بعد قراءة المشهد الدامي في سيناء مؤخرا والطريقة التي حصدت فيها هذه المجموعات الارهابية ارواح الابرياء واختيار المكان والتوقيت بات مهما ان نحلل بقراء استراتيجية لمستقبل عمل تلك المجموعات والاهداف البعيدة لمخططاتهم العميلة والذي يدلل لنا ان هناك تغير كبير قد حدث في خطط هؤلاء الارهابين وعلى اثر هذا التغير الكبير في طريقة واسلوب العمل الارهابي بتنا على ابواب مرحلة دامية واجرامية قد تزداد ضراوة في الاسابيع والشهور القادمة وقد يؤثر هذا التحول على طبيعة التطرف ليتحول الى اقسي وابلغ اجراما ليس بحق الجيش المصري وانما بحق المدنيين في كل ربوع مصر وسكان سيناء بشكل خاص وخاصة بعد استهداف مسجد الروضة بالعريش والذي راح ضحية اكثر من ثلاث مائة ضحية من المصلين الابرياء الذي لم يتخيلوا يوما من الايام ان الارهاب قد يستهدفهم في مساجدهم ويرتكب مجزرة بشعة تهتز لها الابدان وتدينها وترفضها كل الديانات على وجه الارض , هذا يعني ان الجماعات المتطرفة والارهابية الغريبة على شريعتنا ومعتقداتنا واصالتنا وعروبتنا بدأت تفكر بطريقة اكثر بشاعة بعد فشلها في النيل من الجيش المصري الذي انزل بتلك الجماعات الهزائم تلو الهزائم واضعف صفوفهم الى حد كبير , وبعد فشلها في الانتشار والتواري بين المدينين وبعد فشلها في تحويل سيناء الى ثقب اسود في جعبة مصر تستقطع لصالح خارطة جيوسياسية جديدة بالمنطقة.
استهداف المساجد و الكنائس والتجمعات السكانية والابرياء قد يكون ناتج عن افلاس هؤلاء الارهابين وفشل كل مخططاتهم واستراتيجياتهم للعمل في سيناء وعدم قدرتهم على بناء قواعد لهم هناك, واستهداف المساجد في المرحلة الحالية قد يكون بداية التحول الكبير في عمل تلك المجموعات , ولعل تلك العملية ليست عملية انتقام بحد ذاتها كما تحدثت بعض التقارير بقدر ما هي عملية تدلل بان تلك المجموعات ارادوا ان يوجعوا الشارع المصري بدرجة كبيرة و يرسلوا اقسي الرسائل الدامية محملة بالألم للجيش المصري الذي يطارد تلك الجماعات من ثغر الى ثغر , لعل الهدف الاستراتيجي من وراء هذا التحول الخطير في اداء المجموعات الارهابية في سيناء هو تفريغ المنطقة الممتدة من رفح الى عمق 50 كيلو متر شمالا وشرقا وهو المخطط المركزي الصهيوني الذي يسعي لحل الصراع على حساب سيناء وبالتالي وليس على حساب الارض المحتلة عام 1967, لعل هذه الحقيقة تقول ان هذا الهدف يتقاطع مع اهداف الجماعات الارهابية الاستراتيجية في كل من العراق وسوريا والذي فشل حتى الان بإقامة مناطق خاصة بالتنظيم تحت مسميات اسلامية وبالتالي اضعاف وتقسيم العراق الى ثلاث دول واضعاف سوريا وتقسيمها الى ثلاث دول اخري, ولعل ما اصبح امام هذه المجموعات الا سيناء باعتبار ان هذه البقعة الاستراتيجية غير مأهولة بالسكان وشبه فارغة يستطيعوا ان يؤسسوا فيها ما يحقق الاهداف الصهيونية على المدي البعيد .
الدم القتل الحرق التكفير التهجير هي اشكال الاجرام وما يسوقه هؤلاء المجرمون ولعل ما حدث في مسجد الروضة واستهداف اهل الروضة , تلك القرية المصرية البطلة يدلل على ان هذه الجماعة جري غسل ادمعتها مسبقا وبالتالي استهدفت المسجد باعتبار ان من يصلي فيه كفرة يتوجب قلتهم وهذا ما تعمل من خلاله تلك الجماعات , لن تنجح كل مخططات تلك الجماعات في غسل ادمغة كل الناس وافكارهم ولن تنجح في نشر الفكر الظلامي والتكفيري بالطريقة التي يعتقدوا انها تساعدهم في توظيف العامل البشري في سيناء لتغذية خلاياهم وبالتالي نجاحهم في تأسيس قواعد كبيرة, وما بات مؤكدا بعد هذه العملية ان كل تلك المخططات لن تنجح لانهم لا يعرفوا بدقة طبيعة الحياة في سيناء والعقيدة التي يتطبع بها هؤلاء الناس وهنا فان طريقة استهدافهم لهذه التجمعات التي تحكمها البداوة والاصالة سيكون لها رد فعل عكسي من قبل القبائل في سيناء التي يتوجب من الان فصاعدا تسليحها وتزويدها بالأسلحة الرشاشة والمضادة للدروع لتدافع عن نفسها من الان فصاعدا وتعمل بتنسيق كامل مع قيادة الجيش المصري الذي لا تغفل عيناه عن تحركات كل تلك الجماعات لكن اتساع رقعة الصحراء تعيق عمل الجيش الى حد ما .
عند هذا التحول الكبير في مخططات واهداف هذه الجماعات لابد وان تقابلها ايضا تطور في اداء الجيش المصري للتصدي لتلك الجماعات واجتثاث جذورها من كل سيناء وما جاورها وهذا دور يدافع فيه الجيش المصري عن العرب اجمع وليس عن سناء ويدافع عن ثوابت القضية الفلسطينية و اراضي الدولة الفلسطينية المستقبلية , ان هذا التطور يتطلب اليوم كما تحدثت تسليح القبائل في سيناء وسكان البلدات وكل القري و البلدات لانهم ادري بشعاب سيناء وطرقها واوديتها وجبالها وكفورها . لعل هذا سيوجد قوة شعبية مسلحة تتشكل من عدة جبهات لمقاومة للإرهاب على ان تبقي هذه الجبهات داخل تلك التجمعات السكانية واعتقد انها ستنجح بشكل كبير في اضعاف عمل تلك المجموعات واعاقتها ومطاردة افرادها والقضاء عليهم جنبا الى جنيب مع افراد الجيش رحم الله شهداء الجيش المصري وشهداء مصر جميعا.
بقلم/ د. هاني العقاد