في مقابلته الأخيرة مع الإعلامي ناصر اللحام وعبر تلفزيون معا كنا قد شاهدنا المفوض السياسي العام و المتحدث الرسمي باسم المؤسسة الأمنية اللواء عدنان الضميري الذي أصرّ على الإمعان في الحط من قدر وقيمة منتسبي الأجهزة الأمنية المتقاعدين منهم والذين ما زالوا على قائمة انتظار الإحالة الى التقاعد أيضا ,وذلك من خلال اظهار هؤلاء وكأنهم حمل ثقيل على السلطة الوطنية الفلسطينية يستوجب العمل على الخلاص منهم من خلال قوانين وتعديلات تجعل منهم فريسة سهلة امام الأعداء والخصوم في الوقت الذي يعلم فيه السيد اللواء كصحفي سابق عما تحدثه تلك التصريحات من انعكاسات ,ليست على هيبة الضابط واضعاف شعوره القومي ,بل وحتى على عدم احترام مشاعر هذا المتقاعد لما يمتلكه من مقومات ومؤهلات ناهيك عن تاريخه النضالي الذي يصر السيد اللواء على انهائه وكأنه لم يكن في الوقت الذي يحرص فيه السيد اللواء نفسه على ان تزدان بدلته العسكرية عند كل مقابلة إعلامية بنياشين لو ادرك قيمتها ومعناها لما كنا نسمع بتصريحاته المتوالية كل ما تحمله معاني الكلمات من استفزاز لمشاعر من كان سببا في ارتدائه تلك البدلة وما عليها من نياشين يتزين صدره بها.
ونحن هنا وان كنا نلتمس له العذر بعدم ضبط مصطلحاته ومفرداته الإعلامية بقدر ما يضبط فيها قيافته العسكرية لأنه لم يسبق له وان خاض حروبا ومعارك ,كما انه لم يتسنى له تلقي الدورات المتقدمة في العلوم العسكرية والأمنية ,الا انه لا يمكن لنا ان نلتمس له العذر باستمرارية أسلوبه فيما يخص تصريحاته الاستفزازية حول اهمية التقاعد وذلك لحضوره المتواصل لمؤتمرات وندوات ومن بينها مؤتمرات وزراء الداخلية العرب التي يمثل فيها أحيانا دولة فلسطين فهذه المؤتمرات لا يتم انعقادها بشكل دوري من اجل اهدار المال العام على ضيافة من يمثل الدول الحضور , بل هي من اجل صقل المعرفة وتطوير الخطاب الإعلامي الامني وخاصة تلك المؤتمرات المتعلقة منها بالإعلام الأمني العربي الهادفة الى رفع مستوى معرفة المتحدث الرسمي باسم الأجهزة الأمنية في الدول العربية لمواكبة التطور في الخطاب والفعل .
كان على السيد اللواء ان يعمل في مؤتمراته ومقابلاته الإعلامية بما صدر عن مؤتمرات وزراء الداخلية العرب وما نتج عن جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية أيضا من توصيات ودراسات وخاصة المتعلقة منها بتوعية المواطنين بواجباتهم حيال الامن الوطني والشخصي وذلك من خلال الحملات الإعلامية مع ضرورة قيامه بتفعيل أواصر المحبة ما بين الأجهزة الأمنية والمواطنين من اجل تدعيم روح الاخوة وبث روح الانتماء للوطن والولاء للسلطة وذلك من خلال العمل على تحسين صورة الأجهزة الأمنية من اجل كسب التفاف المواطن حول قيادته فيما يتعلق بالسياسة الأمنية وليس العمل من خلال تصريحاته على دفع هذا المواطن والضابط أيضا وتنفيره من القيادة وما ترسمه من خطط واستراتيجيات او برامج وذلك لترك أبناء الأجهزة الامنية المتقاعدين منهم فريسة سهلة امام كل من حاول النيل منهم اثناء وجودهم على راس عملهم وذلك وفقا لما يصدر بحقهم من تصريحات على انه لا قيمة لهم ولا فائدة مرجوة منهم, ولكن يبدو ان بعض هؤلاء المتحدثين باسم الأجهزة الأمنية في الدول العربية لا يهمهم ما تصدره تلك الجامعة من دراسات وتوصيات ومحاولة العمل بها بقدر ما يعنيهم الحضور بكامل قيافتهم العسكرية لتصدر المشهد امام وسائل الاعلام والحصول على بدلات السفر وما تخضع لها من نثريات ومصاريف .
