محمد بشير العاني شاعر سوري غنائي جميل كتب على ضفاف نهر بردى ثلاثة دواوين من الشعر العذب العفوي الصادق ، وهي : " رماد السير ، وردة الفيحة ، حوذي الجهات " ،التي جعلت كل من يقرأ قصائده الا أن يعشق هذا النبض الانساني الدافىء المنساب المتدفق فيها ، والذي يحمل نكهة الزمن ورائحة التاريخ وصور العذاب والجرح العميق وعذوبة النهر .
انتمى محمد بشير العاني لادب الالتزام الطبقي ، والفكر الشيوعي التقدمي ، منحازاً لقضايا الفقراء وغلابى الوطن وجياع الارض .
كان عضواً في جمعية الشعر وفي اتحاد الكتاب العرب في سوريا .
العاني شاعر جارح ورافض ومتمرد جسد في اشعاره التجربة الانسانية ، وعبر عن مأساة ووجع الانسان السوري والعربي وفي كل مكان ، وعكس معاناته وهمومه ، وبشر بالغد الزاهر المشرق لكل البؤساء والمسحوقين والكادحين ، وامتازت اشعاره بالصدق والحرارة والعفوية .
انه شاعر حالم ، وحلمه منبعاً من منابع الهامه الشعري والفكري ، وكان هذا الحلم دافعاً الى التزامه والى الثورة والتمرد ، ونصوصه تتسم بهذه اللهفة ، وبهذا الحنين الى خلق عالم جديد في الواقع العربي .
محمد بشير العاني شاعر ينبض باحساس عارم بالانتماء ، ينسج كلماته وحروفه من وجدان الوطن والانسان والأرض السورية التي أحبها ولم يستغن عنها .
كان يغزل من الشعر عباءة وثوباً مزركشاً لدير الزور وغوطة دمشق ونهر بردى وياسمين الشام ولسوريا الجريحة المخضبة بالدماء ، وكان يحلم ويريد لهذا الثوب أن يكون أحلى وأجمل من ثوب الحزن الذي ارتدته منذ اكثر من ست سنوات ، ثوباً ملائكياً مطمئناً الى وطن آمن مستقر ، ولكن قتلوه الدواعش بعد ان رفض مغادرة مدينته دير الزور ليبقى يحرس ضريح زوجته التي ماتت بالمرض العضال ، فاقتادوه مع ابنه اياس الى ساحة الاعدام وحبل المشنقة ونفذوا حكم الاعدام بحقهما بتهمة الردة (!) فبكت دير الزور وتوشحت بالسواد وانتفضت غضباً على السفاحين وقتلة العصر ، الذين ارتكبوا جريمة كبرى . فلماذا نقتل الشعراء ونغتال المبدعين ؟!
ان الحضارات لا تزدهر ولا تنمو الا اذا كان عناية واهتمام باصحاب المواهب ، لأن الموهبة في اي مجتمع هي ثروة مثل سائر الثروات ،بل اثمنها وبدونها فان الامم تكون فقيرة ، حتى لو كانت غنية بكل الخيرات ، ونحن بعكس الغرب والاوروبيين الذين أول من يقدرون ويحترمون النوابغ ، ببنما في مجتمعاتنا العربية فيغتالون الموهبة ويقتلون المبدع ويصادرون الابداع .
جريمة داعش باعدام الشاعر الانسان محمد العاني لن تغتفر ، وسيبقى دمه يطارد اعداء القلم واعداء الكلمة المقاومة المقاتلة ، وكل السفاحين والارهابيبن في كل زمان ومكان .
لقد اغتالوا حلم العاني وهو يبكي زوجته ويحرس قبرها وينشد للوطن اغاني الحب والأمل ، ولكنه سيبقى خالداً على ضفاف بردى رمزاً للاصالة والوفاء والنقاء والالتزام الوطني والطبقي والانساني ، ونصيراً للمقاومة وفكرالثورة وثقافة التنوير .
بقلم/ شاكر فريد حسن