محمد علي سعيد كاتب وأديب وناقد فلسطيني أصيل وملهم ، راسخ الجذور ، مرهف الاحساس ، ضليع في اللغة وحارسها الأمين ، طويل النفس ، لم يدع يراعه يفلت من يده منذ أن اقتحم محراب الأدب ، ولبسته ربة الالهام والابداع .
انه أحد الأسماء الأدبية والتربوية البارزة والحاضرة بقوة في الساحة الثقافية في هذه الديار ، وينتمي الى جيل السبعينات من القرن الماضي . وكنت تعرفت على كتاباته من خلال صحيفة " الأنباء " المحتجبة ، ومجلة " الشرق " ومجلة " مشاوير " وغيرها من الصحف والمجلات الأدبية والثقافية .
محمد علي سعيد شخصية أدبية وثقافية تفرض الاحترام والاعجاب والتقدير بلا قهر ولا اغتصاب ، والذين لا يعرفونه لا يستطيعون أن يزنوه بكتبه ومؤلفاته وأعماله ومنجزاته الابداعية والنقدية والبحثية وحدها ، فأبو علي أعظم من آثاره كلها ، وانسانيته الخصبة تتجلى في حياته أكثر من مؤلفاته وأدبه الرفيع ، ولم ير الناس منه سوى ومضات ، فتكفي روحه وابتسامته وقلبه ونطافته ودماثته واستقامته للحكم على أصالته الأدبية وهمته العالية وانسانيته الرحبة العظيمة .
ما يميزه صدقه وعفويته وانسانيته وصراحته المعهودة ، وقدرته على الاطراء في مكانه الصحيح ، ولا يخشى لومة لائم في قول كلمة الحق ، وكما قال عنه صديقي الكاتب والشاعر الفحماوي أحمد مصطفى كيوان : " محمد علي سعيد بمثابة العقد الفريد بين الأدباء والآصدقاء بسبب ما تمتع به من صفات كثيرة وحميدة من النادر أن تتجمع في شخص واحد ، انه وبدون مجاملة ، انسان حقيقي ووطني نظيف وأديب مبدع وعلى خلق عظيم " .
محمد علي سعيد من مواليد العام ١٩٥١ في قرية البعنة الجليلية ، لوالدين أصلهما من قرية شعب التي نزح أهلها العام ١٩٤٨ ، ويقيم منذ العام ١٩٧٥ في طمرة بالجليل .
تعددت اهتماماته في المجالات والابداعات الأدبية والثقافية ، قصة ومسرحاً ونقداً ولغة وتراجم ، عدا المقالات والدراسات التي وجدت طريقها الى شتى المنابر الثقافية والمواقع الأدبية والصحفية . وقد أغنى أدبنا ومكتبتنا الفلسطينية باعماله القصصية وكتبه الادبية والنقدية والمسرحية واسهاماته في العملية التربوية والتعليمية بمؤلفاته " الرائد ، فهم المقررء ، ويوميات المطالعة " .
وكان قد أصدر كتابه الأول " مسافر في القطار " العام ١٩٧٢ عن مكتب السلام في عكا قبل ان يتحول لمؤسسة " الأسوار " بادارة العزيزين يعقوب وحنان حجازي ، وما زال معين قلمه فياضاً متدفقاً .
أنيطت بمحمد علي سعيد مهمة سكرتير تحرير مجلة " الشرق " ومن ثم رئاسة تحرير ومدير المجلة بين السنوات ١٩٩٠ - ١٩٩٤، وساهم في تعميق مشروع التوثيق والنشر واصدار الاعداد الخاصة بابداعات اعلامنا وتكريمهم وهم على قيد الحياة ، ومع صدور العدد الثاني من المجلد التاسع والثلاثين عاد من جديد ليتولى رئاسة مجلة " الشرق " خلفاً للأديب والشاعر العبليني الراحل جورج نجيب خليل ، وبقي ارتباطه مع المجلة وشيجاً ووثيقاً حتى احتجابها وتوقفها عن الصدور .
وانتخب محمد ايضاً عضواً في مؤسسة " الأسوار " ومركز ثقافة الطفل المنبثقة عن المؤسسة بادارة السيدة حنان حجازي .
محمد علي سعيد حظي بمحبة كل المبدعين وأصحاب القلم وأهل الثقافة ، وقد فتح أبواب غرفة مكتبته لكل الدارسين في الجامعات والمعاهد العليا والمتخصصين في الابحاث ، فكان عوناً وسنداً لكل المواهب الأدبية المزهرة التي تحتاج الى دعم ومؤازرة والأخذ بها نحو عالم الأدب والابداع ، وهو يدهشك بمعرفته بتفاصيل الحركة الثقافية المحلية واطلاعه على ما هو جديد في المشهد الثقافي العام .
وكان محمد علي سعيد اصدر قبل فترة من الزمن معجمه عن شعراء فلسطين ، وهو اضاءات مشرقة على سيرة وحياة وأعمال معظم شعراء الوطن ، ويشكل مرجعا هاماً لكل الباحثين والمهتمين بالحياة الأدبية والشعرية في البلاد .
محمد علي سعيد كنز من كنوزنا الثقافية النفيسة التي لا يمكننا الاستغناء عنها ، وعن جهوده الطيبة والمباركة في خدمة الثقافة والمثقفين ، الأدب والمتأدبين ، فهو عقل راجح ، وفكر متقد ، وشاخص أدبي ، وروح هائمة بحب اللغة وعشق الوطن ، وناقد رصين متزن ، لا يحابي ولا ينافق ، ولم يغبن حق أحد من أهل القلم وأصحاب الكلمة ، ينافح دفاعاً عن الموقف الثقافي والأدبي والانساني ، ويتقرى الأبعاد الجمالية في الاعمال الابداعية .
محمد علي سعيد عاطاك العافية على مجهودك ونشاطك الثقافي ، فقد أعطيت الكثير وخدمت الأدب ، واسهمت في تطوير الحركة الأدبية ، فلك ايد بيضاء ، ولك حضورك الراقي الساطع على الساحة الأدبية ، لك أحر التحيات ، والمزيد من الرقي والعطاء والاشعاع خدمة لثقافتنا العربية في البلاد ، مع خالص المحبة والتقدير . وما أحوجنا لمن هم أمثالك .
بقلم : شاكر فريد حسن