مخاطر تصفية قضية لاجئي شعبنا الفلسطيني

بقلم: راسم عبيدات

يبدو ان مخططات دولة الإحتلال الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ودول اوروبا الغربية لم ولن تتوقف بغرض تصفية قضية لاجئي شعبنا الفلسطيني،تلك القضية التي تشكل شاهدا على جرائم الإحتلال ومسؤولياته السياسية والأخلاقية عنها،وكذلك هي شاهد على تواطؤ المجتمع الدولي وفي المقدمة منه بريطانيا،حيث لم يجر العمل على تطبيق القرار الأممي 194 الذي نص على عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم،ولذلك نشهد نشاطا محموما في اكثر من اتجاه لتصفية هذه القضية،من خلال مخططات التوطين وتقليص خدمات وكالة الغوث للاجئي شعبنا بالذات في سوريا ولبنان وقطاع غزة والضفة الغربية وتعميق ازمة الوكالة المالية،وحتى تصفية هذه الوكالة،وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا،وضمها للمفوضية العامة لللاجئين في الأمم المتحدة،وآخر محاولات التصفية،المحاولات التي تقودها اسرائيل وأمريكا والعديد من الدول الغربية الإستعمارية،بعد الفشل في حل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا،هو العمل على إستصدار قرار من الأمم المتحدة يقوم بالأساس على وقف عملية توريث صفة اللاجئ، بحيث يتساوى أطفال اللاجئين الجدد مع غيرهم من الفلسطينيين ممن لا يحملون هذه الصفة مستقبلا، في خطوة تهدف إلى إنهاء الملف تماما.

الأزمة المالية التي تعيشها وكالة الغوث واللاجئين الفلسطينيين الأونروا،ولا تعيشها باقي مؤسسات الأمم المتحدة الأخرى،تثبت بشكل قاطع بان دولة الإحتلال وامريكا وقوى دولية نافذة أخرى،تقود مخططات تغيير طابع عمل وكالة الغوث واللاجئين الفلسطينيين الأونروا،والمخاطر التي تهدد طبيعة عمل هذه الوكالة ومهامها دفعت باكثر من مسؤول فلسطيني والتي كان آخرها التطرق لهذه القضية الحساسة من قبل الرئيس عباس في خطابه امام الجمعية العامة في دورتها الثانية والسبعين،والتحذير من مخاطر العبث بهذه القضية وتغيير طابع عمل الوكالة ومهامها.

خطوات ومخططات تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر حل وتصفية وتغير طابع ومهام وكالة الغوث واللاجئين الأونروا،واستصدار قرار أممي بوقف عملية توريث صفة اللاجىء...تترافق مع خطوات اخرى،حيث تسعى اسرائيل وأمريكا الى شطب البند السابع من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة،والمتعلق بمناقشة الإنتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني،كذلك ما حدث ويحدث من سيطرة القوى والجماعات الإرهابية على كبرى مخيمات شعبنا في سوريا ولبنان،كما حصل في سيطرة تلك الجماعات على مخيم اليرموك وتدميره وطرد وتهجير أغلب سكانه،وما سبقه من تدمير لمخيم نهر البارد في لبنان،نتيجة التجاء عناصر ما يسمى بفتح الإسلام إليه،بعد قتلها لعدد من جنود الجيش اللبناني،ومن ثم اقتحام الجيش اللبناني له،حيث دمر جزء كبير منه،وشرد اغلب سكانه،وعجلة اعماره وعودة سكانه إليه جرت وتجري بوتيرة بطيئة،وتوسع الإستهداف ليطال كبرى المخيمات الفلسطينية في لبنان،مخيم عين الحلوة،والذي واضح بان ما جرى ويجري به من تصعيد عسكري من قبل الجماعات الإرهابية داعش والنصرة المتحصنة فيه،هو أيضا خدمة لنفس الأهداف التي تجري على صعيد الضغوطات الكبيرة التي تتعرض لها الأمم المتحدة للتصفية النهائية لقضية شعبنا الفلسطيني وجوهر قضيته حق العودة.

