لقد ربط القرآن الكريم بين مكة والقدس برباط أزلي في قوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) هذا الرباط الرباني المقدس الذي يربط اليوم بين المملكة العربية السعودية وفلسطين عصي على أن ينال منه المغرضون، من هذه الفئة أو تلك، أولئك الذين باعوا عقولهم وضمائرهم، ويسعون لتعكير هذه العلاقة (السعودية الفلسطينية) العقدية والتاريخية والتي تدركها المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً منذ عهد المؤسس المغفور له الملك عبد العزيز وإلى اليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وكما وصفها حفظه الله في أكثر من مناسبة، وفي أكثر من موقف أن هذه العلاقة هي (علاقة مصير وليست علاقة طريق) ولمن يجهلون هذه المواقف نود أن نذكرهم بها، الملك سلمان والذي قبل أن يكون ملكاً يُعتبرُ رائداً من رواد العمل الإجتماعي والوطني والقومي والإسلامي والإنساني، والذي أسندت إليه رئاسة كافة اللجان لدعم الشعب الفلسطيني وغيره من الشعوب العربية إبان الكفاح ضد الإستعمار، تاريخه وتاريخ المملكة شاهد على ذلك، واليوم ونحن نشهد أكبر مؤامرة تتعرض لها القضية الفلسطينية وجوهرتها (مدينة القدس) ومحاولة الكيان الصهيوني وبدعم من الرئيس ترامب تهميش موضوع القدس وإفقادها مركزيتها في أي تسوية منشودة نؤكد أنها ستبوء بالفشل وستجد التصدي لها ليس من الشعب الفلسطيني فقط بل معه جميع أشقاءه الشعوب العربية وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية صاحبة المواقف التاريخية الثابتة في دعم الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه المشروعة في وطنه فلسطين وعن مدينة القدس وإعتبارها عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة التي لابد من إستمرار النضال والكفاح على كل المستويات حتى تحريرها.
لذا وفي ظل فوضى الإعلام والمعلومات، هناك من يسعى لتخذيل الشعب الفلسطيني من خلال التشكيك بمواقف بعض الأشقاء وبث الأخبار الكاذبة والإتهامات المغرضة للنيل من المملكة ومواقفها خدمة لقوى إقليمية مغرضة ومتآمرة على المملكة وعلى الأمن القومي العربي وهي ليست خافية على أحد، فنقول للمتلقي لهذه الأخبار والتلفيقات الشائنة أن يتذكر قول الله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة)، والمملكة العربية السعودية التي بذلت ولا زالت تبذل الجهود الكبيرة من أجل إحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشريف، وبحكم معرفتي ومتابعتي للسياسة السعودية على مدى أربعة عقود خلت فإنني أؤكد على ثبات هذه المواقف للمملكة من هذه المسألة، وهنا أسوق وأذكر بموقف واضح ومحدد لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يعود إلى يوم 05/09/1993م في لقاء ضمني معه في مكتبه في قصر الحكم في الرياض للحديث عن إتفاقات أوسلو التي كان مزمعاً التوقيع عليها بين م.ت.ف والجانب الإسرائيلي في البيت الأبيض يوم 13/09/1993م، حينها قدمت إليه عرضاً موجزاً عن تلك الإتفاقات والظروف والأسباب التي قادت إليها، وما يمكن أن يترتب على ذلك، وتوقفت عند القضايا الجوهرية والتي أشير إليها في تلك الإتفاقات بقضايا الوضع النهائي، وطبعاً في مقدمتها موضوع القدس، فكان تعليقه على ذلك التالي (أخ عبد الرحيم نحن في المملكة العربية السعودية نقيم دولتنا على أساس العقيدة، والقدس جزء من العقيدة، وبالتالي لا أتصور ولا أتخيل أن يكون هناك أي شكل من أشكال العلاقة مع الكيان الصهيوني أو أن يكون له تمثيل في الرياض والقدس محتلة) هذا الموقف وهذه الرؤيا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز هي رؤية جميع السعوديين حكاماً ومحكومين ومهما تتعرض إليه المملكة من ضغوط مختلفة، سوف لن يتغير هذا الموقف، ومعها كافة الأشقاء من الدول العربية، وهي تلعب اليوم دوراً رائداً على المستوى العربي في الدفاع عن نفسها أولاً وفي الدفاع عن القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والملك سلمان شخصياً الذي إندمج منذ أيام شبابه الأولى في دعم الشعب الفلسطيني والتفاعل مع قضيته، لن يتخلى عن هذا الدور المشرف له وللمملكة العربية السعودية، الذي أكد عليه في جميع المناسبات ويصفه بأنه علاقة المصير المشترك والتوأمة بين الشعبين الفلسطيني والسعودي، ولن تتأثر هذه العلاقة بما يروجه المشككون والمغرضون، ولن ينالوا منها مطلقاً، وهذه المواقف للمملكة ملكاً وحكومة وشعباً منذ عهد المؤسس رحمه الله وإلى اليوم كانت وستبقى محل تقدير الشعب الفلسطيني وقيادته، وليخسأ المغرضون والمشككون.
بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس