المصالحة ...ومخاطر التصعيد الإسرائيلي !

بقلم: وفيق زنداح

تصعيد اسرائيلي يستهدف العديد من الأماكن داخل القطاع ....في محاولة اسرائيلية تم ترديدها لايقاف عجلة المصالحة ....ومحاولة خلط الأوراق الفلسطينية ....وارباك الجبهة الداخلية ...وتعزيز الانقسام ....وزيادة المصاعب والتعقيدات داخل المشهد الفلسطيني ....الذي لا زال يحاول لملمة جراحه ......وترتيب أوراقة ...وأولوياته الوطنية .....بما يحقق ويعزز من مقومات الوحدة ....والشراكة السياسية .....تعزيزا لمقومات الصمود والمواجهة لعدو محتل لا زال غيه وممارساته التعسفية ....وجرائمه المتواصلة بحق شعبنا ....وأرضنا ....ومقدساتنا .
عدو محتل لا زال مصمما على عدوانه واحتلاله ....وممارساته التعسفية ....ولا يألو جهدا لأجل حصارنا ....والتضييق علينا ....وحتى عدم الالتزام بكافة الاتفاقيات الموقعة .
وما القصف الهمجي الذي جري مساء اليوم ضد القطاع يبقي في اطار التصعيد ...وممارسة العدوان والابتزاز السياسي .... حتى يتم فرض الأجندة الاسرائيلية علينا ....في ظل مشاريع سياسية يحاولون من خلالها فرض شروطهم علينا ....واستغلال حالة الانقسام الفلسطيني .
الا أننا ومن منطلق المسئولية الوطنية والتاريخية ....والحرص الفصائلي ....كما حرص القيادة الفلسطينية على تفويت الفرصة .......وعدم اعطاء هدية مجانية لعدو ....لا يمانع بحكم تاريخه والتجربة معه ....على ارتكاب المزيد من الجرائم ...وقتل المزيد من المدنيين ...كما هدم المزيد من المنازل والأحياء .....نحن واذ نفوت الفرصة على العدو المحتل ....ليس من منطلق الضعف ....ولكن من منطلق الحسابات السياسية الوطنية ....والتي تفرض علينا أولوياتنا ...بحسب تقديراتنا ...وليس بحسب تقديرات عدونا وحساباته .

المصالحة وحسب اتفاق القاهرة بالثاني عشر من شهر نوفمبر الماضي .... وما جاء بالاتفاق على أن تتسلم حكومة التوافق كافة الوزارات والمؤسسات ...وأن تتمكن من مسئولياتها ومهامها بصورة كاملة حتى الاول من ديسمبر .
وفعلا بدأت أولي الخطوات باستلام حكومة التوافق لبعض الوزارات والمؤسسات ....كما استلام المعابر الحدودية ....إلا أن الاستلام لم يكن مكتملا حتى الان ....في ظل إشكالية حقيقية لها علاقة بالأمن والجباية كما لها علاقة بالموظفين ....الذين تم تعينهم من قبل حركة حماس عبر سنوات الانقسام .
أي أن الفرج المنتظر كان من المفترض أن يكون في 1 ديسمبر .....ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي الأنفس .... في ظل أزمات متفاقمة .....بفعل فاعلين ....وتصريحات خرجت عن النصوص ومفردات التصالح ...وأجوائه .....فكانت الأزمة وبحمد الله تم لملمتها .....بوجود الراعي المصري الشقيق وبلقاء القوي والفصائل ...والتي أنتجت قرارا بأن يتم التعديل ما بين الأول من ديسمبر الي العاشر من ذات الشهر .
وهنا فليس المشكلة بعشرة أيام في ظل انقسام أسود استمر ما يزيد عن عشرة سنوات ..... كما أن المشكلة لا يمكن اختصارها واختزالها بالموظفين الذين تم تعينهم من قبل حماس ...والتي لها أسبابها ومبرراتها من وجهة نظر الحركة التي وجدت الوزارات والمؤسسات فارغة .....كما يقال ..... وأن الموظفين الشرعيين قد استنكفوا عن عملهم ....والتزموا بقرار قيادتهم ولم تجد حماس أمامها الا أن تقوم بالتعيين ودفع رواتب موظفيها .... من الموارد المالية التي كانت تتحصل عليها بحكم سيطرتها على القطاع .
