أحد على الاطلاق لم يخرج عن النص المسموح به امريكيا و- على الاطلاق - هذه لا تستثني احدا فكل ردود الافعال على قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل باهتة وسخيفة لأسباب عدة:
- القدس محتلة اصلا ومعلنة كعاصمة لإسرائيل من الكونغرس الامريكي بالإجماع
- فلسطين برمتها محتلة والتهويد قائم ومتواصل علنا ويوميا بدون اي رد فعل حقيقي على الارض ولا حتى مشروع رد فعل حقيقي
- الاحتلال يتنفس بالرئة الامريكية ومع ذلك نقبل بأمريكا كوسيط كنا ولا زلنا ونبقى
- العديد من دول اسطنبول تقيم علاقات حميمة مع اسرائيل بما فيها الدولة المضيفة وأحد منهم لم يفكر حتى بقطع هذه العلاقات ولو مع الدولة المحتلة ان لم يكن ممكنا مع امريكا.
بيان قمة اسطنبول باهت بكل مكوناته مع انه حاول جاهدا ان يجعل للكلمات معاني اكبر من مضامينها حين قال «هذا القرار الخطير، الذي يرمي إلى تغير الوضع القانوني لمدينة القدس الشريف، لاغ وباطل ومرفوض ولا يمتلك أي شرعية، بوصفه انتهاكا خطيراً لميثاق الأمم المتحدة الذي لا يجيز الاستيلاء على أرض الغير بقوة السلاح، ومخالف للقانون الدولي، وتحديداً اتفاقية جنيف الرابعة، ولكافة قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، مما يستوجب التراجع عنه فورا». بمعنى ان كل الفقرة انتهت بالمطالبة بالتراجع عن القرار مع ان الحقيقة ان المطلوب استعادة الوطن لا التراجع عن قرارات هي ليست اكثر من حبر على ورق.
البيان طالب مجلس الامن الدولي ب " تحمل مسؤولياته فورا وإعادة التأكيد على الوضع القانوني للقدس والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي" وكان هذه المسئوليات لا علاقة لهم انفسهم بها وان مجلس الامن وحده من يمكنه تحرير فلسطين دون ادنى فعل على الارض من قبل سائر الدول العربية والاسلامية.
تابع البيان معلنا ابداء المشاركين «استعدادهم لإثارة هذا الانتهاك في الجمعية العامة للأمم المتحدة في حال فشل مجلس الأمن الدولي في اتخاذ الخطوات اللازمة، بالإضافة إلى توفير كافة الإمكانيات المادية لدعم أبناء الشعب الفلسطيني في جميع الأراضي المحتلة بما فيها القدس». وهم بلك حددوا اطار عملهم الرسمي الذي لن يخرج عن قرارات منظمة اثبتت دوما انحيازها المطلق لإسرائيل وامريكا.
منعا لأية تأويلات فقد اكد المؤتمر على حقائق مهمة حتى لا يعتقد احد بان هناك شيئا ما قد يتغير او حتى من المحتمل ان يتغير لذا جاءت النصوص التالية في البيان الختامي واضحة وهي تؤكد على المساندة والدعم والتأييد للشعب الفلسطيني وتحدثت عن كل قرارات الامم المتحدة الخاصة بالقدس دون اي اشارة الى ان الاحتلال قائم ولا زال وان هناك قرارات وقرارات اصيلة تطالب اصلا بإنهاء الاحتلال وكأن بقرار ترامب نضع انفسنا بمطلب جديد قد نحقق به انتصار جديد ان اعلن ترامب مثلا انه يتحدث عن القدس الغربية وان السفارة لن تكون في القدس الشرقية او قدم اي تفسير من قبل طاقم ادارته يرضي دول اسطنبول المحرجة امام شعوبها.
دول مثل السعودية ومصر والامارات والمغرب غاب زعماؤها عن الحضور في اشارة واضحة انها لا تؤيد هذا المؤتمر الضعيف حتى ووزير الخارجية السعودي لا يزال يرى في امريكا وسيطا مناسبا راغبا بالسلام والبحرين اعلنت عن وفد سمي يقوم بزيارة لدولة الاحتلال ويصل الى القدس برعاية الاحتلال وجيشه.
لا أحد يرغب بمحاربة امريكا واسرائيل بدءا من الدولة المضيفة التي يحمل رئيس وزراءها وسام الشجاعة من قبل المؤتمر اليهودي الامريكي منذ العام 2004م وهناك 60 معاهدة امنية سارية المفعول بين تركيا ودولة الاحتلال وفي عام 2013 اشترت تركيا من شركة ايلتا الدفاعية الاسرائيلية اجهزة الكترونية لطائرات مزودة بنظام اواكس بقيمة 100 مليون دولار كما استضافت تركيا الدرع الصاروخية الاطلسية ضد ايران على اراضيها وقد ذكرت مؤسسة الاحصاءات التركية الرسمية ان حجم التبادل التجاري بين تركيا واسرائيل وصل في النصف الاول من العام 2014 الى اكثر من ثلاثة مليارات دولار وفي عام 2015 قال المفوض الدبلوماسي الاسرائيلي في تركيا ان حجم التبادل التجاري بين تركيا واسرائيل وصل الى 5,5 مليار دولار.
العلاقات القطرية الاسرائيلية تتطور ومتواصلة بلا انقطاع رغم المواقف المعلنة لقطر كداعم للمقاومة الفلسطينية وحتى كبلد مضيف لقيادة حركة حماس و في شهر سبتمبر 1994 أعلن مجلس دول التعاون الخليجي عن وقف المقاطعة الاقتصادية غير المباشرة المفروضة على الشركات العاملة في إسرائيل أو معها والقائمة تطول عن العلاقات السرية والعلنية وشبه العلنية بين عديد الدول العربية واسرائيل فهل يمكن لهؤلاء ان يشكلوا اداة حقيقية لتقويض الاحتلال الصهيوني لفلسطين كمشروع امريكي امبريالي اصلا.
ردا على قرار ترامب تحدث سيد المقاومة في اول رد فعل له عن تويتر وفيس بوك في اكثر خطاباته هدوء ورزانة على الاطلاق ولن يعني شيئا ما كان في خطابه التابع لإصلاح ما حصل
امام المسجد النبوي تحدث في خطبته عن تعاقب الفصول ومفتي السعودية يصف حماس بالإرهابية ويفتي بعدم جواز قتال الاسرائيليين وبعض المثقفين بدئوا يتحدثون عن تفضيل اسرائيل على فلسطين وقضيتها ووصل الامر ببعضهم بالتحدث عن عدالة مشروع الاحتلال ضد مشروع الحرية لفلسطين وشعبها,
الاخطر فلسطينيا فلم تصل ردود الافعال على قرار ترامب بما يساوي القرار وفيما عدا بعض الانشطة الشعبية هنا وهناك بقيت القيادة الرسمية للقوى والفصائل بعيدا عن دائرة الفعل وذلك استمرارا لحالة التراجع المتواصل في الرد على الاحتلال ومشروعه ويبدو ان الحدث كان يستحق اجتماع قمة اسلامي في اسطنبول ولكنه لم يكن بحاجة لاجتماع للقيادة الفلسطينية مجتمعة او حتى على مستوى كل فصيل وفيما عدا مناسبة انطلاقة حماس والخطاب الناري لإسماعيل هنية والذي تحدث عن مشاريع وبرامج يدرك جيدا استحالتها مثل استراتيجية مقاومة متفق عليها وهو يدرك ان قضية فلسطين منذ مائة عام وهي وقياداتها السابقين واللاحقين يتحدثون عن الاستراتيجية الموحدة التي لم ترى النور طوال ذلك مع انها المطلب الاول للجميع لفظا.
عمر القضية الفلسطينية بعمر القرن منذ وعد بلفور وحتى الان اصدرت الامم المتحدة قرارات وقرارات ولكننا نحن دون غيرنا من اعفى هذه المنظمة واعضائها من قراراتهم فتنازلنا طواعية عن قرار التقسيم وقدمنا التضحيات الجسام رفضا لقرار 242 و قرار 338 ثم اعلنا قبولنا بهما وها نحن اليوم لا ناتي على ذكرهما وبدل السعي في سبيل حرية الوطن بتنا نذكر الوطن بقضايا التجزئة وآخرها السعي لعودة ترامب عن قراره والتذكير بالقرارات الخاصة بالقدس بعيدا عن كل الوطن وكان القدس قضية بحد ذاتها وليست جزءا من قضية وطن وشعب كاملة ذلك ان مواصلة تجزئة قضية شعبنا وتحويلها الى قضايا هي ايضا واحدة من خطوات التبديد لحقوق شعبنا وتحرير بلادنا من الاحتلال والمحتلين, وذلك لن يكون الا اذا توقفنا عن التزام حدودنا بحدود نصهم ومواصلة القيام بدور المدجنين الذين لا يتجاوزون الحدود المرسومة لهم ابدا.
استطاعت كل من فتح وحماس ولأكثر من مرة ان تحشد مليونا من البشر في كل مرة للاحتفال بمناسباتها ولكن أيا منهم ومعهم كل الفصائل والقوى والاحزاب والنقابات والمنظمات والاتحادات والمؤسسات لم تسعى مرة واحدة الى حشد مليون لاجتياح حاجز بيت حانون أو حاجز قلنديا للوصول الى القدس وجميعهم يدركون ان مليون واحد فقط من الرجال والنساء والاطفال والشيوخ مجردين من اي سلاح وبصدور مفتوحة مسلحين بإرادتهم وبقيادة على راس مسيرتهم لن تمنعهم قوة على الارض من الوصول ليس الى القدس فقط بل والى شواطئ حيفا ويافا, لكن التزام حدود النص هو الذي يسود على ما يبدو دون ان يدري احد لماذا؟.
بقلم/ عدنان الصباح