حتى لا تغرق السفينة !!!

بقلم: وفيق زنداح

متابعتنا لانفسنا ... كما لغيرنا ... من منطلق الصدق والصراحة ... والامانة المهنية والوطنية .... حتى نحافظ على وجودنا ومضمون جوهرنا وصوابية فعلنا ... وصدق اقوالنا ... وان نعمل باجتهادنا ... وبانصافنا لانفسنا ....بما يقوي عزيمتنا ... ولا يعرضنا لهفوات ورياح عاتية ... وحتى امكانية حدوث زلازل قادمه ... تضيف على حالنا.... ما لا نستطيع تحمله ... وما لا نقدر على مواجهته ....برغم خبرتنا ومسيرتنا الطويلة وما قدمنا واثبتنا عبر التاريخ..... أننا جديرون ... ومحقون بأقوالنا وصوابية توجهاتنا ... لكن هذا لا يعني بالمطلق اننا على صواب ... واننا نمتلك مقومات وقدرات ... تمكننا من اجهاض ما يتداخلنا ... وما يحيط بنا
شعبنا الاكثر امالا ... كما الاكثر الاما وعذابا وتحملا ... لكننا وللاسف لا نصارح انفسنا ... ولا نقف أمام عيوبنا ... ولا نحاسب ذاتنا ... ولا نصحح ونصوب توجهاتنا ... وطريقة فكرنا ... واساليب فعلنا ... وحتى منطلقات تصريحاتنا التي تخرب علينا بأكثر مما تفيدنا .
أخطاء كثيرة ليس لها اول من اخر ... واتهامات يصعب الخروج منها وهذا لا يعني فقداننا للثقة ... وقدرات التقييم والتصويب واستخلاص العبر والدروس ... والاستفادة القصوى من تجاربنا ... واحداث وعناوين عديدة ... ومحطات متعددة مررنا بها .. وتجاوزنا بعضها .. لكننا لا زلنا أمام محطة طال الانتظار فيها ... ولا زالت تفرز لنا المزيد من عيوبنا ... كما المزيد من الخلل بداخلنا .
أتساءل كما غيري الملايين حول احوالنا .. والى اين نحن ذاهبون ؟!
كما أتساءل لماذا لا نخطط لأنفسنا طريقنا ....ولماذا نقبل بأن يخطط لنا لأخذنا الى حيث ما يريدون ؟!
وهل تجربة كل منا ... وتراكم تجاربنا ... كفيلة بحمايتنا من الاخطاء والاخطاء التي تواجهنا .
هناك الكثير من التساؤلات التي لو اردنا طرحها ... سنجعل من حالنا اكثر صعوبة وتعقيدا مما نحن عليه ... ليس عيبا بالسؤال ... او مجمل التساؤلات ... ولكن العيب يتغييب الاجابات الشافيه الصادقة والامينة .
لاننا نعمل وفق قاعدة ان تأتي من غيري ... لا أن تأتي مني ... وان يجرب غيري ويخطئ ... ولا اجرب حتى لا اخطئ .
نتدافع الى حيث المجهول .. وكأن باعتقاد البعض ... أن هناك من يذهب الى المجهول ... وهناك من يذهب الي النعيم والجنة والرخاء ... نتوهم ان بالامكان أن يكون جزءا منا رابحا ... والجزء الاخر خاسرا ... اخطاء فادحة بفكرنا الوطني والسياسي.... وحتى الاجتماعي ... وكلا منا باحلامه واوهامه ... وكلا منا بجزيرته التي يعيش فيها ....دون أن يشعر بمن حوله .
عالم اليوم ... يعيش على الكرة الارضية ... ويعيش بحالة تفاعل بحكم تكنولوجيا متطورة .. لا تباعد ما بين الافراد والشعوب .. ولا تفرق ما بين الاوطان ... كل يتداخل بالاخر .. وكل يؤثر ويتأثر بالاخر .
نحن من أكثر الشعوب تأثرا وتعرضا لكل ما هو سلبي ... بل من اكثر الشعوب التي لا زالت تعاني ويلات الاحتلال وممارساته.... وارهابه المنظم ... بل نحن من أكثر الشعوب عرضة للتهديد وعدم الاستقرار ... وعلى مدار اللحظة نهدد ونقصف ويستشهد منا خيرة شبابنا ... وتدمر منازل اهلنا ... وتسلب حقوقنا ....ويحاولون اقحامنا بما ليس فينا ... وليس منا .
مواجهة عيوبنا ... كما ضرورة مواجهة تحدياتنا.... ومصاعب حياتنا ... وبطبيعة الحال لكل شعب قادته واحزابه وحركاته السياسية ومؤسساته المجتمعيه الثقافية والاعلامية والخدماتيه ... ولكل منا واجباته ومسؤولياته كما لكل منا حقوقه ...وما بين الحقوق والواجبات.... نغرق بسيل من الاتهامات ... والمزايدات ... ومحاولة الإفشال بأكثر مما نسعى للنجاح .
غريب أمرنا ....نجد البعض منا يجذبه الفشل .. بأكثر مما يجذبه النجاح ... يجذبه الخراب..... بأكثر مما يجذبه العمران والبناء ... الناجح يحارب والفاشل يعلوا بشأنه..... والمكاسب للصوت الأعلى.... والخسارة لمن لا يعلو صوته .
ثقافتنا وسلوكياتنا فيها الكثير من العيوب ... والاخطاء والثغرات .. والتي تحتاج الى معالجات جذرية ... لكنها المعالجات الغائبة ... بحكم القرار الغائب.... والارادة الغائبة ... وبحكم ان كلا منا يقبل بثقافته وفكره وسلوكه.... بحكم مرجعيته ... ولا يقبل بالتدخل بشأنه ... وكأن لكل منا جمهوريته ... مع أننا جميعا تحت احتلال واحد ... وتحت تهديد واحد ... ونعيش الخطر الداهم بصورة جماعيه وليست فرديه .
ثقافتنا وللأسف الشديد تتفنن بخلط أوراقنا ... حتى نجد صعوبة في تحديد بدايات الاخطاء .. والى اين يمكن ان تصل ... ننظر بين أقدامنا.... ولا ننظر الى ما بعد قدمنا ... لا نريد ان نرى من حولنا ... والاخطر لا نريد الاستماع لما بداخلنا .... نريد أن نعيش بحلم ووهم خيالنا.... وليس بفعل واقع وحال نعيش بكافة تفاصيله ... حتى وجدنا أنفسنا ... أمام معضلات وازمات نبحث فيها عن سبيل للخلاص ...ولا نجد اسهل من ان نحمل بعضنا البعض مسؤولية ما الت اليه الامور .... لا يريد أحد منا ان يرفع صوته .. ليقول انني اتحمل المسؤولية .... او حتى يرفع صوته ليقول لنتحمل جميعا المسؤولية .
لم نصل الى مرحلة الصحوة الوطنية ... مرحلة الوعي والمكاشفة ... مرحلة الصدق والصراحة ... لأننا نريد أن نبقي عليها بحالها ... بثغراتها وهمومها وكوارثها ... حتى يسهل السيطرة عليها ... وحتى لا يتحمل أحد منا مسؤوليه ما اصابنا ... وما وقع بداخلنا ... وما اساء لصورتنا .
نجامل انفسنا كثيرا ... ونحاول التغطية على بعضنا.... عندما تكون مصالحنا مشتركة ... ونشن الهجومات على بعضنا ....ونمارس النقد بكافة وسائله .....عندما تفترق المصالح .....وتتشتت الجهود.... ونصبح امام حقيقة كل منا .
اليوم ونحن بداخل السفينة المتوقفة .. والتي بدأت بالتحرك ....وتريد ان تسير في بحر لا نعرف مداه..... ولا قوة رياحه ... ولا عمقه ... سفينة لا نعرف قدرات تحملها ... وما يمكن ان تستوعبه من ثقل الاوزان .. وقوة العواصف ... سفينة وصلت الى قلب البحر ... ووجدنا انفسنا على سطحها ... وأخذنا بالنظر يمينا وشمالا شرقا وغربا لنجد على مرمى العين مياه البحر المالحة..... والسماء وتقلبات الاجواء العاصفة .
اصبحنا بوسط بحر تتغير اجواءه وتقلباته ... تشاورنا وتحاورنا حول السبيل والطريق التي نسلكه للوصول الى بر الامان ... اختلف البعض منا ووافق البعض الاخر ... وهناك البعض من الصامتين المراقبين المنتظريين... لما ستؤول الغلبة حتى يحددوا موقفهم ... ويحددوا توجهاتهم .
لكننا تناسينا جميعا ... او تناسى البعض منا ... اننا بداخل سفينة واحدة وفي وسط بحر هائج ... بكل تقلباته وعواصفه ... والتي لا نعرف الى أين ستأخذنا ... اذا لم نمتلك تحديد توجهاتنا ....خطتنا وصوابية طريقنا ....حتى نسلم..... ونسلم على من يقف بانتظارنا على شاطئ البحر ...ليعانقنا ويهنئنا بسلامة الوصول... بعد رحلة شاقة وطويلة ... تعرضنا فيها لمخاطر عديدة ... فهل يمكن لنا الوصول .. وان نسلم على بعضنا وعلى المستقبلين لنا .....أم ستبقي السفينة بداخل البحر ....وتأخذها الرياح وتقلبات الأجواء والعواصف ....ولا تعرف هل بامكانها الوصول الي بر الامان ....أم ستبقي بداخل البحر وما يمكن أن يعرضها لأخطار ومخاطر تفوق حسابات ....من يتواجدون عليها ....وعندها لن يكون هناك ندما مقبولا .... أو عذرا يمكن تمريره وتسويقه .....ومحاولة خداع الرأي العام به .

الكاتب : وفيق زنداح