وحتى تكون الأمور واضحة ومع الاقرار بوجود مشكلة حقيقية ....ذات علاقة بموظفي حماس ....الا أن المشكلة الاخري لها علاقة بتمكين الحكومة وسيطرتها على كافة الملفات والمهام .... والمسئوليات ....حتى يمكن متابعتها ومراجعة أدائها ....والحكم عليها .....أو الحكم لها .
حكومة التوافق اذا ما تمكنت وتولت كافة المهام والمسئوليات ....في ظل ازمات متفاقمة ...ومصاعب وتحديات لا حصر لها .... وفي واقع مطالبات يطول الحديث فيها .... اضافة الي ما يمكن أن يطرأ أمام هذه الحكومة من تحديات أنية ....وتعقيدات بالمشهد السياسي الداخلي داخل القطاع ....وما يمكن أن تكون النتيجة عليه حول الحكم على هذه الحكومة بالنجاح أو الفشل .
بعيدا عن الفلسفات والتحليلات .....وأي أراء سياسية ...فصائلية .... علي قاعدة أن أي حكومة اذا لم تمتلك المال والأمن والادارة التي تؤهلها لصناعة القرار..... وتنفيذه بقوة القانون ....ليست حكومة ...ولن تكون على أعلى تقدير مجلس قروي ....ولا حتى بمفهومنا البلدي بيت مختار .....مع احترامنا للمخاتير .
يعني نكون بذلك اذا لم تتوفر مقومات المال والأمن والادارة .....وصناعة القرار .....وتنفيذه ....نكون قد فشلنا ...ولم نساعد على انجاح حكومتنا .....باعتبارها حكومة الجميع مؤيدين ومعارضين ....محبين..... وكارهين .
المال والجباية والإيرادات .....يجب أن تكون داخل خزينة واحدة ...وبكافة أرجاء الوطن ....والامن واحد مؤحد .....بكافة أرجاء السلطة الوطنية ....فليس هناك أمن في غزة ....وأمن في الضفة ..... وليس هناك امن ذات عقيدة خاصة بالضفة ....وأمن ذات عقيدة خاصة بغزة ....باعتبار أن الامن فلسطيني وطني....يخدم القانون ويعمل على تنفيذه .....بكافة أرجاء الوطن ....وحيث تصل يد العدالة .
المصالحة الحقيقية والجدية .....الصادقة والأمينة .....تستند على حقائق وثوابت تعتمد على أسس صحيحة ....وثقة متبادلة ....ونوايا حسنة ...وارادة واحدة ....اذا لم تتوفر بالمصالحة كل ما ذكر سالفا ..... نكون أمام شي أخر ليس اسمه مصالحة ......ويمكن أن نختار له اسما أخر .
مصالحة حقيقية ...وأما انقسام الي الهاوية .
وأعرف ربما كما يعرف غيري ....أن المصالحة والسير فيها طريقا ذات اتجاه واحد ....وارادة تدفع باتجاه تحقيقها ....وفق حسابات سياسية .... داخلية ....اقليمية ...ودولية ...وأن الأمور أكبر منا جميعا ....حتى وان كانت لصالحنا ....وأكثر تعقيدا مما نعمل على تعقيده .
المصالحة متواصلة ومستمرة ....وبديلها يصعب الحديث عنه ...ولا تتحمله كافة الأطراف المتشاحنة المتضاربة والمتناقضة.
اياكم أن تحسبوا شعبكم يجهل بالسياسة..... وحتى بالعلاقات الدولية ...وما يجري داخل الغرف المغلقة ....وحتى مدي صحة ما يقال بالعلن من عدمه .....شعبكم يتقدم بوعيه ....وقادر على التحليل الموضوعي برؤية شمولية ....وبفهم عميق ....لطبيعة ما يجري.... ويعرف جيدا .... أهداف التصريحات العنترية .....كما دلالات التصريحات المرنة ....يعرف جيدا بحكم تجربة طويلة دفع من دمه ....وأرواح أبنائه ...وفلذات أكباده ... حتى وصل الي مرحلة النضوج .... والمعرفة .... والقدرة على التحليل ....وتبيان الصواب من الخطأ .
