الاصلاحي محمد دحلان ونائبه سمير المشهراوي بوضع اسس صحيحة وواقعية ووطنية لمعاني المصالحة والتي بدأت بمصالحات مجتمعية ، ومن ثم الرجوع للمبادرات التي اطلقها النائب محمد دحلان تعد نموذجا لاصلاح الحالة الشعبية وهي المهمة وبناء اسس المجتمع المدني من جديد والنهوض به من المهم نضوج فعلها اولا ومن ثم وحدة البرنامج السياسي وعقد المجلس الوطني بتكوين واليات جديدة وانتخاب لجنة تنفيذية تعيد الاعتبار لمنظمة التحرير وباعتبار ايضا ان السلطة هي احد المؤسسات التنفيذية لمنظمة التحرير يتم تعيين رئيس تنفيذي لتوجهاتها وبرلمان انتخابي .... هذا لو نظرنا لحلول وطنية تتجاوز المنظور البريروقراطي لفكفكة الازمات .... ولكن القطار مضى في طريقه وما كان ممكن اصبح الان ليس بالامكان ..... ولتبدأ وتمضي المأساة والتي بدأت ما بعد الهجرة بكيس طحين ، وتنتهي برغيف خبز .... ثم تمضي لحلولاقتصادية امنية في انتظار رواج اقتصادي ومعيشي للمواطن ... ولنفهم سياق تصريحاتنتنياهو لمدينة الخليل والقدس وما يسميه يهودا والسامرة ، وهنا سؤال ... هل هناك طرف فلسطيني يستطيع ان يضع قضية القدس واللاجئين واراضي 48 على طاولة التفاوض الاقليمي الذي سيكون فيه الفلسطينيين طرف ضعيف ... فل يجيب ..؟؟!
سميح خلف