والمحاولات الجارية للشطب والإلغاء،لم تتوقف عند هذا الحد،بل نجد ان أيدي مشبوهة،تسعى لعقد مؤتمرات عن ما يسمى الأردن الوطن البديل، تقودها جهات صهيونية وأمريكية متطرفة،وبمشاركة ما يسمى مفكرين واكاديمين ومعارضين أردنيين.

اللوبي الصهيوني العالمي يعمل بكل طاقاته في المحافل الدولية من أجل تصفية وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا يمارس الضغوط على الدول والبرلمانات الأوروبية وغيرها،لكي يحقق أهدافه مستغلا حالة الضعف والإنهيار العربي،وإستعداد العديد من الدول العربية لنقل علاقاتها التطبيعية معها من الجانب السري الى الجانب العلني،وكذلك اللوبي اليميني المتطرف من الإدارة الأمريكية بقيادة كوشنير وغرينبلات وديفيد فريدمان ونيكي هايلي جزء من هذا المخطط والمؤامرة على قضية لاجئئي شعبنا،وعلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا،بغرض تصفيتها وضمها الى المفوضية العامة لشؤون اللاجئين.

ولذلك يجب ان يكون الموقف الفلسطيني حازما وحاسما،برفض حل الوكالة ما لم تحل قضية لاجئي شعبنا وفق القرار الأممي 194،وكذلك يجب ان حث كل دول العالم والضغط عليها من اجل تسديد أقساطها المالية للوكالة،وسد العجز المالي فيها البالغ 126 مليون دولار،وكذلك لا مناص من خوض نضال شعبي وجماهيري ضد تساوق مدير الوكالة سكوت اندرسون،والتي تمس جوهر عمل الوكالة وخدماتها ودورها ومهامها،بما يؤكد أن السيد سكوت اندرسون يخضع لشروط وإملاءات دولة الاحتلال والعديد من الدول المتآمرة معها في هذه القضية،وكذلك علينا التأكيد لاندرسون وغيره من المسؤولين الدوليين ان شعبنا مصمما على التمسك بثوابته الوطنية وخاصة المتعلق منها بحق العودة،والذي يشكل عصب قضيتنا وجوهر مشروعها الوطني،وكذلك التأكيد أيضا على استرداد ما سلب من حقوقنا كلاجئين،والعمل على تطوير خدمات الوكالة المقدمة لشعبنا كما ونوعا،وأيضاص لا مناص من التأكيد عل الوكالة أنشئت بتفوض من الجمعية العام للأمم المتحدة،وهي الجهة الوحيدة مخولة بتغيير تفويضها.

حجم المؤامرة على قضيتنا وشعبنا ومشروعنا الوطني كبير،والمؤامرة على وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين بغرض تصفيتها وشطب وإلغاء توريث صفة اللاجىءجزء من هذه المؤامرة،ولذلك لا بد لنا ان نتوحد معا على مستوى السلطة والقوى والأحزاب والمؤسسات المجتمعية والحقوقية والإنسانية والجماهير الشعبية في مواجهة هذا المخطط الخطير،فحق شعبنا في العودة،هو حق فردي وجمعي وتاريخي وقانوني ولا يسقط بالتقادم،ولا يحق لأي كان العبث بهذا الحق أو إسقاطه،ولذلك الرد الحازم هنا،يكون ليس فقط بتمسكنا بهذه الحق وبقاء الوكالة قائمة،مادمت قضية شعبنا لم تحل،بل علينا ان نسارع في خطوات إنهاء الإنقسام وإستعادة الوحدة الوطنية،لكي نمتلك أوراق القوة التي تمكنها من إفشال هذه المخططات والمؤامرات التي أرى انها لن تتوقف،بل ستستمر مع استمرار هذا المحتل بعنجهيته وغروره،وإصراره على إنكار وجود شعبنا وحقوقه التاريخية في أرضه.

بقلم/ راسم عبيدات