الخارطة السياسية والحزبية الفلسطينية .....بقدمها ...وما صاحب انطلاقة الثورة الفلسطينية وما جاء بعدها .....من حركات وجبهات وأحزاب .
الخارطة السياسية الحزبية القديمة .....والتي تشكلت على أرضية عقائدية أيدلوجية وطنية ....تمثلت بالشيوعيين البعثيين والقوميين والإخوان المسلمين ...لكل هؤلاء جذور تاريخية سابقة ..... على انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة التي انطلقت بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بالأول من يناير 65 .... وما واكب تلك الفترة من تأسيس للجبهة الشعبية بالعام 67 ....وما تلا التأسيس من اجتهادات وانشقاقات..... ولدت العديد من الجبهات والتي لا زالت تشكل جزءا من مفاصل الحركة السياسية الفلسطينية .
مرحلة الستينيات والسبعينيات وما طرأ من تأسيس لأحزاب وجبهات ذات صلة بأنظمة عربية مثال الصاعقة التابعة لحزب البعث السوري ....وجبهة التحرير العربية التابعة لحزب البعث العراقي والعديد من الجبهات والحركات التي تأسست وانطلقت بفعل متغيرات اقليمية ودوافع وطنية مع ظهور تيارات الإسلام السياسي وعلى رأسها حركة حماس ....وحركة الجهاد الاسلامي .
نحن لسنا بصدد سرد تاريخي للحركات والجبهات والأحزاب ....لأننا نتحدث عن عقود ماضية تأسس فيها جميع أو الأغلبية العظمي من الحركات والأحزاب والجبهات ....ومعظمها ذات جذور تاريخية وعقائدية وأيدلوجية ....الا أن التقييم والقياس لا يستند الي تاريخ التاسيس ....ولكن يقاس وجود الحزب أو الحركة أو الجبهة بمدي نجاعة مسيرتها واتساع قاعدتها الجماهيرية .....ومؤثرات فعلها السياسي ....والكفاحي ....والجهادي ....بحكم ظروف وتحديات ومناخ سياسي حكم كافة النشاطات التي عملت بها تلك القوي عبر العقود الماضية وحتي مرحلة أوسلو ...وتأسيس أول سلطة وطنية فلسطينية .
ما بين الثورة وشعاراتها وأدواتها .....والقوي السياسية الملتفة حولها ....وما بين مرحلة السلطة ....وبناء الدولة والقوي السياسية الداعمة لها ....والمؤمنة بمشروعها ....سنجد الفارق الكبير ....كما سنواجه بمتطلبات أكبر ....تفرض فكرا وفعلا ومنهجا سياسيا ثقافيا اعلاميا .....مختلفا ومغايرا لما كان قائما .....بقدم القوي السياسية القديمة ....وما يستجد من متطلبات واجتهادات .....بحكم متغيرات وتفاعلات وإبداعات اجتماعية وفكرية وثقافية .... تتولد بفعل حركة التاريخ .....وإفرازات المجتمع ...والتي تعطي الحق ....بل تفرض الواجب الوطني..... لكي يأخذ من يروا بأنفسهم امكانية الفعل والنشاط وتقديم انفسهم ....من خلال فكر متجدد ...وبرنامج عملى .....ومسئولية عالية ....تم استخلاصها بحكم تجربة طويلة ....استفادت من أخطاء الأخرين .....وقامت بالبناء على تراكمات تجارب سابقة .....أفكارا جديدة لا تتصارع مع أفكار غيرها ....وقيادات شابة وفاعلة ....تري في نفسها امكانية الحضور والفعل والعمل الوطني بروح جادة ...واستخلاصات تامة ....وتجربة أوصلت الي مرحلة قناعات راسخة .....أن بالامكان المنافسة ....وممارسة الديمقراطية وتأسيس أحزاب جديدة ....أحزاب ليست زيادة بالعدد القائم..... ولكن زيادة بالكيفية والنوعية والقدرة على العطاء والفعل والانجاز .
صحيح أننا بمرحلة تحرر وطني .....ولم ينجز مشروع الاستقلال والسيادة الكاملة لكن الصحيح أيضا أننا ومنذ أكثر من عقدين ...ومنذ تأسيس السلطة الوطنية ....بكل مؤسساتها وقدراتها التي اشادت بها مؤسسات دولية عديدة ....وما تواجد منذ تأسيس السلطة وما تأسس من أحزاب حركات وذات صلة بحركات قائمة .....حتي تعطي لنفسها مساحة من التحرك .....وفق حسابات جديدة لا تحسب عليها ....ولا تؤخذ على الحركات القديمة وهذا ما تم بالفعل .....دون أن يعرف أين أصبحت أمور هذه الأحزاب ....لأن ولادتها وتأسيسها قد جاءت لإعطاء مزيد من الحرية والتحرك ....في ظل ارتباط عقائدي وسياسي .....مع حركات قائمة وقديمة .
ما نتحدث عنه اليوم ليس له علاقة مباشرة بحركات وأحزاب وجبهات قديمة ....كما ليس له علاقة بأحزاب وحركات تأسست في ظل السلطة الوطنية .....وحركات تأسست في ظل الانقسام الاسود .....والذي ولد العديد حتي أصبحت الخارطة السياسية الحزبية الداخلية خارطة متناقضة ...متضاربة.... ذات برامج متعددة ...وأولويات مختلفة ....وشعارات تختلف ما بين فصيل وأخر .
أهمية طرح فكرة تأسيس أحزاب جديدة.... ليست أحزاب بديلة ....ولا انشقاقات جديدة .....أحزاب لها طابع المرونة والتحرك والفعل الوطنى .....احزاب لها قدرة على مخاطبة الاخر ....أحزاب لا يكتنفها الغموض ....ولا يسيطر عليها الجمود .....أحزاب بمنطلقات وطنية داخلية....وببرامج يفهم منها الانسان باعتباره الوسيلة والهدف .....أحزاب لها ضوابطها ....وعقيدتها ....وأفكارها .
هياكل تنظيمية ذات مفاصل قوية ....وذات اليات واضحة ومحددة ....محكومة باطار تنظيمي ومبادي وأهداف واضحة .
لأنها حركة المجتمع وتطوره ....وظهور فئات وشرائح جديدة ....وقيادات شابة ذات قدرات فكرية ابداعية ووطنية .....يجعل من الأهمية امكانية تأسيس أحزاب جديدة .....وعدم ترك الخارطة القائمة يتقاسمها .....ويتقاذفها من وجدوا أنفسهم عبر التاريخ .....حتي وصلوا للواقع ...وما أصاب البعض منهم من جمود وترهل ....يحتاج الي إعادة إنتاج أنفسهم بصورة ومضمون جديد ....وبفكر وأهداف قادرة على امتلاك أدوات التأثير الايجابي .....ومخاطبة الناس وفق احتياجاتهم وظروفهم وثقافتهم .....بما يلبي ويحقق طموحاتهم الوطنية .....واحتياجاتهم الانسانية .
ليس المطلوب حزبا فكريا عقائديا .....لفئات محددة ....ولمستويات معينة الهدف منها مسميات جديدة وعدد اضافي ....ومحاولة للوجود والتواجد على أرضية لم تعد صالحة ....ولم تمتلك من مقومات القوة ....ما يوفر لها قوتا وفكرا وثقافتا وتأثيرا يمكن البناء عليه .
ما سبق طرحه ليس فكرة واردة لدي الكاتب ....أو غيره ...لكنها أفكار مطروحة يتم تداولها ونشرها ما بين الحين والأخر حول طموح البعض .....أو رغبة البعض ...أو توجه البعض بتأسيس حزب جديد حزب قادر على استيعاب كافة الطاقات والكفاءات والقدرات الموجودة والنهوض الفكري والسياسي ....الثقافي والاجتماعي ....الاقتصادي والاعلامى بكافة مناحي المجتمع ومتطلباته الملحة .....حزب يستفيد من تجارب الاخرين وقصورهم ....وحتي عجزهم وعدم متابعتهم..... وحتي غياب نشاطهم ووجودهم ....الا عبر البيان والمسيرة .....ورفع العلم الحزبي ....وفي مناسبات محددة وعبر مانشتات الصحف والمؤتمرات الصحفية.
أدوات ووسائل لها فعلها وتأثيرها..... لكنها غير كافية ولا تلبي المطلوب من هذا الحزب أو الحركة او الجبهة .....لأن الزمن لا يعمل للوراء ....ولكن الأيام تأخذنا الي حيث التحديات والمستجدات ....والي حيث المنافسة الديمقراطية ....والدخول بانتخابات جديدة ....لا يفيد فيها الحديث عن التاريخ ...ومسيرة الكفاح الطويل.... وعدد الشهداء والأسري والجرحي ...ولا يفيد الحديث عن المؤسسين الشهداء منهم والأحياء برغم عظمة ذلك .....بل وأهمية ذلك ....بل وشرف ذلك ....الا أن هذا لا يكفي ......ولا يلبي كتابة برنامج انتخابي يستجيب لتطلعات ومتطلبات الشباب ....والأجيال .....بعد مرحلة قاسية ومريرة سقطت فيها الكثير من الشعارات ....والتعبئة الفكرية ...التي لم تلبي طموحات وأهداف هذه الأجيال .
الاحزاب والحركات السياسية تحتاج الي قدرات عالية للاستنهاض والنهوض ....بكافة طاقاتها وعلى كافة المستويات .....وهناك من جددوا أنفسهم .... حتي ولو بعد زمن وأخذوا بالمستجدات والمتغيرات الدولية والإقليمية ....وأحدثوا بفكرهم وأيدلوجيتهم ما يتناسب وأرضيتهم الوطنية وأهدافهم .....وهناك من يجدون أنفسهم بحالة جمود ....والاخرين الذين يجدون أنفسهم بحالة من الاصلاح والتجديد .
واخيرا وليس أخر .....هناك من يجدون أنفسهم بمرحلة التأسيس الجديد بصورة مختلفة ....وبخطاب مغاير ...وبفكر سياسي وطني..... يستند لمقومات ثقافية.... ومرتكزات اجتماعية ....وأدوات اقتصادية....تستطيع أن تستثمر أجيال عديدة تم إهمالها وعدم الاستفادة من خبراتها المتراكمة .
رؤية شاملة ومعمقة ....تحتاج الي المزيد من الاغناء..... وتراكم التجارب والاستخلاصات بما يعزز من المنطلقات والوسائل والأدوات ....وحتى تخرج الفكرة من الإطار النظري ...لتكون أمام خيارات عملية لذوي الرغبة ...والرأي..... والقرار .
ما تم طرحه فلسفة فكرية ....واجتهاد كاتب ....ليس أكثر ولا أقل ....ومحاولة فكرية ثقافية ....لتحريك المياه الراكدة ....وعدم الوقوف أمام خارطة قديمة .....لا زالت على حالها ....دون أن تمتلك قدرات التغيير والمتابعة .....والاحساس العالي بالمسئولية .
الناس بكافة فئاتهم وشرائحهم لا يهتمون بالأيدلوجيا والأفكار.... ولا حتى بالتاريخ الطويل .....ومسيرة الكفاح ....وهناك من الأجيال التي لا تعرف عن الشيوعيين ولا القوميين ولا البعثيين ولا تعرف عن جذور الإخوان المسلمين .....كل ما يتم هو الحديث بذكري انطلاقات سياسية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح .....باعتبارها قائدة الثورة المعاصرة ....ومن معها من جبهات وأحزاب تولدت داخل إطار منظمة التحرير ....وهناك حركات سياسية ذات بعد اسلامي وطني على رأسهم حماس والجهاد الإسلامي .
هذه الخارطة السياسية الداخلية ....وحتى نكون أكثر صدقا وصراحة ....في ظل مرحلة التحرر الوطني نحتاج الي طاقات وجهد الجميع ....لكننا نتحدث على مرحلة بناء دولة لها احتياجاتها ....لها فكرها والطاقات المطلوبة لها ....دولة بمؤسسات وقوانين وأنظمة ....تحتاج الي كفاءات علمية ....وقدرات ثقافية ....وطاقات إعلامية وبحثية ....طاقات تكنولوجية تواكب العصر ....وتخرج عن اطار التقليد ...وبعض المؤروثات ...حتي لا تتشكل فيروسات اجتماعية تضرب المجتمع من جذوره .
الوطن يحتاج في قادم الأيام ....أو قادم الزمن ....أو ما بعد الانتخابات القادمة ....إلي أدوات مختلفة..... والي خطاب مغاير ....والي جهد وطاقات وإبداعات وابتكارات لم نعتاد عليها .....ولم نمارسها..... ولم تؤخذ باعتبارنا في ظل صرخاتنا العالية ....وشعاراتنا الكبيرة ...وأهدافنا التي يطول الشرح فيها .
مرحلة قادمة تحتاج إلي كل ما هو جديد ...والي كل ما هو مغاير ...والي كل ما هو قادر على استخلاص تجارب سابقة ....ووضع خطط مدروسة ....وفق إمكانية متاحة ....وإرادة قوية حتى نتمكن من تجاوز الكثير من التحديات والمصاعب التي يطول شرحها .....والتي تتعدي حدود إمكانياتنا ....لكنها لا تتجاوز طاقاتنا وفكرنا ....وإرادتنا ...إذا ما كنا على نية تحقيق ما نريد .
بقلم/ وفيق زنداح