(لا بد لنا ونحن في هذا المقام ان نُشَجِعَ مسيحيي الشرق ، وخاصة في بلدنا فلسطين وغيره ، على التشبث بتراب الوطن ، ميراثنا الشرعي من أجدادنا وآبائنا ، وليس لأحد غيرنا أي حق فيه ، هذا وطننا ونحن فيه منذ آلاف السنين ، وجذورنا فيه عميقة لا يمكن إقتلاعها ، وسنظل راسخين فيه الى نهاية العالم)
القدس مَهبِط الوحي والإلهام ، محط أنظار المسحيين والمسلمين وآمالهم، وتحاول اسرائيل اغتصابها من اهلها الشرعيين والاستيلاء على مقدساتها الاسلامية والمسيحية، وتسعى جاهدة بكامل ثقلها لتهويد القدس، ولكن هذه المدينة العظيمة لم تكن لهم، ولا هم بنوها، ولا هم سكنوها، ان الصهاينة يزوّرون التاريخ ويُخضِعون الحقائق لاطماع التوسع والتسلط، ويجعلونها مَطية لهم الى اطماع سياسية واقتصادية، لا يربطها بالدين رابط، ولا بالاخلاق شاهد.
ان التعصب الصهيوني العنصري المعادي لجميع الاديان والشعوب لم يُنتج الحروب والاضطرابات التي شهدها الشرق الاوسط منذ الاربعينيات من القرن الماضي فحسب، بل هو ايضا بتطلعاتِه وعدوانيتِه وأطماعه، يمهد الارض لصراعات عرقية ودينية وسياسية في الحاضر والمستقبل، وان شَلَ التعصب العنصري بالحق والشرعية قبل ان يمتد الى مقدسات الغالبية العظمى من شعوب العالم، واجب على كل الشعوب والامم والدول وواجب علينا قبل الجميع.
ان الرسالتين المسيحية والاسلامية ارستا قواعد العدل بين الناس وحرّمتا الظلم بكل انواعه واشكاله، وان الحضارة التي بناها المسيحيون والمسلمون تُشكل تجربة حضارية رائدة في التسامح والشكل الحضاري الانساني، وان هذا ما يؤهلها لتعلب دورها الرائد الذي يُعَدُ نموذجاً فريداً لحوار الحضارات، وقبل هذا التسامح والتكامل في تاريخنا العربي الحضاري لا يزال واقعاً معاشاً خاصة في فلسطين.
ولا بد لنا ونحن في هذا المقام ان نُشَجِعَ مسيحيي الشرق، وخاصة في بلدنا فلسطين وغيره، على التشبث بتراب الوطن، ميراثنا الشرعي من أجدادنا وآبائنا، وليس لأحد غيرنا أي حق فيه، هذا وطننا ونحن فيه منذ آلاف السنين، وجذورنا فيه عميقة لا يمكن إقتلاعها، وسنظل راسخين فيه الى نهاية العالم.
ان مسيحيي فلسطين يَعون وعياً عميقاً بأنهم عرب فلسطينيون، فالعروبة هويتهم الراسخة وثقافتهم عربية اسلامية بحكمِ العيشِ المشتركِ على ارض فلسطين الطاهرة، وان النضال الوطني الفلسطيني المشترك بيننا غايتَهُ الحصول على حريتنا واستقلالنا لاقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
إننا نحتاج اليوم كمسلمين ومسيحيين الى بث الوعي والاقتداء بالاباء الذين وهبوا دمهم على أرض الوطن من اجل الحرية والاستقلال ، وعبر الاجيال ذادوا عن حِياضه، وكان المسلمون والمسيحيون في خندق واحد. فلنوطد الوحدة الوطنية، ولننبذَ التعصبَ والعنفَ والتطرفَ والارهابَ بكل اشكاله، وبقلب واحد نصلي الى الله تعالى لينشر أمنه وسلامه في ارجاء الوطن الحبيب ويمنح جميع القادة وعلى رأسهم الأخ الرئيس محمود عباس، الحكمةَ وسدادَ الرأيِ، لما فيه خير البلاد والعباد.
بقلم:د.حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي