كثيرةٌ هي تساؤلات المواطن ومتعددة تطلعاته خصوصاً في اتساع رقعة المشهد السياسي فأحياناً يرقد المشهد الفلسطيني في صمت وأحياناً أخرى في صراع وتدور دائرة الأحداث الملتهبة التي تعم الشارع منها السياسي ومنها البسيط وما زال المراقب الفلسطيني للمشهد الدائر للحركة الإستراتيجية لمنطلق أحداث الساعة التي تزهر بالمتغيرات والمتقلبات السياسية، والمواطن الفلسطيني يستطلع تلك الشواهد وفي جعبته طود كبير من التساؤلات وطود أكبر من التطلعات التي يبتغيها لعالمه الحر المليء بالمتاعب التي أرهقته من كثرة التحولات وربما تكون تلك التحولات إيجابية وربما سلبية ولكن المنطلق يبقى نفسه في تلك الغمرة التي يكتنفها.
إن فشل أكثر من حكومة في تأمين أبسط أسباب الحياة الحرة الكريمة، مثل الماء الصالح للشرب والكهرباء والوقود وإغلاق المعابر، جعل المواطنين يقضون جل أوقاتهم في البحث عنها بلا طائل، ويواصلون ليلهم بنهارهم عسى ان يفكوا ألغازها وأحجياتها، أما فرص العمل والتعليم والصحة وهي من أولى المقومات التي يصون بها المرء حقوقه فقد غابت جملة وتفصيلا، حتى أن نسبة الرسوب في المدارس ارتفعت بمستويات مرتفعة، كما أن نسبة البطالة وحالات الفقر والتي تعني فقدان المواطن لفرص العمل الكريم ارتفعت الى أكثر من ستين في المائة، بالإضافة الى أن نسبة أكثر من سبعين في المائة من الشعب الفلسطيني يعيشون تحت خط الفقر، والذي يعني ذلك أنهم يفتقرون الى وسيلة العيش الكريم، ناهيك عن التدهور المرعب في الخدمات الصحية، والتي تعني افتقار المواطن لفرصة الحياة لأبسط الأسباب، وأتفه الأمراض.
وهنا ربما يطرأ سؤال العامة من المواطنين متى سيستقر الوضع الداخلي وسينتهي الانقسام لإنهاء هذا الوضع الحياتي المأساوي؟ وخاصة الجولات الواسعة من قبل المسؤولين والزيارات التي يقومون بها لهذا البلد الشقيق او ذاك، حيث وكما يعلم الجميع أن الوطن الفلسطيني أصبح بلد المتغيرات في المنطقة.
وفي الوقت نفسه يتطلّع المواطنين بأن تأخذ الحكومة على عاتقها إشراك القدرات والكفاءات والعقول الفائقة من أبناء شعبنا، علماً أن الواقع الفلسطيني يتطلّع بأن تكون حكومته مستندة إلى إشراك كافة مكونات الشعب من الذين لديهم قدرات وخبرات فائقة ولا تحويهم الأحزاب.
المواطنين يتطلّعون إلى المسؤولين بأن يكونوا على قدر من المسؤولية والشعور الحقيقي بهم فهم الذين يلاقون كافة أنواع البطش والعدوان وخاصة على الحواجز الصهيونية، ناهيك عن الوضع النفسي والاقتصادي.
وهل بإمكان المواطنين أن تسأل الحكومة عن مجريات أعمالها وما قد آلت اليه التطورات الراهنة؟ أم أن المواطنين قد خصصت حقوقهم فقط في الذهاب الى صناديق الإقتراع للإدلاء بأصوتهم ودورهم في أداء الرسالة الوطنية قد إنتهى وبدأ دور القيادات العاملة في الساحة السياسية.
وربما يتطلّع المواطن الى تلك المعادلة بأن يكون يهتم بنفسه ومعيشته ولكن هل لتلك الضغوط وعدم توفير المستلزمات ونقصها لم تكن في منسوب تؤثر على حياة المواطن البسيط أن تتوقف.
من المعلوم انه قد مر على المواطنين ردحاً من الزمن وهم في ظلال دامس لا اثر للنور في ايامهم وسنواتهم السوداء العصيبة المليئة بالهموم والازمات تلو الازمات والتي تعصف به نوائب الدهر وكان لا احد يسمع ولا اخر يرى، مرت تلك السنوات والقلب يعتصر دماً عبيطاً دون ان يحرك ساكناً او يسكن متحركاً، فحياة الفلسطيني أضحت حياتهم موت وموتهم حياة.
هذه المعاناة هي في الواقع استمرارا لمعاناة طويلة ومرهقة وثقيلة امتدت لسنين من الزمن، لم تتحق من امال وطموحات وتطلعات شعبنا سوى النزر اليسير في مقابل الكم الهائل من المشاكل والازمات التي القت بظلالها الثقيلة على المواطن الفلسطيني.
ولعل في الشهور الاخيرة لاح بصيص من التفاؤل بإنهاء الإنقسام وإتمام المصالحة وتشكيل حكومة شراكة وطنية وحلحلة العقد، وتجاوز الخلافات والاختلافات، هذا البصيص من التفاؤل الذي اطل على شعبنا، من شأنه ان ينعش الامال والطموحات والتمنيات بغد افضل وبمستقبل جديد يمكن ان يكون افضل من سابقه، ويشهد اوضاعا سياسية وامنية واقتصادية وحياتية تلبي جزءا من ولا نقول كل مما يتطلع اليه ابناء الشعب الفلسطيني الكريم.
إن التوافقات بين الفصائل والقوى الوطنية وتحقيق المزيد من التفاهم والانسجام، من شأنه ان يترجم بعضا من امال وطموحات المواطن الى واقع عملي على الارض، وكذا الحال بالنسبة لتحسن الاوضاع الإقتصادية والامنية وتوفير الخدمات الحياتية الاساسية وحل ومعالجة مشاكله التي يعاني منها لاسيما المحرومين والمهمشين والمغيبين حتى الان.
ان مشاكل الوطن وازماته وان بدت معقدة وشائكة الى حد كبير، الا ان حلولها متيسرة وممكنة اذا ما توفرت الارادات القوية والنوايا الصادقة والتوجهات المخلصة لدى أصحاب القرار والمعنيين والمتصدين لزمام الامور.
آخر الكلام :
يجب علينا أن نستيقظ من سباتنا ونحفر الصخر بأظافرنا دفاعاً عن مشروعنا الوطني ودولتنا الفلسطينية المستقلة حتى لا يجرفنا الطوفان القادم.
بقلم / رامي الغف*
*إعلامي وباحث سياسي