يبقى السؤال في نهاية المطاف هل يمكن توظيف المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية في خدمة مشروع سياسي قابل للحياة في ظروف في غاية التعقيد تمرّ فيها القضية الفلسطينية والمنطقة كلها.
لا شك نحن نرحب باتفاق المصالحة وما تضمنه البيان الختامي للقاء الاخوة في حركتي فتح وحماس من اجل طيّ صفحة الماضي بفضل الجهود المصرية ، ونحن نتطلع الى توظيف هذه المصالحة في خدمة المشروع الوطني الفلسطيني.
من هنا نرى ان تطبيق اليات اتفاق المصالحة يشكل نقلة نوعية نحو وضع أفضل يأخذ في الاعتبار بلورة استراتيجية وطنية تستند لكافة اشكال النضال الوطني ومواجهة الضغوط الإسرائيلية والأمريكية ، وخاصة في ظل الحديث عن مشروع امريكي يستهدف القضية الفلسطينية .
لذلك فأن التوقيت بشكل عام للاتفاق الفلسطيني في القاهرة يوفر عناصر دافِـعة للخروج من مأزق الانقسام الفلسطيني، يُـمكن القول أيضا أن المفاجأة ليست في عامل التوقيت وحسْـب، أو العناصر التي سهَّـلت التوصـل إلى هذا الاتفاق، بل أيضا في المضمون، وهذا يتطلب وقفة من كافة الفصائل والقوى الفلسطينية التي ستجتمع عما قريب من اجل البحث في بعض المفاهيم والخطوات التي وقـعت عليها حركتي فتح وحماس، من حيث المبدأ، ولم توقِّـع عليها بعد الفصائل الفلسطينية الأخرى سوى انها رحبت بما ام التوصل اليه ، فهناك عدة استحقاقات يجب على الجميع الوفاء بها، منها الاسراع في عقد المجلس الوطني الفلسطيني من اجل انتخاباب لجنة تنفيذية وتفعيل وتطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على ارضية شراكة وطنية ورسم استراتيجية وطنية وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
ونحن اليوم نتطلع الى استكمال الحوار بحضور جميع الفصائل نؤكدا على اهمية تشكيل حكومة انتقالية أولويات رئيسية، وهى تهيئة الظروف لانتخابات رئاسية وتشريعية والإشراف على تنفيذ بنود الاتفاق وتسوية القضايا الأمنية والإدارية، الناجِـمة عن الانقسام الفلسطينى وتوحيد مؤسسات السلطة الوطنية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقُـدس والاستمرار في بَـذْل الجهود التي تهدِف إلى إنهاء حصار الاحتلال لقطاع غزة وإعادة الإعمار.
وفي ظل هذه الظروف نرى ان الاتفاق التي جرت بين حركتي فتح وحماس، وهما الفصيلان الأكبر فلسطينيا، وليس اتفاقا بين كافة الفصائل الفلسطينية، رغم أن بعض البنود تتعلّـق بمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي المنظمة التي تجمع كل القوى الفلسطينية، دون حركة حماس والجهاد، وأيضا تتعلّـق بالأجهزة الأمنية، وهو أمر يخص الجميع، وليس فقط فتح وحماس، ونحن نأمل ان يتوفر مناخا إيجابيا لإنجاح المصالحة برمتها، مما يتطلب الوقوف امام المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ، هذا الشعب الذي يخوض معركة التحرر الوطني ،فإن دحر الاحتلال ووحدة الشعب وتقرير المصير بإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس، وضمان عودة اللاجئين،
ودمقرطة النظام السياسي الفلسطيني وحق الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال والتمسك بالشرعية الدولية وقراراتها واستحضار الدعم العربي والدولي لإسناد كفاح الشعب الفلسطيني يشكل المصالح الوطنية العليا التي علينا التمسك بها وتقوية حضورها اليومي، فتوحيد نظرتنا كشعب وقوى سياسية واجتماعية للمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني يحتل اهمية قصوى في تقليص زمن العذابات التي يعاني منها وفي تقريب زمن تحقيق اهدافنا.
ختاما : نرى من الضروري ونحن نتطلع الى البيان الختامي للمصالحة بين الاخوة في حركتي فتح وحماس ، ان يكون هناك استراتيجية تتبنى وثيقة الوفاق الوطني وتستند الى التصدي للتحديات الجسام التي تجابه الواقع الفلسطيني والتي يأتي الاحتلال ومشاريعه السياسية وغطرسته العسكرية بما فيها المشروع الامريكي الذي يتحدث عنه الرئيس ترامب في ظل استمرار الاستيطان من خلال مصادرة الاحتلال للأرض والتاريخ ، تقع عملية التصدي في سلم اولويات الشعب الفلسطيني الوطنية باستعادة حريته واستقلاله من خلال استراتيجية سياسية وكفاحية تصون الاهداف الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني لتصبح المعيار الجماعي لموقف القوى والفصائل وأداة القياس والحكم على الممارسات.
بقلم/ عباس الجمعة