منذ سنوات اغلق دحلان ملف الماضي بعجره ببجره مع كل الاطراف التي جعلت منه ندا لها سواء في داخل فتح او خارجها ، متجاوزا كل ما قيل وما يحاول البعض ان يفتعل ما يقال ، بالمقابل كان دحلان لا ينجر الى الاستدراج والاشتباك الاعلامي او اللفظي بمستوى ما ينطقون ليس ضعفا او هروبا بل كان المشهد امامه يختلف عن ما يرسمون ويظللون ويلونون ، كان المشهد امام عينية اكبر واعمق واوضح وفي مشهد ثلاثي الابعاد ، المشهد الوطني ، المشهد الانساني ، مشهد حركة فتح ام الجماهير حين تنتزع مخالبها ومصادر قوتها ، هذا ماكان يشغله ولذلك صغرت الكبائر التي يصيغها البعض امام عينية فخارطة الوطن بعمقها الجغرافي والانساني والوطني اعمق بكثير مما صاغوه ولذلك تجده في طرحه متقدما عن الالسن وعقارب الزمن بما يجب او يفترض ان يكون ، واعتبر انتمائه لحركة فتح ليس من واقع تشرذم او انغلاق بل انفتاح على الايقونة الوطنية وعلى حالتها الشعبية وازماتها .
مسار التاكل الذي تعرضت له فتح والحركة الوطنية كان كفيل ان يقف في وقت ظلامه ماردا فتحاويا ليقول للجميع الى اين نحن سائرون ..؟ لم تكن ابعاد التاكل في اتجاه واحد بل طالت كل اركان حركة فتح بابعادها ووجودها وبرنامجها ... ولذلك جعلوا منه عدوا ... وكان وما زال كطائر الفينيق يصدح بالحقيقة حقيقة المواطن الفلسطيني وابن المخيم وانفاس الشباب والفقراء ومن طالتهم يد البطش والنرجسيات في ارزاقهم وقوت اطفالهم .....
رسائل متعددة واطروحات ومبادرات وطنية وجهها للجميع واستدراكا لما سيأتي من ازمات خاطب فيها القوى الاسلامية والوطنية وخاطب فيها عقلاء فتح ومن خرجوا عن الطريق ايضا بالوحدة الحركية ، بالوحدة الوطنية ، تجديد الشرعيات الفلسطينية ، انقاذ غزة من حصارها وانقاذها من الفقر والعوز والظلام القاتم على يومها ونهارها من قطع اي سبل للحياة لاكهرباء لاماء لا صحة بطالة تأكيل حياة شبابها ..... انها كانت الشغل الشاغل لدحلان ... هل كان من الممكن ان تبقى يداه معلقة في الهواء كما قال الاخ سمير المشهراوي طالبا تعمير الحالة الوطنية وصيانتها ... فكان اللقاء مع السنوار لتفاهمات فتحت الباب على مصراعية كي تخترق عقد الماضي ومأسيه ومروجيه فكانت المصالحة المجتمعية وفكفكة بعض الازمات ولان التراكمات لا تنفع فيها العصا السحرية او عصا موسى.......
تجاوب دحلان مع كل الاطروحات التي ذهبت لانهاء الخلاف الداخلي ولكن للاسف ما زالت النرجسيات تتحكم والبرامج تتحكم في الطرف الاخر ويغلق الابواب ، ولكن المحاولات واليأس لم يطرق بابه فهو الذي يقول اننا ندعم الرئيس بكل امكانياتنا من اجل المصالحة الوطنية وهو القائل اننا ندعم الرئيس في كل توجهاته الى المنظمات الدولية والامم المتحدة ، وهو الذي يقف ومازال مع صرخة القدس ويجير كل امكانياته من اجلها .
تفاعل دحلان مع الاسرى ومحنتهم ومواجهة مع العدوان على غزة وازماتها وان كنا سنفرد في هذا المقال اطروحات دحلان ومبادراته الاربعة وتوجهاته السياسية والحركية لن يكفينا عشرات الصفحات ولكن سنضع بين ايديكم مقتطفات من ما صدح به دحلان وطنيا مناشدا ومؤكدا لما يجب ان يكون ردا على قرار ترامب بنقل سفارة امريكا للقدس وموقفه من التصويت في الجمعية العامة وقرارها بشأن القدس وقرار ترامب :-
الإعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل نهاية مرحلة سياسية، و بداية معركة وطنية و دبلوماسية و قانونية لا ينبغي لها أن تخبو أو تتوقف قبل إسقاط هذا القرار الأمريكي بكل مفاعيله و مترتباته، لأنه قرار يهدر القانون الدولي و قرارات الشرعية الدولية ، و قبل ذلك هو إنتهاك صاخب لحقوقنا الفلسطينية العادلة و لأسس و مرجعيات عملية السلام .
و لا مجال أمام كارثة وطنية خطيرة بهذا الحجم أن تبقى الأمور و تستمر على ما كانت عليها قبل صدور هذا القرار الأمريكي المعادي، فلولا الواقع الفلسطيني البائس و فقر الحنكة و الشجاعة لدى القيادة الفلسطينية المتنفذة و المتفردة لما تجرأت واشنطن على إتخاذ مثل هذه الخطوة، و لولا الإنقسام الوطني الفلسطيني لما إنفضت من حولنا دول العالم العربي و الأسلامي مكتفية ببيانات التنديد و الإستنكار الباهتة .
في هذه اللحظات المفصلية من العبث أن نطالب الأشقاء و الأصدقاء بما لا نقدمه نحن لقدسنا، فمن أجل أن يتحد الأشقاء و الأصدقاء معنا، علينا نحن أن نتحد نحن أولا من أجل القدس، و من أجل أن يلتفوا حولنا في الموقف، علينا نحن أن نلتف و بقوة حول قضيتنا، فإن لم تدوي صرخة القدس في بيتنا، فلن يسمعنا الجيران و الأهل جيداً .
و رغم كل تحفظاتنا على القيادة الحالية، و رغم كل مراراتنا منها ، و بعد مراجعة و دراسة الموقف الراهن بشكل معمق ، فإنني و زملائي جميعا ندعو الكل الفلسطيني الى اعتماد أجندة وطنية مختلفة و برؤية نضالية فلسطينية جديدة تتخطى الذات إن أردنا فعلا إنقاذ ما تبقى من كرامتنا و عزتنا ، و من أجل القدس .
وأوكد أمام شعبنا بأجمعه بأننا سنضع جانبا كل اختلافاتنا و خلافاتنا مع السيد محمود عباس و مجموعته ، و نتعهد بتوفير ما أمكننا من وسائل التعزيز و الدعم له إذا ما اختار فعليا سبيل مواجهة هذا القرار الأمريكي المدمر ، و أجزم بأن قرارنا هذا يلبي رغبات طموحات شعبنا و توقه الشديد لرؤيتنا متراصين موحدين أمام هذا الخطر الداهم .
ورسالته الاخيرة للشعب الفلسطيني والقوى الوطنية بعد صدور قرار الجمعية العامة ببطلان القرار الامريكي:-
فشلت أمريكا في رهاب المجتمع الدولي اقتصاديا، و انتصر الحق الفلسطيني، انتصرت القدس لتترسخ في الوجدان الإنساني عاصمة محتلة لشعبنا و دولتنا الفلسطينية المحتلة، شكرا لكل من صوت لصالح هذا القرار التاريخي، شكرا لكل من لم يساوم سياسيا و أخلاقيا و آثر الوقوف إلى جانب شعب يكافح من أجل الحرية و الإستقلال و الحياة الآدمية الطبيعية بعيدا عن التمييز و العنصرية و القهر، و قبل كل ذلك تحية إجلال و إكبار لشعبنا في كل مكان على هبته العظيمة و المستمرة من أجل أرضه و مقدساته المسيحية و الإسلامية، تحية خشوع و إجلال لشهداء الهبة و جرحاها و أسراها، تحية عظيمة للشهيد إبراهيم أبو ثريا و للبطلة الرمز عهد التميمي.
و علينا الآن أن نرد على هبة العالم معنا بنضج و سمو وحكمة ، بتوحيد صفوفنا الفلسطينية فورا و دون خلق مبررات لإعاقة المصالحة الوطنية، علينا أن نقدم للعالم الذي ناصر حقنا الدليل العملي على أننا جديرين بتضامنهم و تضحياتهم، علينا أن نتحد كما اتحد العالم خلفنا و معنا لننجز ما تبقى من مهام صعبة في هذه المعركة الوطنية المشرفة، و على القادرين من الأشقاء و الأصدقاء واجبات جدية تجاه الشعوب و الحكومات التي رفضت الإبتزاز و لم تخضع للتهديد الأمريكي، كما أن عقد قمة عربية طارئة تصبح الآن ضرورية، بل واجبة، و أتوجه لجميع الأشقاء و الأصدقاء بدعوة ملحة لإطلاق صندوق دعم وإستثمار من أجل حماية المقدسات والأهل في القدس، صندوق جديد مخصص للقدس ويدار بعقلية وخبرات جديرة ومؤتمنة من أهلنا المقدسيين أنفسهم.
معركة القدس لم تبدأ اليوم، و لن تنتهي غدا ، فلا زال الدرب طويلا و وعرا، لكن إرادتنا الوطنية و القومية و الإنسانية الموحدة توفر لنا سبلا و وسائل قوة نحن أحوج ما نكون إليها، خاصة بعد أن كاد العالم ينسى قضيتنا في خضم أزماته المتعددة و المعقدة، فالقدس أوقدت الشعلة الوطنية مجددا، و سوف لن تنطفأ أبدا، ، لأنها شعلة إستقلالنا و حريتنا و سنرفعها مع علمنا الفلسطيني فوق قباب و كنائس القدس قريبا إن شاء الله.
وهل يبقى دحلان يصدح في منطقة بور ..؟؟!! دحلان حالة شعبية تكرس الوجدان والحضور الوطني
سميح خلف