ولأنها السياسة .....وتناولها بحسب متغيراتها ....وأطرافها ..... قواعدها وأدواتها ومفرداتها .... ولأنها العلاقات والمصالح..... التي يجب أن يتم تناولها بدقة وحسابات متأنية ..... ولأنها مصالح وطن لا يقبل بالمخاطرة ..... كما لا يقبل بالمساس بأجيال لا ذنب لها ....وبأطفال يريدون عيش طفولتهم ....وشباب يريد أن يعيش شبابه ....ويبني أسرته ...ويجد فرصة عمله .
لا مجال ....ولا مفر ...ولا خيار ....وليس أمامنا الا المصالحة الوطنية ...وعدم ترك أي ثغرة من الثغرات للمتربصين ...وأعداء المصالحة ...وحتى لعدو اسرائيلي لا يريد استقرارنا ....بل يستمر باستهدافنا ....ومحاولة جرنا الي معركة هو من يريد تحديد توقيتها .....مكانها وزمانها ..... وهذا بالعلم العسكري والسياسي فخ اسرائيلي يجب أن نتجاوزه ....وأن لا نقع به ....وأن نقفز عنه..... وأن نسير بمصالحتنا ووحدتنا وتعزيز نظامنا السياسي ..... ومشاركة الجميع بمؤسساتنا الشرعية بداخل مؤسسات السلطة الوطنية ....ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها المرجعية السياسية والقانونية .....والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بكافة أماكن تواجده .
ليس أمامنا الا المصالحة .....باعتبارها أولوية وطنية لا غني عنها ....وهدف استراتيجي ..... يجب أن نحققه بإرادتنا الموحدة ...وبفكرنا السياسي والوطني ....وبقراراتنا الوطنية ...وبشراكتنا داخل مؤسساتنا الشرعية .
ليس مسموحا لأحد .....أن يكون خارج الأطر الشرعية ......لأن من هم بالخارج سيسهل على العدو الحاق الأذي بهم ....وسيصعب علينا امكانية معالجة اشكالياتنا الداخلية ...ومجمل أزماتنا المتفاقمة .
وحتى نتمكن من ترتيب أمورنا ....والتي تتعدي حدود العشرة أيام ...وحتى لا نحسب على بعضنا البعض ....وحتي لا نحاسب بعضنا البعض..... في ظل تهديدات تستجد علينا ....ومواجهات لا نعرف مداها .....وتصعيد إسرائيلي قد يخلط أوراقنا .....ويغير من أولوياتنا ....ويجعلنا أمام مواقف مغايرة .
نحن في فلسطين لا مجال لنا الا التنسيق وعلى أعلى درجاته ....مع مصر الشقيقة الراعي والضامن والشريك الحقيقي ....بإخراجنا من أزماتنا وكوارثنا التي نعيش فيها ....مصر بحكم تاريخها ودورها .....جغرافيتها ومكانتها وقوتها ....واستمرار دعمها ...وتواصل جهودها ....وممارستها لأعلى درجات الضغط السياسي للجم عدونا ....وعدم تصعيد الأوضاع .... وحتى لا تختلط الأمور.... ويأخذنا عدونا ....الي حيث يريد من مواجهات ....وحرب تولد الدمار ....لندخل بمرحلة إعادة الاعمار ....وحتى نبقي نلف وندور..... بحالة الهدم المستمر ....والبناء المتقطع ...يجب أن نحذر من التصعيد ....وأن نفكر مليا وجديا ....وبفكر وطني جامع ....حول قرار اجماع وطني.... نحدد من خلاله المسار والأولويات ....التي تخدم مصالحنا ....ولا نسبب الأضرار بنا .
الكاتب : وفيق زنداح