لا يزال الشارع الغزى يطرح الكثير من الأسئلة في ظل الأجواء العملية التي ينتظرها من أجل تطبيق المصالحة وإنهاء الانقسام على أرض الواقع، بعيدا عن الأمنيات، حول مصير العقوبات التي فرضت وطالت كافة مقومات الحياة في القطاع.
فلماذا لا تزال العقوبات مفروضة، صحيح أن قطار المصالحة بدأ يتجه نحو المحطة، إلا أن الشارع يرغب بأن يلمس تغيرات ما خلال هذه الفترة وذلك من باب حسن النوايا، خاصة أن الحكومة وفق ما أكده رئيس الوزراء رامي الحمد الله ستجتمع الثلاثاء القادم في القطاع.
سنرى بعد ذلك ماذا يمكن أن يحصل
وكان الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، قال خلال اجتماعا موسعا للقيادة الفلسطينية، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله الاثنين الماضي: "إن حركة حماس قررت أن تلغي حكومتها التي تسميها لجنة العمل، هي اسمها لجنة عمل لكنها حكومة، كما وافقت على تمكين حكومة الوفاق الوطني من القيام بأعمالها في قطاع غزة أسوة بما تقوم به في الضفة الغربية، والنقطة الثالثة هي الذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية وهذا أمر من الضرورات القصوى، لأننا بلد ديمقراطي ونريد أن نستعيد بأيدينا الانتخابات الديمقراطية، ونرجو الله أن يتم هذا".
وأضاف أبو مازن "هذه النقاط الثلاث وافقت عليها حركة حماس، لذلك سنعرض على القيادات كلها هذا الموضوع من أجل أن تذهب الحكومة إلى هناك لنرى كيف يمكن أن تتمكن هذه الحكومة من القيام بمهامها، وسنرى بعد ذلك ماذا يمكن أن يحصل، وشكرا جزيلا لكم".
التزام بالمصالحة والجهود المصرية
وتعقيبا على ذلك يجيب الحقوقي والسياسي صلاح عبد العاطي قائلا: "صحيح تلك أسئلة مشروعة، لماذا لم يتخذ قرار بوقف العقوبات الجماعية على قطاع غزة والتراجع عن الإجراءات غير القانونية بحق الموظفين والمواطنين والخدمات الصحية والتعليمة والاجتماعية، وإرجاع كمية الكهرباء التي تم تخفيضها من الاحتلال بناء على طلب السلطة؟.
وأشار عبد العاطي في حديثه وفق ما رصده تقرير" وكالة قدس نت للأنباء"، أن ذلك يجب أن يكون كبادرة التزام بالمصالحة والجهود المصرية، وحسن نوايا، والتزام بالتصريحات من الرئيس والحكومة بان هذه الإجراءات مؤقتة، وخاصة ما بعد حل اللجنة الإدارية من قبل حركة حماس، من اجل تعزيز مسار وجهود المصالحة ومنعا لأي التباس أو ترك الأمور على غاربها، ولماذا لم تأتي الحكومة التي صدعت رؤوس العباد بجاهزيتها خلال ساعات لاستلام قطاع غزة ؟ هل يملك القطاع وسكانه ترف الوقت إزاء الأزمات التي تسبب بها الانقسام ؟ نخشى أن التباطؤ في ضوء تعدد التصريحات وتنوعها بين التردد، وعدم الجاهزية والتفاؤل من كل مسؤول على حده؟.
ومن الأسئلة المشروعة وفق ما ذكرها عبد العاطي، هل مرجع هذا التباين والتردد ان حل ازمة السلطة المالية قد جاء على حساب قطاع غزة وموظفيها ؟ هل بقي لدينا حكومة توافق طالما ان مرجعيتها طرف مقرر واحد ولون سياسي واحد وليس الاتفاق التوافق الوطني ؟.
مواصلاً حديثه، وهل باتت اللجنة المركزية لحركة فتح مرجعية الحكومة؟ واين الخطط العملية لضمان تمكين الحكومة من القيام بمهامها ومسؤلياتها في ضوء اسئلة الناس المشروعة ؟ من يدير القطاع الان ؟ ومن المسؤل عن هذا التردد والانتظارية التي طبعت السياسية الفلسطينية والتباطؤ الغير مبرر؟ وخاصة ان القضايا الرئيسة لم يتم تناولها بعد ( الموظفين ، الامن ، التوحيد للمؤسسات ، المشروع الوطني ، الشراكة السياسية ، وتفعيل المنظمة ، الخ ).
