كيف الخلاص يا غزة؟

بقلم: فايز أبو شمالة

ما أكثر عشاق غزة، أولئك الذين لا يغمض لهم جفن، خوفاً عليها من المجهول، وقلقاً على مصير أهلها، أولئك المفكرون والمثقفون والقادة الفلسطينيون والعرب الذين ترتسم أمامهم صورة القدس ونابلس ويافا وحيفا ومجمل فلسطين لمجرد ذكر غزة، والحديث عن معاناة سكانها!

إن الذي يتآمر على غزة لا يستهدفها بحد ذاتها، ولا يذبح مستقبل أبنائها، وإنما يطعن خاصرة الشعب الفلسطيني في كل مكان، ويحز بسكين المؤامرة على عنق القضية الفلسطينية، لذلك فإن مجمل الأفكار والمقترحات والمشاورات التي يقدمها الحريصون على رفع المعاناة عن غزة تعكس عميق الحب لفلسطين، وتحاكي صمود الشعب الذي يرفض الخنوع للصهاينة وعملائهم.

فما العمل يا غزة؟ وكيف الخلاص من سكاكين الطغاة، ومن حالة التجاهل المقصود لوجودك، والإهمال المتعمد لسكانك ولمصيرهم ومستقبل أبنائهم؟

بداية، تجدر الإشارة إلى أن حالة غزة الصحية ومعانتها هي جزء من الحالة السياسية الفلسطينية المتردية، والتي تعاني الانهيار التراكمي على مدار عشرات السنين، ومع ذلك، فلا بد من التفكير بخصوصية غزة المحاصرة من العدو الإسرائيلي، والمعاقبة من الرئيس محمود عباس، بشكل يخدم مجمل القضية الفلسطينية، وينهض بالحالة الفلسطينية العامة، وذلك من خلال:

أولاً: لقاء يضم كل التنظيمات الفلسطينية العاملة في قطاع غزة، بصفتهم الجسم الأقدر على التحرك والتشاور والتوافق على رعاية مؤتمر وطني عام يعقد في مدينة غزة، تشارك فيه:

1-         كل الفئات الفلسطينية المتضررة من بقاء الوضع في غزة على ما هو عليه، وهؤلاء المتضررون هم التجار والمزارعون والعمال والخريجون الجامعيون وأصحاب الحرف والمهن الحرة والموظفون والمرضى وفئة الشباب العاطل عن العمل وربات البيت.

2-         أعضاء المجلس التشريعي بصفتهم، وأعضاء المجلس الوطني في غزة، وممثلين عن التنظيمات الفلسطينية، والمؤسسات الوطنية والشعبية.

3-         رؤوسا الجامعات والمؤسسات الأهلية ومجالس الطلبة ورؤساء البلديات والمجالس القروية والجمعيات الخيرية وممثلي النقابات وكل من له علاقة بالعمل وسط المجتمع.

4-         المثقفون والمفكرون والكتاب وأصحاب الرأي والمهتمون بالحالة السياسية.

5-         الشخصيات الوطنية والوجهاء والمخاتير والفعاليات الشعبية والكفاءات الوطنية.

ثانياً: يترأس المؤتمر عدد من الشخصيات الوطنية المستقلة، غير المحسوبة على أي تنظيم، والمشهود بوفائها لكل فلسطين، والتي تحظى برضا وقبول جميع القوى السياسية.

ثالثاً: لا تلقى في المؤتمر المذكور أي كلمة سياسية لأي تنظيم أو فصيل كان.

رابعاً: يسمح للتجمعات الشعبية والأهلية والمهنية والوطنية بطرح ما لديها من أفكار ومقترحات وآراء للخروج من هذه الحالة التي تعصف بحياة سكان غزة، وليكن الجميع شركاء في الحل طالما كان الجميع شريكاً في المعاناة.

خامساً: بعد توثيق كل المقترحات المقدمة من الحضور، وبعد التشاور معهم، يفرز المؤتمر مئة شخصية وطنية تمثل كافة شرائح المجتمع الفلسطيني في غزة، وهم بمثابة قادة المؤتمر، أو ممثلي الشعب المحاصر، ويناط بهؤلاء الأشخاص مهمة انتخاب مكتب تنفيذي من بينهم، لفترة انتقالية مدتها ستة أشهر، على أن تكون مهمة المكتب التنفيذي هي تنقيح المقترحات الشعبية المقدمة من القاعدة الشعبية، والعمل بها، وذلك من خلال قيادة العمل اليومي في قطاع غزة، بما في ذلك إجراء الاتصال مع قيادة السلطة الفلسطينية، ومع القوى الوطنية في الضفة الغربية، ومع التنظيمات الفلسطينية كافة، ومع جامعة الدول العربية، ومع الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي والاتحاد الأوربي، والدول الإسلامية وعلى رأسها تركيا وإيران، بحثاً عن حلول واقعية لأوضاع الناس المعيشية، بما في ذلك فك الحصار عن غزة، وفتح المعابر، وخلق فرص عمل.

سادساً: تلتزم قوى الأمن الفلسطيني في غزة بكل ما يصدر لها من قادة المؤتمر الوطني، على افتراض أنهم الحكومة التي تدير شؤون الناس.

سابعاً: يعمل المكتب التنفيذي على إجراء انتخابات للمجالس المحلية في قطاع غزة خلال ستة أشهر، على أن تكون المجالس المنتخبة نواة لحكومة فلسطينية في غزة، لها كامل الحق في قيادة المرحلة، واتخاذ ما يناسب أهل غزة من قرارات مصيرية.

ملاحظة لا يمكن تجاهلها:

قد يقول البعض: هذا انشقاق عن القيادة، وهذا تمرد على السلطة، وهذا الطرح يتساوق مع المشروع الأمريكي الداعي إلى قيام دولة غزة، وهذا تخلي عن القدس وعن الضفة الغربية. وكل هذا الكلام صحيح، ولا أخالفه، ولكن صحته يجب أن تكون المحرك للشعب الفلسطيني كي يحاسب المسؤول الأول الذي يعاقب غزة، ويهرس عظمها، ويكسر أنفها، ويكتم أنفاسها إلى الحد الذي سيجبر أهلها على صعود المرتقى الصعب، الذي سيحفظ بذرة المقاومة من التحلل والذبول.

د. فايز أبو شمالة