احتفل الفلسطينييون الأسبوع الماضي بالذكرى التاسعة والعشرين لإعلان وثيقة الإستقلال الفلسطيني والدولة الفلسطينية المستقلة في خاتمة اجتماعات االدورة الثامنة عشر للمجلس الوطني الفلسطيني ( دورة إنتفاضة الحجارة والإستقلال ) ، يوم 15/11/1988 في الجزائر العاصمة ، ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم قدم الشعب الفلسطيني تضحيات كبيرة وهائلة ، دفاعاً عن حقه المشروع في الإستقلال والحرية واقامة دولتها المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، وتصدى الفلسطينييون لكل مؤامرات ومحاولات العدو الصهيوني لتذويب القضية الفلسطينية ، وتغيير التركيب الديموغرافي الفلسطينيي في القدس المحتلة والضفة الغربية المحتلة وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ومحاولات العدو المستمرة لتغيير الوقائع التاريخية والديمغرافية والواقعية على الأرض الفلسطينية المباركة ، من خلال الإستمرار في الهجوم السرطاني الإستيطاني والتهويدي ، مع استمرار فرض الحصار الصهيوني الظالم على قطاع غزة الفقير والمنهك والمُتعب ، وفي ظل هذه الذكرى الوطنية الفلسطينية المهمة ، والتي دفع الفلسطينييون ثمنها من دمائهم وعذاباتهم وآلامهم معاناتهم التي لازالت مستمرة ومتواصلة ، تبرز جملة من الأسئلة الهامة تتعلق بأوضاع قطاع غزة ، الذي يُعتبر رحم الثورة الفلسطينية المُعاصرة ، وخزَّان البارود الفلسطيني المشتعل دوماً دفاعاً عن القضية الفلسطينية ، وقدم أهله ــ ومازالوا ـــــ أكبر وأعظم التضحيات والبطولات، أرجو اعتبارها تفكيراً بصوت مرتفع ، بحثاً عن المصلحة الفلسطينية العليا :
ـــ هل يستطيع أحد تضميد جراح قطاع غزة ، بعد أربعة حروب واعتداءات صهيونية متتالية وعشرات الإجتياحات الصهيونية ، وآلاف الشهداء ، وعشرات آلاف الجرحى ، وعشرات آلاف المنازل المُدَّمَرَة ؟؟؟
ــــ هل يستطيع أحد التخفيف من معاناة ومشاكل وأوجاع وأحزان وآلالام ومأسي ونكبات أهالي القطاع ؟؟؟
ـــ هل يستطيع أحد إيجاد الحلول الحقيقية والجذرية للمشاكل الكبرى ، والتي لاتُعد ولا تُحصى ، التي يعاني منها القطاع المُحاصر؟؟؟
ــــ هل يستطيع أحد الإستماع جيداً ، ويُصِيخ السمع جيداً لأنَّات وآهات وألام وأوجاع وعذابات وأحزان أهالي القطاع المنكوب ؟؟؟
ــــ هل يستطيع أحد أن يقدم الإجابات المقنعة والصادقة ، عما يجول بخاطر أهالي القطاع عن الحاضر ، والحاضر القريب والبعيد ، والمستقبل القريب والبعيد ، وكيف سيكون وضعهم ووضع القطاع المُنهك ، في ظل استمرار الحصار الصهيوني الخانق على القطاع وأهله المظلومين المتعبين المنهكين ؟؟؟
ـــ والأهم من ذلك كله أنّ هناك العديد من الأسئلة الحساسة والهامة والجدية التي تدور في أذهان غالبية الناس في القطاع حول تأثيرات الماضي والحاضر والمستقبل ، وتحتاج إلى من يُحسِن الإستماع إلى أسئلة وإهتمامات وهموم الناس ، ومن يقدم لهم الإجابات الصادقة ، العملية والموضوعية حولها، فلقد قدمت جماهير قطاع غزة ـــ ومازالت وستبقى تقدم ــــ الكثير ... الكثير من أجل المسجد الأقصى المبارك والقدس وفلسطين وقضيتها المقدسة ، تحتاج إلى مَنْ ينظر إليها بعين الرحمة والعطف والمحبة والوفاء والصدق وحفظ الجميل والمعروف ، غزة تحتاج الآن ــــ وكل وقت ــــــ لمن يشعر بما تعانيه وتريده ، وخصوصاً ، لابدّ من إجابة صادقة ودقيقة حول مسألة الإعمار وإعادة الإعمار وتعويضات جميع المتضررين ، وتكريس الوحدة الوطنية ، ومعالجة آثار الحروب والإعتداءات الصهيونية المتتالية والمتواصلة عليها ، وكذلك معالجة آثار الإنقسام ، وإيجاد الحلول الجذرية العادلة ، على قاعدة ( عدم الإقصاء لأي طرف) ، وعلى قاعدة ( الشراكة السياسية / الوطنية ـــ شراكة الواجب والتكليف والأداء والتضحيات ) ، والمصالحة الشاملة مع الكل الفلسطيني ، مما يعني المصالحة مع الذات الفلسطينية أيضاً ، وما أحوجنا لإحداث مراجعة سياسية شاملة ، بعين النقد والإنفتاح على النفس والذات والآخر الفلسطيني .
وفق الله الجميع ، وحمى الله فلسطين ، ورحم الله الشهداء ، وشفى الله الجرحى ، وعجل الله بفكاك سراح الأسرى ، وعاشت فلسطين الحبيبة حرّة مستقلّة.
بقلم/ د. محمد أبو سمره