التطبير بين العادة والعبادة

بقلم: احمد الخالدي

تعد قضية التطبير من القضايا التي كثر اللغط فيها و أخذت حيزا كبيرا بين المسلمين حتى انقسموا إزاءها بين مؤيد و معارض لها من باب إيذاء النفس التي نهى القران الكريم بعدم تعريضها إلى موارد الهلكة حيث قال و لا ترموا بأنفسكم إلى التهلكة وهذا ما اتخذه المعارضون ذريعة لتقوية آرائهم وفي المقابل نجد الجانب الأول يحتج على الآخرين بأنها من شعائر السماء التي يجب تقديسها أو تعظيمها فالكل متزمت برأيه وما يذهب إليه لكننا وفي قراءة موضوعية لا نجد أفضل من العقل نحتج به على الطرفين و خاصة الأول المقدس لهكذا أفعال فالقران الكريم قال ومن أحياها فقد أحيا الناس جميعا والمعروف أن الكثير من البشر يحتاجون للدم خاصة أولئك الذين يقاتلون الإرهاب و تنظيماته المارقة على سواتر القتال فكم يا ترى يسقط الجرحى المحتاجين للدم بغية إنقاذ حياتهم و خلاص روح بريئة من الموت المحقق أليس الأولى بكل من يطبر و يجعل دمه يذهب سدى أن يمنح أخاه في جبهات القتال ديمومة للحياة و يتبرع بدمه لهذا المقاتل الشجاع وهو يقدم أغلى ما يملك من اجل حماية الشعب و الوطن من براثن الإرهاب و الارهابين ثم كم من مريض حياته متوقفة على الدم فمن الأولى على كل مطبر أن يهب الحياة لهؤلاء الأبرياء فيجعل دمه تحت تصرف ملائكة الرحمة الإنسانية لتعيد البسمة و الفرحة لمحيا هؤلاء المرضى الثلاسيميا ومن هنا تخرج حقيقة المواقف النبيلة و الأصيلة للإنسان فإن كان تطبيره خالصا لله تعالى فليعمل بما يمليه عليه عقله و إنسانيته و تعاليم السماء فيهب الحياة لكل محتاج إليها و إن كان خلاف ذلك وقد جعل التطبير على نحو العادة و الرياء و التفاخر بين الناس فتلك عادة سيئة نهى عنها ديننا الحنيف بل قد جعلها من عمل الشيطان فالرياء و التفاخر من الأمراض الفتاكة التي تعصف بالمجتمع فتقلب عاليه سافله لما له من وقع كبير على أفراد المجتمع لأنهم بأفعالهم تلك سيدخلون في دائرة مفرغة و عبودية خالصة لوجه الشيطان ربهم الأعلى و ليس لوجه الله سبحانه و تعالى فلو تنزلنا جدلا و قلنا أن هو يطبر قربة للسماء فعليه أن يحذر من الرياء و يقوم بتلك الأفعال بعيدا عن مرأى المجتمع حينها يمكننا القول عنه أنه يعمل لآخرته و إذا كان لا يستطيع ذلك فحتما هو ممن اتخذها على سبيل العادة التي لا جدوى منها وقد أعطى المحقق المهندس الصرخي الموقف الصحيح للإسلام تجاه التطبير خلال الاستفتاء الذي صدر منه في 8 من محرم 1439 هـ الموافق 29 9 2017 قائلا بسم الله الرحمن الرحيم

السلام على جد الحسين وعلى أبيه وأمه وأخيه، والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين

لقد ذكرنا في أكثر من مقام موارد مشروعية التطبير، وفي هذا المقام نلزم أعزاءنا بعدم التطبير، ومن كان في نيته التطبير وكان عاقد العزم عليه فليتوجه إلى أي مشفى أو مركز صحي للتبرع بالدم لمن يحتاجه من المرضى الراقدين ومن جرحى التفجيرات الإرهابية ومصابي قواتنا المسلحة التي تقاتل الإرهاب، وأما من صار التطبير واجبا عليه بعنوان ثانوي وكانت نيته خالصة لله تعالى وخالية من الرياء فليقم بذلك في بيته أو أي مكان بعيدا عن مرأى الناس ، وستكون هذه فرصة مناسبة لمعرفة أن ممارسته للتطبير هل للعادة والواجهة والرياء أو أنها خالصة لله ونسأل الله التوفيق للجميع وقبول الصلاة والزيارة وصالح الأعمال .

بقلم/ احمد الخالدي