وداعا رفيقي الانسان.. محمد الغرباوي

بقلم: نافذ غنيم

كان  الابرز من بين الرفاق الذين عايشتهم في مسيرتي الحزبية .. امتاز بطيبته وعطائه الكبير.. وبقلبه الابيض كنصوع الثلج.. كان مبتسما دائما. حتى في لحظات غضبه تشعر وكان انفعاله من وراء قلبه .. لا اذكر بانه رفض طلبا لمن لجأ اليه حتى لو كان على حساب بيته وابنائه.. ولانه نبع من العطاء. لم يبخل يوما على الحزب الذي انتمى اليه.. كان صادق الانتماء.. مبدئي المواقف.. دائم العطاء في كافة الميادين.. كيف لا وهو الذي انحاز لقضية شعبه وفي القلب منها هموم الفقراء والمظلومين منذ نعومة اظفاره.. كيف لا وهو الذي كان فارسا مقاتلا منذ انذلاع الشرارة الاولي للانتفاضة الفلسطينية الباسلة.. كيف لا وهو الذي لم يتوانى عن الالتزام بما يكلفه به الحزب حتى ولو كان ذلك على حساب حياته ومستقبله.. اذكر له عشرات المواقف البطولية في الانتفاضة. والكثير من المواقف المبدئية الجريئة التي لا يستطيع تبنيها الكثير من الناس .
محمد الغرباوي.. باغتك المرض الذي حاولت مرارا التغلب عليه بارادتك وقوة قلبك ووجانك.. وحاولت ان تصرعه في معركتك الاخيرة عندما سافرت معنا للقاهرة لاجراء عملية لقلبك النقي الذي حاصرته الالم الايام وبؤس الحال.. كنت ذاهب لترسم الحياة والفرح على وجوه من احبوك قبل ان ترسمه على جبينك.. وكنا من حولك نشجعك ونعزز فيك الامل بانك ستنتصر على قاهرك..كنت وكما ابناء شعبنا تتامل الكثير من حوارات القاهرة الاخيرة التي كنت تتابعها معنا كل يوم.. واحسست بك وقد اصابك نوعا من القلق مع انتهاء جلساتها.. لكنك قلت لي وقتها.. ان تكون الامور كذلك خير من الفشل.. وعندما غادر الوفد لغزة.. بقينا معا في شقتك الجميلة المتواضعة بعين شمس.. وكالعادة كنا نحب ان نعيش ايامنا معا في مصر .. نقلب كل الاشياء وننبش في القصص القديمة والجديدة.. وعن تلك المغامرات التي يكسوها طابع جمالي وانساني.. كنت يا رفيقي استانس بصحبتك وشهامتك ورجولتك.. وهذه المرة كسابقاتها لكني حنوت عليك كثيرا وانا اتلمس طريقك الخطر لجراحة قلبك.. حرصت ان لا افارقك ابدا خوفا من ان يصيبك اي مكروه.. وعندما اضطررت للغياب عنك. حرصت ان يبقى رفيقنا هشام الى جوارك... ما يؤلمني ايها الحبيب انك اخترت ان تفارقني في لحظة لم اكن فيها لجوارك.. وعندما وصلت للمستشفى كنت حينها قد فارقت الحياة..كان رحيلك سريعا جدا.. اسرع من اكتمال الساعة لدورانها.. وما يؤرقني ان عينيك لم تغمضا على رسمي.. واذنك لم تسمع اخر نبراتي.. لكن عزائي فا اننا حاولنا قهر وحش الموت بكل ما نملك لكننا لم نستطع الى ذلك سبيلا..
تخيلتك للحظات وانت تصارع الموت وتختنق انفاسك ان شريط ذكرياتك قد مر اما ناظريك في لحظات.. تذكرت زوجتك الوفية وابناؤك الرائعين واحفادك الذين كنت قد تواليت في الاتصال معهم وعبر الفيدو قبل رحيلك بساعتين حينها لم تكن تعاني من اي الم.. وكان الحياة اسعفتك لذلك.. او انك كنت تشعر من حيث لا تدرى بان زمنك لم يتبقى منه الا ساعتان..
رفيقي الانسان.. ونحن ننتظر اليوم وغدا اجراءات عودتك الى غزة التي تحتاج لجهد كبير بسبب الاغلاق والحصار الذي كنت انت ضحيته كما الالاف من ابناء شعبنا.. كنت اتمنى ان تنجح محاولتي للعودة معك كمرافق لجثمانك الطاهر.. لكن ما يزيد المي انني لم استطع نيل هذا الشرف.. فلك مني رفيقي كل الحب والتقدير والاحترام.. ولروحك المجد والخلود الابدي..
سلام لك ولكل الذين يرسمون على طريق الانسانية والنصر علامة .
_______________________________

بقلم/ نافذ غنيم*
* عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني