فلسطين في عيون السعوديين ...

بقلم: عبد الرحيم محمود جاموس

فلسطين الأرض والشعب والمقدسات وبالتالي فلسطين القضية لها مكانتها عبر التاريخ في نفوس المؤمنين والمسلمين، وفي نفوس العرب والمسلمين وفي قلوب وعيون السعوديين خاصة، ولذا يوظف الأعداء على مرِّ التاريخ والزمان، أدواتهم المغرضة لضرب هذه المكانة وزعزعة العلاقات الفلسطينية مع أشقائها من عرب ومسلمين ومؤمنين، بغرض الإستفراد فيها وإحكام سيطرتهم عليها، وكلما إشتدَّ العدوان على فلسطين القضية الأرض والشعب والمقدسات، تزداد حِدَة التشكيك في العلاقات الفلسطينية مع الأشقاء وذوي القربى، بغرض زرع الفتن وإضعاف الشعب الفلسطيني وتهميش قضيته، لأجل تصفيتها وفق ما يحلو لهم، لكن هذه القضية صامدة عصية على الطمس والتهميش وعصية على التصفية والذوبان والتوهان، فعناية الله قبل كل شيء، ومكانة هذه القضية لدى شعبها وأشقاءه من عرب ومسلمين، ومكانتها في ميزان الخير والشر، ودعمها من قبل أنصار العدالة والإنسانية تقف كل هذه الأبعاد سداً منيعاً أمام محاولات الأعداء من الصهاينة العنصريين وحلفاؤهم من قوى الشَرِّ والإستعمار على مَرِّ التاريخ سياجاً حصيناً للقضية الفلسطينية ولشعبها ولمقدساتها، وفي الآونة الأخيرة في ظل ما شهدته وتشهده القضية الفلسطينية من تطورات، جيش الأعداء الصهاينة ليس فقط الجيوش العسكرية لقمع الشعب الفلسطيني وإسكات صوته، وإنما عملوا على جبهات متعددة وأخطرها ضرب نسيج التلاحم بين الشعب الفلسطيني وأشقاءه من عرب ومسلمين وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية لما لها من وزن ودور بالغ الأهمية في دعم الشعب الفلسطيني والذود عن حقوقه الوطنية المشروعة، والذود عن المقدسات الإسلامية، هذا الدور الذي بدأ مع البدايات الأولى للعدوان على فلسطين، واستمر دون هوادة أو لين ودون أن ينقطع والمتابع الموضوعي يدرك أهمية هذا الدور السعودي رسمياً وشعبياً وعلى كل المستويات العربية والدولية.

إن كل المحاولات الساعية للنيل من هذا الدور وإضعافه تبوء دائماً بالفشل الذريع، لأن ما يربط فلسطين بالمملكة العربية السعودية أقوى من أن يتأثر بالشائعات المغرضة، وأقوى من كل أسلحة الفتنة والدمار، فما يسيء للمملكة يسيء لفلسطين والعكس صحيح، فهناك الرابط العقدي الديني الذي يربط بينهما في محكم التنزيل وفي السنة الشريفة ما يدلل على ذلك، ويؤكد متانة هذه الروابط المقدسة، ولمن يريد أن يتأكد فاليتأكد بنفسه لن نسوق هذه الدلائل لأنها أوضح من الشمس في واضحة النهار، وهناك الروابط الإجتماعية والنسب والدم، فهي أقوى من أن ينال منها المغرضون، فالفلسطينيون من قبائل قريش وحرب وعتيبة وشمر وعنزه وغيرها من قبائل العرب الأصيلة الممتدة من الجزيرة العربية إلى فلسطين والشام وإلى كل الأرض العربية، فشاعر فلسطين الكبير المرحوم محمود درويش من آل سيف من عتيبة، وقائد الثورة الفلسطينية الكبرى لعام 1936م أيضاً الشهيد القائد عبد الرحيم الحاج محمد من آل سيف العتيبة، والكثير من الرموز التاريخية والإجتماعية والسياسية من أبناء فلسطين ينتسبون إلى هذه القبائل العربية الأصيلة التي تشكل في معظمها شعب المملكة العربية السعودية وحكامها، ففلسطين في عيون السعوديين وقلوبهم على مَرِّ الزمان، ولن تؤثر في هذه المكانة كافة أشكال المكائد والفتن، كما السعوديين في عيون الفلسطينيين وقلوبهم والتاريخ والواقع شاهدين على ذلك.

إن المشككين في هذه العلاقة الثابتة القائمة على أساس من العقيدة وروابط الدم والنسب، وروابط المصير المشترك سيواصلون بث الشائعات والفتن بغرض التشكيك والتشويش تعبيراً عن ضغائنهم للشعبين الشقيقين، نقول لهم خسئتم روابطنا أقوى من كل محاولاتكم، فما يؤذي السعودية والسعوديين، يؤذي فلسطين والفلسطينيين، إننا أصحاب رسالة واحدة ومصير مشترك، والفلسطينيين المقيمين في المملكة العربية السعودية يدركون حقيقة الإدراك لهذه الحقيقة، كما القيادتين الفلسطينية والسعودية على السواء تحرصان على حماية وإدامة وتطوير هذه العلاقة الأخوية منذ عهد الملك عبد العزيز والحاج أمين الحسيني رحمهما الله، إلى اليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس محمود عباس أبو مازن حفظهما الله، فإنهما يوليان هذه العلاقة كل جهدهما للذود عن القضية الفلسطينية ومقدساتها والذود عن حمى الأمة في وجه أعدائها الظاهرين والمستترين، لن ينال الحاقدون من هذه العلاقة التي تحميها إرادة الله وسواعد وعقول أبناء الشعبين وقيادتهما الحكيمة، وستستمر هذه العلاقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والشواهد على متانتها كثيرة يدركها القاصي والداني إلا من في عيونهم قذا، فستبقى المملكة العربية السعودية الداعم الأول ودون منافس للشعب الفلسطيني وقضيته، كما الشعب الفلسطيني مستعدٌ دائماً للدفاع عن المملكة العربية السعودية وشعبها ومقدساتها ومواجهة كل أعدائها وخصومها، كما يدافع عن القدس ومقدساتها، تلك إرادة الله التي لا تحتمل التغيير أو التزوير، مصداقاً لقوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) وفي مناسبة الذكرى الثالثة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم خلفاً للمرحوم الملك عبد الله بن عبد العزيز نتقدم إلى مقامه السامي وإلى الأسرة السعودية الكريمة وإلى الشعب السعودي وحكومته بأسمى آيات التهاني والتبريك، متمنين للمملكة دوام عزها وتقدمها وأمنها ورفاهها، في ظل عهده الميمون.

بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس