حوار القاهرة ... وحسم الاتفاق

بقلم: وفيق زنداح

يأتي حوار القاهرة للقوى والحركات الفلسطينية الثلاثة عشر وبرعاية مصرية كريمة ... وبهذا الكم الفصائلي ... بمشاربه الفكرية والايدلوجية ... ومنطلقاته العقائدية والوطنية ... وبخارطة علاقاتهم مع العديد من الاطراف الاقليمية ... المرضي عنهم والمغضوب عليهم .

الجميع من القوى والفصائل ... والمفترض ... بل الواجب ... أن يكون اللقاء على ارضية فلسطينية تحتم حسم قراراتها ... وفق اولوياتها الوطنية ... ولا توفر المزيد من الفرص الضائعه ... في ظل المزايدات والمجادلات المعهود عليها ... والتي لا طائل منها ... في ظل اجواء وعواصف عاتية ... وتقلبات ومحاور وسياسات معادية .... نحن الاضعف فيها ... وعلى مواجهتها .

ملفات الانقسام الاسود والتي طال الحديث فيها وتناول عناوينها ... حتى مللنا تكرارها ... ونغضب عند سماعها ... او الحديث فيها ... لكنها المفروضة علينا بحكم واقع مرير وكارثة المت بنا .... وجعلت من أمرنا ... أن نعود اليها للحديث فيها ... والبحث عن اليات تنفيذها ... بما لا يدع المجال لامكانية التعطيل او الاعاقة ... بأي مرحلة من المراحل ... وتحت أي سبب من الاسباب ... ولغاية أي هدف من الاهداف .

اتفاق نهائي تفصيلي محدد بتواريخ تنفيذه وعناوينه ... سيكون الحوار الفصائلي بقاهرة العروبة ... وفي اطار رعاية مصرية حكيمة يقودها جهاز المخابرات العامة برئاسة اللواء خالد فوزي والطواقم المختصة بالمصالحة الفلسطينية ... في ظل اجواء شديدة الخطورة ولا تسمح بالاطالة ... وتكرار تجارب حوارات واتفاقيات سابقة ... أخذنا نماطل فيها ... ونتجادل حولها ... حتى وصلنا الى مرحلة يجب ان تحسم فيها المواقف ... ويتخذ فيها القرارات ... بصورة نهائية وشاملة ... ولأسباب عديدة نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر :-

اولا:- حاجتنا الملحة والاستيراتيجية لانهاء الانقسام الاسود وعدم تكراره ... واتمام المصالحة الوطنية على اسس متينة وقوية ... وترتيب اوضاعنا وعلاقاتنا الوطنية بما لا يحتمل الخطأ او الاختراق او حتى المزايدة ... واضاعة المزيد من الوقت .

ثانيا :- الحالة الفصائلية بكل منطلقاتها وايدلوجياتها واماكن تواجدها ...تحتاج قبل غيرها الى انهاء الانقسام ... واعادة ترتيب الاوضاع بما يخفف من حدة التهديدات التي يمكن ان تطال مشروعنا الوطني ... كما تهدد حتى الوجود الفصائلي داخل العديد من المناطق لاسباب عديدة ... ولظروف استثنائية في ظل تقلبات ومحاور لا علاقة لنا بها .

ثالثا :- ما يجري داخل تفاصيل حياتنا الفلسطينية السياسية والاقتصادية والاحتماعيه والانسانية داخل الوطن وخارجه وما نتعرض له من تهديدات وتحديات متزايدة ... يفرض علينا الوصول بأسرع وقت ممكن الى انهاء هذه الحالة المأساوية والكارثية والتي تزداد بحدتها ومخاطرها .

رابعا :- مخيمات اللجوء والشتات والمهجرين عن وطنهم بحكم ظروف الاحتلال وممارساته والذين يعيشون ظروفا قهرية على المستوى الوجودي والانساني بحكم ظروف استثنائية للدول المضيفة ... يحتم على القوى والفصائل الاسراع بالوصول الى تعزيز الوحدة وانهاء الانقسام وترتيب الاولويات الوطنية بما يتوافق ومصالحنا ... ومقومات قوتنا .

خامسا :- لم يعد مقبولا الاستمرار بحالة الانقسام بكل ازماته وكوارثة ومخاطره ... والتي طالت كافة تفاصيل حياتنا السياسية والاجتماعيه والانسانية وعلى كافة المستويات والصعد .

سادسا :- الاوضاع الفلسطينية وعلى كافة المستويات بأضعف احوالها ... ولم يعد لنا مجالا للمزيد من المناورة والمزايدة على بعضنا البعض ... بعد ان وصلنا الى محطة النهاية ... بفعل عوامل ذاتية وموضوعية لا داعي للتفصيل فيها .

سابعا:- الصورة ... المضمون ... الموقف ... الخطاب ... الخيارات والوسائل .. البرنامج الواضح ... يجب أن نؤكده للجميع برسالة وطنية موحدة عنوانها شرعيتنا وقيادتنا المتمثلة بالرئيس محمود عباس .

ثامنا :- يجب ان نقر جميعا ودون استثناء بكافة مؤسساتنا الوطنية والشرعيه والدخول بعضويتها والعمل من خلالها في اطار مؤسساتها ... برنامجها .. والياتها المعمول بها كما العمل على اصلاحها الديمقراطي بصورة فاعلة وبجهود الجميع .