ان جميع تلك المؤتمرات والندوات التي يحضرها ممثلو الأجهزة الأمنية او الناطقون الاعلاميون باسمها تدعو الى رفع هيبة رجل الامن ,وليس للحط من قيمته او اضعاف شعوره القومي لما يلحقه من مساس بقدره ومشاعره , كما تدعو تلك المؤتمرات الى ضرورة وجود المحددات الواجبة في شخصية المتحدث الرسمي من اجل دفع الناس الى مواكبة تصريحاته سعيا لمساندة ما يدعو اليه من تنفيذ لخطط وتوصيات بحثا عن تعزيز الامن والعمل على استقرار الوطن والمواطن وليس من اجل دفع المواطنين الى التحلل من التزاماتهم تجاه اوطانهم وعدم القيام بواجباتهم نظرا لفقر او جهل في معرفة هذا المتحدث او ذاك ,او عدم ادراك وسوء وعي لما يتفوه به بعض هؤلاء كما يفعل اليوم بعض المتحدثين في بعض الدول العربية الذين نراهم يظهرون امام وسائل الاعلام وكأنهم أصحاب اقطاعية لا قانون لها الا قانون المالك لتلك الاقطاعية وإظهار انفسهم امام تلك الوسائل المقروءة منها والمسموعة والمرئية أيضا انهم يحاولون التخلص من بعض عبيد تلك الاقطاعية تارة باسم إصلاح الأجهزة الأمنية ,وتارة أخرى باسم إرساء قوانين ونظم تضبط عمل تلك المؤسسة الأمنية في الوقت الذي نرى فيه هؤلاء اكثر اختراقا لتلك القوانين والقواعد المنظمة للعمل الأمني نفسه .
ان العمل على اختراق القواعد المنظمة لعمل وواجبات المتحدث الرسمي للأجهزة الأمنية هو إشارة واضحة الدلالة على عدم وعي لمفهوم العقيدة الأمنية التي يحاول البعض ان يتغنى بها دون معرفة ادنى مقوماتها والى تحديد منسوب الافتقار للاستراتيجية الأمنية وحتى على عدم القدرة على صياغة البرامج التي تسعى بعض الدول الى تحقيقها في ظل الفوضى الأمنية وانتشار الإرهاب في العالم العربي ,فكيف لهؤلاء اذا الادعاء بقدرة التخطيط وصياغة الاستراتيجيات والبرامج في الوقت الذي يعمل فيه البعض منهم على اختراق ادنى مقومات العمل الإعلامي الأمني كما هو حال المتحدث الرسمي باسم أجهزة الامن الفلسطينية ,ليس فقط من خلال ما صرح به في مقابلته الأخيرة من معلومات جاءت من وثيقة كانت بيده كان قد قال بنفسه عنها بانها امنية وتحمل اقسى درجات السرية ولا يحق لاحد الاطلاع علي ما فيها من توصيات, ولا حتى من اجل عدم قدرته على تأسيس خطاب اعلامي امني بما يخدم الشعار الاستراتيجي المبسط "اصلاح المنظومة الأمنية " واختراقه للقواعد المنظمة لعمله وواجباته, وليس من اجل عدم مراعاته الاعتبارات الهامة التي كان يجب عليه مراعاتها كمتحدث رسمي عند تصميم رسالته الإعلامية بشان التقاعد ,ولا حتى ايضا من اجل تجاوزه السن القانوني للتقاعد الذي كان معمولا به وحتى المعدل أيضا حيث نعلم جميعا انه قد تجاوز من العمر الخامسة والستون مع تمنياتنا له بطول العمر وموفور الصحة, وانما لإصراره على اظهار المتقاعدين في كل مؤتمر ومقابلة انهم حمل ثقيل على السلطة الوطنية الفلسطينية يستوجب الخلاص منهم في الوقت الذي يمتلك فيه هؤلاء من المؤهلات العلمية والأمنية والعسكرية ما فاق تصور السيد اللواء نفسه ,ولذلك لا يسعنا الا ان نقول له في نهاية مقالنا "كتير هيك".
بقلم:ماجد هديب
كاتب وصحفي فلسطيني