ان تحدثنا عن ازمة رواتب الموظفين في غزة وعودة لقرار خاطئ بل تدميري في عام 2007م والذي قضى بجلوس الموظفين العسكريين والمدنيين في بيوتهم وألا قطعت رواتبهم ورقنت قيودهم فهو قرار ام البدايات لسيناريو سياسي امني يعمل في شطري ما تبقى من ارض الوطن، والبعد الاخر عندما لا يكون هناك رأس مال وطني يدرأ مخاطر التبعية وتأثيرها على القرار الوطني والقرار السياسي، قد نتذكر ان الثورة الفلسطينية الموءودة نقلت الشعب الفلسطيني من شعب لاجئ يقتات على ما تمنحه وكالة الغوث الى شعب ثائر يتجاوز المشاريع السياسية والحلول الاقليمية لمأساتهم، وللأسف تحولت القضية الفلسطينية بعد وفاة ثورته المعاصرة على ايدي هذا التيار الى قضية امنية يتم حلها بالمنظور الامني ذو الشق الذاتي والموضوعي لطبيعة الكيانية الاسرائيلية والقوى الاقليمية الحاكمة وبحكم تاريخية الصراع الجغرافية والديموغرافية وغيره
ولوله وغثيان وينقص الشعب الفلسطيني اليات وطنية وتنظيمية وشعبية لتجاوز ازماته ومواجهتها، الاستقطاعات في رواتب موظفي غزة ليست ام البدايات وليست ام النهايات، والكل اصبح جلادا واصبح قاضيا واصبح مستنزفا لحالة هي مستنزفة اصلا بكل المقاييس الوطنية والانسانية والاخلاقية،
حالة ضرب السلم الاهلي والثقافي والمعيشي التي تمارس من قبل نهج استئصالي تحدثنا عنه كثيرا ومتغلغل في فتح ومنظمة التحرير ولا تخلو الفئوية من سلوكياته وقبل وصول هذا النهج على رأس سلطة اوسلو
هوجائية التفكير والسلوك والممارسة كردات فعل على قطع الرواتب او اختزالها او تقليصها وشخصتنها في بؤرة سلوك السلطة الاجرائي يبتعد كثيرا عن اصول المشكلة وابجدياتها، فالأحكام الوطنية وغياب المؤسسة والتنظيم الثوري المتماسك هي في غياب كامل عن الحدث والاحداث المتتالية والمتدرجة، قد تكون الرواتب مست فئة على المستوى الاسري والمعيشي والاقتصادي لأبناء القطاع ولكنها لن تكون ام البدايات وام النهايات اذا وضعت في المربع الكبير لسلوك الانشطار والتغييب والتحول لثقافة شعب رافق اوسلو والمستفيدين منها، فلو تخيل البعض ولا نتحدث عن الكل ان ازمة الرواتب والموظفين سواء التابعين للسلطة او التابعين لحماس هي ازمة في المشروع الوطني وازمة نهج وازمة قيادة وازمة ثقافة توالدت لدى الشعب بحكم المصالح والطموحات الفردية وليست الجماعية والوطنية للشعب الفلسطيني، ونذكر لقد مر مرور الكرام على ازمة وطنية فتاكة ومن اهم مصنفاتها ونتائجها الرواتب وقطع الرواتب وغيره ومنع التوظيف في غزة وتجميد أي امتيازات وظيفية، لم يهتز هؤلاء عندما الغيت بنود مهمة في الميثاق، ولم يهتزوا عندما حدثت تعديلات على المناهج الدراسية، ولم تتلكلك الالسن وتخرج الاحتجاجات والاضراب عن الطعام عندما مس جوهر البرنامج الوطني الذي هو العمود الفقري بكل جوانبه السياسية والاجتماعية وهو الكفيل بتوفير الرخاء للمواطن والمواطنة على ارض يسودها العدل والمساواة وحكم المؤسسة، وبالتالي اصبحت قضية الرواتب هي قضية جزئية تحولت لقضية استراتيجية وباقي القضايا قضايا ثانوية...!
شيء ممل ومذل لشعب ان تتحول كل مطالبه ليحافظ على رغيف خبزه وحليب اطفاله، وثقافي عدم القناعة التي تتوفر في حدود الراتب والتكيف معها بل وقعت طبقة الموظفين في شرك امني يقتطف اعناقهم ومستقبل ابنائهم بالهجوم الغير منطقي على ما فتحت لهم البنوك من قروض وليقعد مهزوما مذلولا مقهورا وهو المطلوب المتدرج لهزيمة شعب وهزيمة ارادته.
البعض يتحدث بسلوك استنكاري والاخر استهجاني والاخر بالشجب وبعضهم يتجمهر مطالبا بالرجوع عن القرار... شيء محزن فعلا فالسياسة لا تعرف العواطف ولا تحترم اصحاب الشجون، شعب فقد ادوات فعله وقوته من خلال سيناريو بدأ فعلا بعد اوسلو... شعب يقتات على مؤسسات الضمان الاجتماعي الاوروبي والعربي من راتب رئيس سلطته الى الوزراء... هناك دول كثيرة ركعت لصندوق النقد الدولي وشروطه.. وهي دول تتحدث عن سيادتها فما بالكم بشعب لا يستطيع ان يقرر بما تصرف الاموال الممنوحة له من الدول المانحة وفي أي المشاريع...؟؟ غزة فيها 120 مليونير والضفة ضعف هذا العدد... اين الراس مال الوطني... واين اموال ابناء عباس واللجنة المركزية... وفيما تستخدم هل هي لصالح الشعب ام لصالح اقتصاد شخصي ودول اخرى مستفيدة من تلك الاموال... لن اتحدث كغيري عن الضرائب والجباية والتي تستفيد منها السلطة ويصرف نصفها لقطاع غزة... والباقي للأجهزة الامنية العاملة في الضفة والمؤسسات الاخرى، ولكن لو وضعنا المثل القائل "" موت الجماعة رحمة " وحياة الجماعة رحمة " يتوجب في الازمات الاقتصادية والمالية ان تبدأ حملة ربط الاحزمة من الرئيس للوزير وما هو ادنى وبدون تمييز...!!
ليست ام البدايات وام النهايات والحبل على الجرار انسجاما مع مشروع سياسي قد تكون الكونفدرالية هي احدى معالمه القادمة وتقسم شطري ما تبقى من ارض الوطن الى جغرافيات امنية خاضعة بشكل او باخر لدول اقليمية وبمنطق الجغرافيا والديموغرافيا الامنية
شعب لم ينتبه للبدايات وما جلبت وتساوق مع كل السيناريوهات المشبوهة وشخوصها وفئويتها وكان غالبيته منسجما وهو يجر الى حبل المشنقة يغني ويزغرد ويدبك ويجدد البيعات ويهز الكتف بحنية وفضل حياة التسول مقابل مشروعه الوطني الذي كان يمكن ان يحقق له التحرير والحرية والسلم الاهلي والاجتماعي عليه ان لا يولول فهي كانت خياراته.
سميح خلف