في محاولة لوقف أي تصدع قد يضرب جدار المصالحة الفلسطينية، وفي ظل حالة الصخب الإعلامي على مدار اليومين الماضيين، وما جرى من تصريحات موترة للأجواء للعديد من المسؤولين والفصائل حول المصالحة وآلية التطبيق، شعر المواطن بأن المصالحة على أبواب الفشل، مما احدث حالة من القلق و الفزع لديه.
وأمام هذه الحالة، انطلقت العديد من الدعوات لوقف حالة التراشق الإعلامي، وترك المجال للحوار والنقاش وذلك في ظل وجود الوفد الأمني المصري الذي يعمل على مراقبة وتهيئة الأجواء بين حماس وفتح، من أجل تطبيق المصالحة على أرض الواقع، فيما يخدم المصلحة العامة.
هذا وأصدر الرئيس محمود عباس، مساء أمس، قرارا بوقف جميع التصريحات التي تتناول المصالحة الوطنية والمتسببين في عرقلتها فورا، وذلك من أجل المصلحة الوطنية الفلسطينية، وعلاقاتنا مع الأشقاء المصريين، مع التقيد الفوري بالقرار وللضرورة القصوى.
المصالحة وإعادة اللحمة
وتعقيبا على حالة التوتر وأهمية ضبط الخطاب الإعلامي من اجل تهيئة الأجواء لتطبيق شروط المصالحة، قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور مازن صافي: "بداية كانت المصالحة الفلسطينية على طريق إنهاء الانقسام وإعادة اللحمة الوطنية وصولا إلى الوحدة الوطنية الشاملة وبناء مؤسسات الوطن من اجل حلم الدولة الفلسطينية، لأن ذلك حلم الكل الفلسطيني في ظل تداعيات عشر سنوات قاسية من الانقسام الأسود، لا يزال شعبنا في قطاع غزة تحديدا يعاني منها من كافة النواحي، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية والثقافية السياسية، وألقت بظلالها على كافة قدرة شعبنا الفلسطيني على التنمية في مؤسساته ووزارته ".
وتابع صافي في حديث لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، وجاءت المصالحة الفلسطينية، والتي انطلقت من خلال المبادرة المصرية استكمالا لإتفاق مايو 2011، وذلك لتقديم العربة للأمام وتضع آمال جديدة لشعبنا الفلسطيني.
وأشار صافي إلى أن الفترة السابقة و التي كان هناك بها التزام لاتفاق لبرنامج اتفاق القاهرة الأخير في أكتوبر 2017و كان هناك بداية آمال وشعور من كافة أبناء شعبنا بان هناك مرحلة جديدة وجدية ومنها حصر موظفي السلطة ،و أيضا تفاهمات حول إمكانية السير في البرنامج، ولكن بعد لقاء الفصائل في 21 / 11، ألقى بظلال صعبة على حياة الكل الفلسطيني، وعاد بعقارب الساعة للخلف، وبدأ المواطن في قطاع غزة بالتململ، وبدأت مشاعر الإحباط، و عدم القدرة على قراءة ما يدور.
مطلوب مرونة عالية
هذا وقال الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم في تصريح له حول المناكفات الإعلامية، إن الحركة لن تنجر إلى أي مناكفات من شأنها تسميم الأجواء وسننشغل بما يحقق مصالح وطموحات شعبنا، والذي يشهد على التزام الحركة بكل ما جاء في اتفاقات المصالحة وتقديمها كل ما هو مطلوب بمرونة عالية جدًا هو شعبنا الفلسطيني ونخبه ومكوناته المختلفة.
وأوضح صافي، أن هذا الأمر كان يرافقه توتير إعلامي ساخن من خلال التصريحات، ومن هنا نركز بان هناك أيادي سوادء وخبيثة تصنع في الخفاء، تعمل على صناعة أخبار مزيفة وتوتيره يراد بها قلب الشارع الفلسطيني، و إعطاء مساحة سوداء للإعلام المضلل، والذي لا يريد لشعبنا اى خير، مما يعمل على زيادة إحباط الشعب الفلسطيني.
وحول تصريحات الرئيس محمود عباس الذي طالب بها بوقف التصريحات الموترة للمصالحة، قال صافي خلال حديث لـ"وكالة قدس نت للأنباء": "نحن نقرأ تصريحات الأخ الرئيس أبو مازن بأنها في الاتجاه الصحيح، و انه يجب السير قدما تجاه المصالحة، وانه لا يمكن العودة للخلف، وهذه الأجواء الإعلامية يجب أن تكون إيجابية وان يلتزم الجميع، وأن يكون هناك ناطقين رسميين لكل حركة بما يخص ملف المصالحة، و هذا الأمر يمكن ضبطه و الالتزام به، وجاءت تصريحات الرئيس محمود عباس في وقتها، ونتمنى من الجميع الالتزام و الانضباط لصالح مسيرة المصالحة و الوصول للوحدة الوطنية و استكمال برنامج المصالحة".
