العرب ... ومواجهة التطرف الأمريكي الإسرائيلي

بقلم: وفيق زنداح

يوم السبت القادم من المقرر ان يكون لقاءا بالعاصمة الأردنية عمان للوفد الوزاري المشكل من مجلس وزراء الخارجية العرب والمكون من وزراء خارجية الاردن .. مصر... فلسطين ... السعودية ... الإمارات المتحدة ... والمغرب ... وبحضور الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط .

اجتماع عربي وزاري على مستوى وزراء خارجية ستة دول عربية ... لبحث قرار امريكا حول الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل .. وحتى يكون القراء الاعزاء بصورة ما استجد من قرارات ومواقف أمريكية اسرائيلية ... لا نعرف اذا ما كانت ستكون على طاولة الاجتماع ... لكننا نذكر بها ... لعل وعسى ان تأخذ بالمجتمعين الى قرارات أكثر قوة وتأثير .

ما بعد قرار الرئيس الامريكي ترامب حول القدس عاصمة لدولة اسرائيل ونقل السفارة... والتي أتخذ فيه قرار بأن يكون خلال هذا العام ... كما التهديد بقطع المساعدات المالية عن السلطة الوطنية ... الا اذا عادت الى طاولة المفاوضات ... كما استمرار التهديدات السياسية وسياسة الابتزاز وغطرسة القوة للتغطية على قرار أجوف واهوج ... لم يجد له ارضية دولية ... بل كان قرار الاغلبية الدولية... ضد القرار الامريكي رغم التهديد والوعيد والابتزاز السياسي الذي تم ممارسته ضد دول العالم .

تم عزل امريكا واسرائيل دوليا بفعل قرار ظالم وجائر ومخالف للقانون الدولي ولمجمل قرارات الشرعيه الدولية ... كما الموقف من دولة الكيان والمستمر بادارة الظهر ... وعدم الالتزام بقرارات الشرعيه الدولية ... وحتى بالاتفاقيات الموقعه مع الطرف الفلسطيني .

لم تتوقف الامور الى هذا الحد من الفعل الامريكي الاسرائيلي ... بل عملت دولة الكيان على زيادة استيطانها بصورة كبيرة ... كما قرار مركز الليكود الحزب الحاكم بضم المستوطنات وضم الضفة وغور الاردن ... كما قرار الكنيست الاسرائيلي بعدم تقسيم القدس ... وحتى القرار بالقراءة الاولى والتمهيدية حول حكم الاعدام لكل فلسطيني يقاوم الاحتلال .

أي ان هناك وتيرة سريعه لتهديدات وقرارات امريكية اسرائيلية وكأنهم بعجلة من امرهم ... في ظل حالة توازن عربي واعتدال ملحوظ ... وتريث والى حد الانتظار ... الى ما سوف تكون عليه المواقف الامريكية الاسرائيلية ... وكأننا نحرج امريكا واسرائيل باعتدالنا وتمسكنا بالشرعيه الدولية .

المشهد العربي بحالة مواجهة مفتوحة ضد الارهاب التكفيري الممول والمدعم والمخطط له من بعض القوى الاقليمية والاجهزة الاستخبراتية الدولية ... كما محاولة مواجهة التدخل الايراني التركي في اليمن والسودان ... وتهديد بعض الدول العربية ... كما محاولة لملمة اوراق الازمة السورية ... ومتابعة الاوراق العراقية .

حالة عربية فيها من القلق وعدم ترتيب الاولويات ... في ظل تحديات تزداد بصعوبتها وضراوتها التي تصعب اتخاذ القرار العربي بصورة قوية ومؤثرة

وعلى الجبهة الفلسطينية حالة تهديد اسرائيلي وضربات مستمرة على جبهة القطاع من خلال قصف الطائرات والمدفعيه كما حالة الحصار والابتزاز وممارسة الضغوط السياسية ... وحتى الوصول الى التهديد بالعودة الى سياسة الاغتيالات .

أي ان هناك سخونة مبرمجة لتسخين جبهة القطاع ... تهيئة لحرب قادمة ... لم يتم تحديد موعدها ... لكنها بحسب المعطيات القائمة ... وما يجري على صعيد السياسة الاسرائيلية الامريكية .. كما على صعيد الاقليم والتدخل الايراني والمواقف المختلفة حوله يؤكد على حالة توتر قادمة ... في ظل تهديد ووعيد ... على اعتبار ان حزب الله اللبناني قد اصبح يمتلك من القدرات العسكرية الصاروخية التي تهدد اسرائيل .

أي ان اسرائيل تحاول ان تضع نفسها بحالة الخطر الامني الداهم من الجنوب والشمال ... وهذا ما يقلقها ... ويقلق حليفها الامريكي ... وما يجعلهم بموقف التحالف الاقوى لمواجهة الخطر الايراني ... كما الخطر الفلسطيني ... كما حالة المعارضة العربية والفلسطينية الرسمية للسياسة الامريكية الاسرائيلية ... خداع وتضليل ... والة اعلام تعرف كيف توجه المواقف والاحداث ... كما تعرف كيف تبلور المواقف حول أي قرار قادم .

أي ان لقاء عمان لوزراء خارجية العرب والامين العام ... قد تعدت بحدود قراراتها المنتظرة ... قرار الرئيس الامريكي ترامب حول القدس في ظل ملفات عديده وقرارات متسارعه ... تزداد مع كل يوم ... لا نعرف الى أي مدى يمكن ان يصل حتى يوم السبت القادم السادس من يناير ... وحتى موعد الرابع عشر من يناير اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية .. وما بين الاجتماعين ... لا نعرف كيف ستكون عليه الامور ... وما يمكن ان يصدر من قرارات عربية فلسطينية ... وما يمكن ان يصدر من امريكا واسرائيل من قرارات وتجاوزات اضافية .

المشهد يزداد تعقيدا وتشابكا في ظل استمرار التهديد الاسرائيلي الامريكي ... وفي ظل خيارات عربية لا تتعدى حدود ما يمكن ان يقال عبر كافة البيانات ... من التمسك بالسلام العادل والشامل وقرارات الشرعيه الدولية ومبادرة السلام العربية ... ولن يصل الحد الى ادانة السياسة الامريكية .... لكن يمكن الطلب من الرئيس الامريكي ترامب بسحب قراره حول القدس ... كما مطالبة اسرائيل بالالتزام بمبادئ السلام العادل والشامل وقرارات الشرعيه الدولية والاتفاقيات الموقعه ... مع امكانية الذهاب للامم المتحدة لستصدار قرارات جديدة حول القضية الفلسطينية .... مع احتمالية امكانية دعم اعلان قيام دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقيه بحدود الرابع من حزيران 67 ...مع توفير غطاء عربي اسلامي دولي لهذا القرار وتبعاته .

لقاء عمان قد يمهد الطريق لقرارات المجلس المركزي والذي سيأخذ منحى الاعتدال بحسب القراءة السياسية ... والمعطيات القائمة سواء على صعيد الحالة العربية او الاقليمية او الدولية .

أمريكا واسرائيل بحالة عزلة دولية ... وبتخبطون بقراراتهم ويسرعون بخطواتهم .... والتي تأخذهم الى المزيد من التطرف ... والى المزيد من اشعال المنطقة وزيادة وتيرة الغضب فيها .

العرب ليسوا بوارد المزيد من التوتر والتصعيد ... في ظل التحديات والمصاعب التي تواجههم ... لكنهم بذات الوقت يجب ان يستخدموا لغة المصالح في العلاقات السياسية والاقتصادية مع الولايات المتحدة ... وبما يحقق الامن الاقليمي ... وبما يعزز من مواقف دول الاعتدال العربي ... وان لا تتوفر الظروف والمناخ لحالة التطرف والكسب الايراني التركي القطري الاخواني على حساب الاعتدال العربي .

وزراء الخارجية العرب ... لن يوفروا ... ولن يعطوا الفرصة لبعض قوى الاقليم لتحقيق مكاسب خاصة ايران وتركيا وقطر والتنظيم الدولي للاخوان ... وهذا ما يعتبر اساسا فاصلا وحاسما بالموقف العربي العام وحتى موقف وزراء الخارجية العرب الذين سوف يجتمعون بالعاصمة الاردنية عمان .

ما سيصدر عن لقاء عمان سيكون ارضية مناسبة وملائمة للمجلس المركزي الفلسطيني ... حتى وان كانت التوقعات ان تكون قرارات المجلس المركزي أكثر تشددا والحاحا وحسما ... باعتبارنا نحن اصحاب القضية والاقدر على رؤية المخاطر المحدقة بنا ... وليس أمامنا من خيار كما ليس بواردنا ان نبيع المواقف ... او حتى الاعتدال تحت ارضية ارضاء أحد .

فالمواقف الفلسطينية الصادرة عن المجلس المركزي سيحكمها التوازن ... كما سيحكمها حالة الاقليم والسياسة الدولية ... لكنها لن تهبط الى المستوى الذي يمكن ان تطالب به امريكا واسرائيل بالعودة الى المفاوضات ... والاعلان عن الالتزام في ظل عدم التزام اسرائيل ... وفي ظل العداء الامريكي والخروج من معادلة التسوية .. بعد ان اصبحت الوجوه مكشوفة ... والنوايا مبيتة ... والسياسة واضحة .

لا نعرف اذا ما كانت الايام القادمة كفيلة بجلاء القادم السياسي ... وحتى بجلاء القادم الامني العدواني .. الذي يمكن ان يقلب الاولويات ... وان يخلط الاوراق ... والتي سوف تزيد المشهد تعقيدا ... لننتظر ونرى ... وسيكون لنا قول اخر .

بقلم/ وفيق زنداح