حين يبادر فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشيل عون بتوجيه رسالة يُحيِّي فيها مؤتمراً عُقد في ذكرى مرور مائة عام على وعد بلفور في العاصمة اللبنانية بيروت، ويتمنى له التوفيق والنجاح إنما بذلك يريد الرئيس أن يوجه رسالة سياسية وفي إتجاهات مختلفة محلية وإقليمية ودولية..
المؤتمر الذي نظمه المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج ومركز الزيتونة للدراسات والإستشارات بالتعاون مع المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن يوم السابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وحياه الرئيس عون تناول بعد الإفتتاح تقديم أوراق عمل قانونية وسياسية وإستشراف حال المشروع الصهيوني في المستقبل..، شارك في تقديمها نخب أكاديمية وخبراء متخصصون، وحضره عدا عن وفود شعبية لبنانية وفلسطينية وفوداً عربية من سوريا وتونس والمغرب والجزائر والعراق ومصر والبحرين.. وأجنبية من اليونان وإيرلندا وفرنسا وأمريكا وبريطانيا.. وممثلين عن القوى والأحزاب السياسية اللبنانية والفلسطينية، وحضور نوعي لمؤسسات المجتمع المدني المحلي والإقليمي الدولي.
في رسالته يريد رئيس الجمهورية اللبنانية أن يؤكد على الثوابت اللبنانية تجاه القضية الفلسطينية وبأن لبنان رئاسة وحكومة وشعباً مع الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وأن الرئيس يدعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة كاملة السيادة على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة تكريساً للإعتراف المتبادل بين الدولة اللبنانية ودولة فلسطين الذي أُعلن عنه من بيروت وتم اعتماده رسمياً في شهر آب/أوغسطس 2011. حينها اعتبر وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور أن "إعتراف لبنان بدولة فلسطين لا يعني بأنه تخلى عن حق العودة، وأن الفلسطينيين موجودين في لبنان بصورة مؤقتة وأن حق عودتهم الى ديارهم ثابت".
وتاتي رسالة الرئيس عون بعد تأكيده من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثانية والسبعين في 21/9/2017 بأن " تعطيل دور مؤسسة الأونروا يهدف الى نزع صفة اللاجئ تمهيداً للتوطين وهو ما لن يسمح به لبنان لا للاجئ أو النازح، مهما كان الثمن" مضيفاً "لا يمكن أن تصحح جريمة طرد الفلسطينيين من أرضهم بجريمة أخرى في حق اللبنانيين عبر فرض التوطين، كما في حق الفلسطينيين عبر إنكار حق العودة عليهم" وهذا يتطابق مع ما جاء في مقدمة الدستور اللبناني.
أما على المستوى الإقليمي فالرسالة قد جاءت في وقت طفا فيه على السطح الحديث عن مشاريع تطبيع لبعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني، وبأن لبنان سيبقى وفياً لفلسطين والقضية الفلسطينية ولو تهافت المطبعون.
أما على المستوى الدولي نعتقد بأن الرئيس عون يريد أن يؤكد على أن الوعد الذي أطلقه وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور قبل مائة عام هو وعد باطل مهما طال عليه الزمن، وهو مخالف للشرائع والمواثيق الدولية وأن الخطأ التاريخي الذي ارتكبه المجتمع الدولي بتأسيس الكيان الإسرائيلي المحتل في أرض فلسطين وفقاً للقرار الأممي رقم 181 الذي نحيي ذكراه في كل عام في 29/11/2017 وأن الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني وتسبب بوجود ما يقارب من 8 ملايين لاجئ فلسطيني في مختلف دول العالم يجب تصحيحه والتراجع عنه واسترداد الحقوق لأصحابها الفلسطينيين.
الرسالة التي تليت على مسامع المشاركين في المؤتمر لاقت ترحيباً وإهتماماً خاصاً ومحل تقدير وعرفان، خاصة في ظل الظرف الدقيق الذي يمر به لبنان. كلمات المنظمين لم تخلو من التمنيات بأن يعم لبنان الأمن والأمان والإزدهار والإستقرار، إذ ستبقى القضية الفلسطينية بخير طالما أن لبنان بخير. بقي أن يبادر لبنان بقواه ومرجعياته السياسية بالعمل على توفير الحقوق الإقتصادية والإجتماعية من الحق في العمل والتملك والإستشفاء والتعليم.. وهذا يعزز ما يدعو إليه فخامة الرئيس واللاجئون الفلسطينيون من رفض للتوطين والتمسك بحق العودة.
بقلم/ علي هويدي