التخوف من سقوط فكرة المصالحة
و أوضح منير الجاغوب رئيس المكتب الإعلامي مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح، معقبا على قرار الرئيس عباس:" أن قرار الرئيس محمود عباس -أبو مازن بوقف التصريحات حول موضوع المصالحة الفلسطينية يجئ تعبيراً عن الحرص الكبير على إنجاح مسيرة إنهاء الانقسام.
وتابع الجاغوب وفق ما رصده تقرير" وكالة قدس نت للأنباء"، أنه وفي هذا السياق يجب فهم وقف التصريحات التي من شأنها إثارة سوء الفهم وتعكير أجواء المصالحة، وذلك إيماناً من السيد الرئيس ومن خلفه حركة فتح أن استمرار التراشق الإعلامي والاتهامات المتبادله لن تؤدي سوى إلى تشويه المواقف، وستكون النتيجة الحتمية لها هو سقوط فكرة المصالحة في نظر جماهيرنا التوّاقة لإنجازها".
ونوه الجاغوب، أن ذلك سيؤدي إلى ترسيخ حالة اليأس وفقدان ثقة تلك الجماهير -وهي الحاضنة الطبيعية للوحدة الوطنية- بإمكانية إنهاء هذا الفصل المأساوي من تاريخنا والانتقال إلى إنجاز المشروع الوطني الفلسطيني الذي يحظى بإجماع شعبنا وكافة قواه الوطنية والإسلامية.
لقاءات بين حماس و فتح
وعن أهمية الوفد الأمني المصري في ممارسة دورة للضغط على الفصائل لضبط الأوضاع، ذكر صافي، أن الوفد الأمني المصري يتابع ويعالج الإشكاليات، وعلى فصائلنا وشعبنا ألا يعتقد في ظل ما يحيط بنا، و ما يريده الاحتلال ويخطط له لإفشال المصالحة، أن طريق المصالحة ممهد بالورود ، الكل يجب أن يقف في وجه الويلات التي تحاك ضدنا من قبل أعداء الشعب الفلسطيني.
وحول المطلوب لضبط الحالة الإعلامية ذكر صافي، بأن هذا يتطلب دوما أن يكون هناك لقاءات بين حماس و فتح من أجل ضبط الحالة الإعلامية بشكل جاد و إيجابي، ومن ثم سنجد أن هناك قدرة على المضي قدما في تنفيذ برنامج المصالحة، و أن نضع نصب أعيننا أن مصلحة شعبنا الفلسطيني فوق كل الاعتبارات وان كافة القضايا الخلافية تحل على طاول المصالحة و الحوار الإيجابي.
وكانت نقابة الصحفيين الفلسطينيين دعت كافة الزملاء ووسائل الإعلام الالتزام بقرار رئيس دولة فلسطين محمود عباس مساء أمس بوقف جميع التصريحات التي تتناول المصالحة الوطنية والمتسببين في عرقلتها فورًا؛ وذلك من أجل المصلحة الوطنية الفلسطينية وعلاقاتنا مع الأشقاء المصريين، مع التقيد الفوري بالقرار وللضرورة القصوى.
تهدئة الأجواء
هذا و كانت الفصائل الفلسطينية، عقدت مؤتمرا صحفيا بالأمس حول أبرز ما تم التوصل إليه إنهاء الإجراءات المفروضة على قطاع غزة وتطبيق ما تم التفاهم عليه في الاتفاقات السابقة ، وذلك عقب الاجتماع الطارئ الذي عقده رئيس حركة "حماس" في قطاع غزة يحيى السنوار، مع قادة فصائل العمل الوطني والإسلامي في القطاع، لبحث التطورات التي شهدها ملف المصالحة الوطنية، بحضور الوفد الأمني المصري ونائب رئيس الوزراء الفلسطيني زياد أبو عمرو.
و دعا طلال أبو ظريفة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، في تصريحه لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، الجميع إلى عدم الانجرار وراء التصعيد، من أجل حماية المصالحة بعيدا عن حالة التراشق الإعلامي التزاما لما جرى الاتفاق عليه في حوارات القاهرة بـ 21 و 22 / 11 والبيان الختامي وما تضمنه حول هذه النقطة التي من شأنها أن تلقى بظلالها السلبية على المصالحة وعلى أجوائها وتخلف مساحة من التناقضات لا تخدم الحالة الوطنية الفلسطينية الحاضنة للمصالحة.
وشددت الفصائل على أن اجتماع امس جاء لتهدئة الأجواء لتطبيق ما جاء في اتفاق المصالحة، والقوى لعبت دورًا كبيرًا من أجل ذلك، و أن المصالحة ليست لفتح وحماس إنما للكل الفلسطيني لنرسم إستراتيجية لمواجهة الاحتلال ، و ان كافة القوى الوطنية والفلسطينية ستلعب دورًا كبيرًا ونحن جنود من أجل تحقيق المصالحة لنخرج من الأزمة الحقيقية التي مرت بها شعبنا.