منذ أن فجر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في السادس من ديسمبر الجاري، قنبلته السياسية بإعلانه اعتراف بلاده رسميا بالقدس "بشطريها الشرقي والغربي" عاصمة مزعومة للاحتلال الإسرائيلي، واحدث ذلك غضبا عربيا وإسلاميا وقلقا دوليا ، تصاعدت الأوضاع بشكل مضطرد وخاصة في المدن الفلسطينية.
هذه الزعرنة و الهيمنة الأمريكية، باتت مقيتة وبحاجة لوقفة ومواجهة جادة من قبل القيادة الفلسطينية بمساعدة الدول الصديقة، من أجل الوقوف في وجه التفرد و القرارات الأمريكية،خاصة في ظل التهديد الأمريكي من مغبة التصويت اليوم الخميس لصالح مشروع قرار يدعو لسحب الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وتعقيبا على الزعرنة و الهيمنة الأمريكية وتحديها للقرارات مجلس الأمن و تهديدها لأعضاء الجمعية العامة للام المتحدة قال الكاتب و الباحث السياسي الدكتور ناصر الدين اليافاوي:" بداية أريد القول الموقف العربي الضعيف وكذلك حالة التشرذم الفلسطينية ، بمعنى انه لولا الانقسام لما تجرأ ترامب وبعض الدول العربية أن تتماهى مع سياسته و اعترافه بالقدس لصالح الاحتلال".
وتابع اليافاوي في حديث لـ" وكالة قدس نت للأنباء"، أن الجانب الثاني الأمر يتجه نحو خطوات سواء كون أمريكا هي الدولة العظمى الأولى المهيمنة على العالم وأيضا مهيمنة بشكل كامل على هيئة الأمم المتحدة بمعنى أن كل القرارات التي تصدر عن الأمم المتحدة سيكون لها مردود سلبي على الأمم المتحدة إذا قامت أمريكا برفع الغطاء المادي والمفهوم أن غالبية الغطاء المالي التي تقوم به الأمم المتحدة من قبل الدولتين المسيطرتين هما أمريكتين و كندا ،و على هذا الأساس حتى القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لن تكون ملزمة ولن تجدي نفعا.
ومن المقرر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، اجتماعها الطارئ مساء اليوم الخميس تحت مسمى «متحدون من أجل السلام»، لمناقشة مشروع القرار نفسه الذي تقدمت به مصر باسم المجموعتين العربية والإسلامية الى مجلس الأمن قبل يومين، وأفشلته الولايات المتحدة باستخدام الفيتو.
ويرفض هذا المشروع القرار الأمريكي القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، ويعتبره مخالفاً للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة، خاصة قراري مجلس الأمن رقم 478 و2334.
يجب إعادة النحالفات
وحول المطلوب لمواجهة ذلك قال اليافاوي:" علينا أن نحدد خياراتنا والتخندق نحو وحدة وطنية كاملة ووضع مجموعة من الأهداف غابت عن الثورة الفلسطينية منذ عام 1917 وحتى يومنا هذا ، بمعنى قدمنا الآلاف من الشهداء و التضحيات، ولكن لا يوجد هدف محدد تلتقي عليه كافة فصائل العمل السياسي، وهو العمل العسكرى الفلسطيني.
متابعا،علينا أن نتخذ من ثورات العالم نموذج، من حيث تشكيل كافة الأحزاب و تغيير التحالفات بمعنى، أن هناك قوى يجب أن نعمل معها كونها معادية لأمريكا من الناحية السياسية و الاقتصادية، لماذا لا يكون هناك تحالفات معها ، كذلك يوجد حرب باردة بين السوق الأوروبية و الأمريكية.
وأضاف الباحث السياسي،لذلك علينا أن نبحث عن هذه التحالفات مع كل الدول الصديقة و المحبة للشعب الفلسطيني ، كذلك الحركات الثورية في العالم " الاشتراكية و اليسارية و العلمانية"، يجب أن نتحالف معها بشكل واضح، وعلينا أن نركز على المجتمع الأمريكي نفسه، على الأحزاب الموجودة، لأنه ليس الحزب الجمهوري وحده الذي يهيمن على أمريكا ، بل هناك أحزاب أخرى.
خلخلة القاعدة السياسية الأمريكية
مواصلا حديثه،وعلينا أن نخلخل القاعدة السياسية الأمريكية، ونتحالف مع أحزاب تقدميه داخل المجتمع الأمريكي، لأن القدس لا تمثل الفلسطينيين وحدهم بل تمثل العالم ، وجدار الصمت يجب أن يتوقف، والتحالف مع أمريكا ربع قرن من الزمان يكفي، ويجب أن نتخذ إجراءات كثيرة لا تكون ضمن دعاية زائفة، علينا أن نعمل سياسية و نعلق الجرس ونطرق كل أبواب العالم، وليس الباب الأمريكي وحده.
تجدر الإشارة إلى أن واشنطن استخدمت قبل ثلاثة أيام حق النقض "الفيتو"، أثناء تصويت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار قدمته مصر، يقضي ببطلان أي خطوات تمس بالوضع القائم لمدينة القدس باستثناء المتفق عليها أثناء المفاوضات بين طرفي النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
ودعم الأعضاء الـ14 الآخرون في مجلس الأمن المشروع الذي تم طرحه للتصويت، والذي يعارض قرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة واشنطن إليها من تل أبيب.
بلطجة أمريكية و عزلة دولية
وحول البلطجة الأمريكية و هيمنتها قال الكاتب و المحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات:" إن الإدارة الأمريكية تسقط سقوطاً أخلاقيا مريعاً،فهي تسلك في تعاملها مع الشعوب والدول،سلوك الزعران وقطاع الطرق،فهذه الإدارة اليمينية المتطرفة والتي تشارك في العدوان المباشر على شعبنا الفلسطيني، على ضوء قرارها باعتبار قدسنا عاصمة لدولة الاحتلال.
وتابع عبيدات في تعقيب لـ"وكالة قدس نت للأنباء" ، وبعد عزلتها في مجلس الأمن الدولي،وبقاءها وحيدة ومنفردة في وجه العالم اجمع، وما ترتب على ذلك من توجه فلسطيني وعربي- إسلامي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة،لاستصدار قرار يعتبر قرار المتصهين ترامب لاغي ولا يوجد له أي أثر قانوني لتعارضه مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وأوضح عبيدات، أن أمريكا التي شعرت بعمق أزمتها،بدأت باستخدام سياسة التهديد والوعيد بحق الدول التي ستصوت إلى جانب الحق الفلسطيني،وهذا السلوك ليس تعبير عن عمق أزمة الفاشية الأمريكية الجديدة فقط،بل تعدي على سيادة الدول في ممارسة سياساتها بشكل سيادي بعيداً عن الابتزاز،وكذلك هذا السلوك الأرعن والمشين،والمتجرد من كل قيم الأخلاقية والإنسانية،يهدد الأمن والاستقرار العالمين،ويشكل خطراً على العلاقات الدولية والتعاملات بين الدول،بإحلال شرعيات الغاب والبلطجة بدل الشرعيات الدولية .
تهديد واشنطن
هذا وهددت واشنطن عددا كبيرا من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة من مغبة التصويت اليوم الخميس لصالح مشروع قرار يدعو لسحب الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وفي خطوة تنسجم مع التهديد الأميركي، استنفرت إسرائيل سفاراتها في العالم للتحرك لدى الدول المقيمة بها من أجل إفشال مشروع القرار.
وكشف دبلوماسيون في عدد من بعثات الدول الأعضاء بالمنظمة الدولية أنهم تلقوا رسائل مكتوبة من مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة نيكي هيلي، حذرتهم فيها من مغبة التصويت لصالح قرار بشأن القدس.
وتأتي جلسة اليوم الطارئة بعد موافقة رئيس الجمعية العامة ميروسلاف لايتشاك على طلب تقدمت به تركيا واليمن بهذا الخصوص.
وأشار عبيدات ،إلى أن هذه الوقاحة الأمريكية،تظهر مدى الحق والعدالة والعمق الإنساني والدولي لقضيتنا الفلسطينية،وهذا السلوك والانحدار الأمريكي ،يكشف مدى تراجع تأثير دور الولايات المتحدة على الدول والرأي العام العالمي،الذي بدأ يدرك بأن عصابات من الزعران والمتطرفين في القيادتين الأمريكية والإسرائيلية،.
وذكر عبيدات أن كل هذه الغطرسة الأمريكية،تدفع نحو التهديد الخطير للسلم والاستقرار العالمي ، حيث التشريعات والقوانين العنصرية،لكلا الحكومتين،من شأنها دفع الأمور إلى الانفجار الشامل،ولذلك آن الأوان لوضع حد لسياسة البلطجة والغطرسة الأمريكية والإسرائيلية،والتي نأمل أن تؤدي إلى صحوة عربية - إسلامية شاملة.