تاسعا :- الاتفاقيات كافة واخرها ما تم التوقيع عليه بالقاهرة ما بين فتح وحماس والذي كان اساسه تمكين حكومة التوافق بصورة فاعلة وجدية ... وتسلم كافة المؤسسات والوزارات والمعابر ... وما تشهده الحالة من قصور هنا وهناك ... ومن تباطئ ومماطلة في بعض المؤسسات والوزارات يجب ان يعالج بصورة سريعه ودون ابطاء ... رغم استلام البعض ... وبداية العمل بالمعابر ... وخاصة معبر رفح البري .

عاشرا :- حكومة الوحدة الوطنية الفصائليه اذا كان لنا مصلحة بها ... ولا تفتح علينا المزيد من النوافذ والابواب والرياح العاصفة ... وحتى نكون اكثر حكمة باستمرار حكومة التوافق ... مع امكانية تعديلها وتصليب مواقفها وزيادة مقومات قوتها بما يمكنها من السيطرة وانفاذ القانون وتحمل المسؤولية الكاملة .

الحادي عشر :- الاتفاق على اجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعيه والمجلس الوطني ... بما يؤكد ديمقراطيتنا والسعي لتجديد شرعياتنا في اطار مؤسساتنا القائمة داخل السلطة الوطنية ومرجعيتها السياسية والقانونية منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد والمعترف بها فلسطينيا عربيا اقليميا ودوليا .

سأكتفي بأحد عشر بندا مطلوبا وملحا وضروريا ... بعدد اعوام الانقسام الاسود والكارثي الذي لم يعد محتملا .

هناك من الملفات العديده والمطروحة والتي لا تحتاج الى وقت ومجادلة لانها معروفة واشبعت بحثا ... ولها حلولها والتي بمتناول ايدينا ... ولا داعي للاطالة بها والحوار حولها .

الاهم المشهد من حولنا يتطلب منا ... ان نكون اكثر حضورا وفعلا ومسؤولية ... المنطقة العربية وما تشهده من تحديات تزداد صعوبة ... بفعل قلاقل مصنعه بفعل ادوات ايرانية ... ومجموعات ارهابية تكفيرية ... كما مجموعات طائفية في ظل تدخلات تركية وقطرية تخدم على التنظيم الدولي للاخوان المسلمين ... لاجل اعادته للمشهد السياسي ... بعد ان تلاشى واصبح بعالم المجهول والتاريخ الاسود .

الاقطار العربية باليمن وسوريا والعراق وليبيا والتي تواجه المجموعات الارهابية التكفيرية .. والتي تمول وتسلح وتتحرك من خلال قوى اقليمية واستخبارات دولية لتخريب المنطقة والتأثير على شعوبها ... واثارة المزيد من القلاقل وتهجير السكان وتدمير الاوطان ... وحتى الوصول الى مخيماتنا والعبث بأمنها ... كما الوصول الى حدودنا مع الشقيقة مصر ومحاولة العبث بأمنها وأمننا .

تحديات حقيقية تزداد بخطورتها على المنطقة العربية بما فيها نحن ابناء فلسطين ارضا وشعبا داخل الوطن وخارجه ... ونحن لا زلنا بدائرة الاستهداف في ظل معادلة سياسية ... لا زلنا نحن الاضعف فيها ... وفي ظل تحركات امريكية تزداد بانحيازها حتى وصلت الى عدم تجديد ترخيص مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن ... هذه المنظمة التي تمثل شعبنا بالداخل والخارج .. والتي وقعت على كافة الاتفاقيات السياسية والتي كانت امريكا هي الراعية لها كما هي ذاتها امريكا التي تستقبل رئيسها وقائدها الرئيس محمود عباس رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس دولة فلسطين ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية .

تناقض امريكي وانحياز امريكي واضح ... ومحاولة امريكية مكشوفة لممارسة الضغوط السياسية على القيادة الفلسطينية لاجل التفكير بما يتم تسريبه ... وحتى بنضج القرار الفلسطيني عند الاعلان عن خطة ترامب حول الحل الاقليمي والذي يتضمن حل القضية الفلسطينية ... هذا ما يتم التخطيط له ... وممارسة الضغوط لأجله .

لذا من الواجب الوطني الفلسطيني والعربي ... ان نحدد الموقف النهائي حول مطالبنا المتعارف عليها بالحد الادني التي لا يمكن التنازل عنها والمتضمنة دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقيه وايجاد حل عادل لقضية اللاجئين وفق القرار 194 .

حوار القاهرة بعد ساعات ... ليس حضورا عاديا ... للبحث بملفات طال الحديث عنها ... والاتفاق حولها ... لكنها جلسات الموقف الوطني في لحظات تاريخيه ... لا نحتاج فيها للمزيد من اضاعة الوقت ... والاستفاده من الحضور بقاهرة العروبة ورمز القومية والوطنية العربية ... مصر الشقيقه محطتنا التاريخية بشعبها العظيم وحكومتها الرشيده وزعيمها الرئيس عبد الفتاح السيسي ... فكل الشكر من الملايين من ابناء فلسطين .. وكافة تمنياتنا للقوى والفصائل ان تكون عند حسن ظننا ... وايماننا بها ... ومسؤولياتها التي تقع على عاتقها .

بقلم/ وفيق زنداح