وعبر عبد العاطي عن خشيته من تكرار التجارب الفاشلة السابقة من غياب الجاهزية والارادة والقبول بالشراكة واحترام الجهود الوطنية والمصرية التي افضت إلى لحظة تاريخية يجب استثمارها بما يحقق استعادة للوحدة الوطنية، ونأمل من الجميع القيام بمسؤلياته لضمان اتمام عملية المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية والاجابة على احتياجات الناس واسئلتها المشروعة ..
واقع يلمسه الجميع
هذا وأكد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، على أن حركته "جادة في خطواتها نحو تحقيق المصالحة الوطنية وستواصل المضي قدما لتحويلها إلى واقع يلمسه الجميع باعتبارها مصلحة وطنية عليا ومقدمة للبحث في القضايا السياسية الكبرى وسبل تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني العليا."
بينما قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار خلال لقائه مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط نيكولاي ميلادنوف، إن حركته ستقدم كل التسهيلات لإنجاح زيارة الحكومة في كل المستويات.
وقال السنوار إن "حركة حماس اتخذت خطوات فعلية في اتجاهات متعددة لضمان النجاح للزيارة وتوفير الأمن اللازم للوزراء"، مشدداً على أن" قرار حركة حماس هو إنجاح الجهود المصرية واستعادة وحدة شعبنا وإنهاء حالة الانقسام وبذل كل ما يتطلبه ذلك."
بانتظار الحكومة
فالشارع لا يزال ينتظر بكل شوق وأمل، ويتخوف من كثرة التصريحات وما يحدث هو حق وأمر طبيعي بسبب التجارب السابقة، وفي هذا الصدد قال الكاتب الدكتور أيمن أبو ناهية:" يأمل المواطن الفلسطيني ألا يطول انتظاره، وأن يرى قريبًا خطوات متسارعة تعزز الأمل لدى أبناء شعبنا في أننا نسير في الاتجاه الصحيح بتطبيق اتفاق القاهرة، فبعد سلسلة من التجارب المريرة فيما يتعلق بلقاءات المصالحة الفلسطينية لم يعد ينظر الغزيون إلى جوهر المصالحة.
وأشار أبو ناهية وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء"، أن المواطنين أصبحوا يتطلعون إلى تحسين ظروف حياتهم التي أنهكها الانقسام، والحروب، والحصار، ويتطلعون أكثر إلى رفع العقوبات الأخيرة التي فرضها رئيس السلطة على قطاع غزة، وكل تساؤلاتهم انصبت على إمكانية رفع عباس العقوبات الأخيرة التي من بينها الإجراءات بحق موظفي السلطة في غزة، وإمكانية تحسين أوضاع الناس في غزة.
وأوضح أبو ناهية أن المواطنين يأملون تطبيق المصالحة على أرض الواقع بأقصى سرعة، والسؤال الذي يطرح نفسه بهذا الشأن هو: متى سننتهي من الإنجاز الكامل للمصالحة وطي صفحة الانقسام لعقد جلسة المجلس الوطني بوحدة فلسطينية راسخة لإجراء هذه المراجعة الإستراتيجية الشاملة؟!
ونوه أبو ناهية إلى ان الاختبار الحقيقي يكمن بعد هذا الإعلان في تسلم حكومة الحمد الله مهامها في قطاع غزة، والقيام بواجباتها كاملة لحل كل مشاكل الغزيين، من إعادة رواتب الموظفين، وإنهاء محنة انقطاع الكهرباء، وتزويد المستشفيات جميعًا بالأدوية والمعدات الطبية، ثم إعادة فتح معبر رفح حسب ما اتفق عليه بين السلطة ومصر، لأن هذه الأمور إذا تحققت فسيشعر الشعب الفلسطيني عمومًا وفي القطاع خاصة بأن الأمور ستعود إلى مجراها الطبيعي، هذا من ناحية، أما النواحي السياسية المعقدة فمن الممكن حلها بالذهاب الى الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وفق ما هو منصوص عليه في الاتفاقيات.