منذ اعلان الرئيس الامريكي ترامب قراره وقرار الكونجرس الامريكي نقل السفارة الامريكية للقدس ، لم تكف الدبلوماسية الاردنية عن التحرك في كافة الاتجاهات وهلى رأسها الملك عبد الله الثاني لمواجهة هذا القرار الذي اعتبرته الاردن يضر بامنها القومي ويهدد وصايتها التاريخية وهي الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية ، ولكن يبدو يبدو ان الاردن مضى كثيرا للامام في مواجهة الادارة الامريكية والحكومة الاسرائيلية وكان موقفه ومنذ ذاك التاريخ مميزا ومتميزا عن باقي العواصم الاسلامية والدولية وكذلك الدول العربية التي لم تضع مسألة قرار ترامب في المقدمة والمفصل في علاقتها مع الولايات المتحدة الامرلايكية ، وكردة فعل تبنت تركيا دعوة قمة التعاون الاسلامي يوم 12/12/2017 وبحضور ممثلي 48 دولة من بينهم 16 من الزعماء او القادة والرؤساء حيث وصف الرئيس اردوغان اسرائيل بدولة الارهاب واقترح اعلان القدس عاصمة دولة فلسطين ، حضر الملك الاردني هذا المؤتمر وكما قيل باصرار رغم تحذيرات بعض دو الاقليم ، واهم ما جاء في كلمته"لا يمكن أن تنعم منطقتنا بالسلام الشامل، إلا بحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، إن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل قرار خطير، تهدد انعكاساته الأمن والاستقرار ويحبط الجهود لاستئناف عملية السلام. إن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس مسؤولية تاريخية، يتشرف الأردن ويستمر بحملها وسنواصل دورنا في التصدي لأي محاولة لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى/ الحرم القدسي الشريف، القدس أولى القبلتين، القدس في وجدان كل المسلمين، والقدس في وجدان كل المسيحيين. إن حق المسلمين والمسيحيين في القدس أبدي خالد.
ولكن يبدو ان هناك من نصح الاردنيين بعدم المغالاه في موجهة الامريكان والابتعاد عن سرب السعودية القاهرة الامارات وعلى حساب الاردن ووضعها الداخلي ، فمحور تركيا وايران وقطر لن يستطيع تعويض الاردن عن مجمل المساعدات الامريكية والعربية ولن يستطيع تعزيز وتقوية الصمود الاردني امام امريكا ودول التحالف العربي ، لقد بلغت المساعدات الامريكية للاردن عام 2017م مقدار 1,7 مليار دولار والمساعدات الاوروبية لانشط مختلفة حوالي 1،6 مليار يورو .
قد تكون الاردن في موقف لا تحسد عليه امام وضع داخلي لاثارة الفتن والاستهداف من قوى الارهاب ورمال متحركة على حدودها واستضافتها لاكثر من مليون لاجيء سوري ، بل تتحرك الاردن في وضع امني وسياسي دقيق فصفقة القرن ماضية في طريقها فنائب الرئيس ترامب سيزور المنطقة في الفترة من 20 الى 22 من يناير وكلا من مصر وعمان وتل ابيب .
وقد يكون الاردن مجبرا على تخفيف ردود افعالة تجاه قرار ترامب ليحذوا حذو عواصم عربية وتخفيف حملته الاعلامية ومناصرته المباشرة للفعاليات في القدس ، وهو في انتظار نائب الرئيس ترامب ليستمع منه لترجمة قرار ترامب ودور الاردن ووصايتها على المقدسات في اطار بنود صفقة القرن والتي سيكون من اهم الملاحظات والتدقيق مستقبل اللاجئين الفلسطينيين في الصفقة المطروحة .
ونذكر ان الاردن وقعت اتفاقية وادي عربة مع الجانب الاسرائيلي بتاريخ26اكتوبر عام 1994م تلك الاتفاقية او المعاهدة التي بنيت على 14 بند ولكن من المهم ان ورد بعض منها في سياق هذا المقال:-
المادة التاسعة "2" وبهذا الخصوص وبما يتماشى مع إعلان واشنطن، تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستولي إسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن.
طبعا بنود الاتفاقية تنص على التعاون في كافة المجالات الامنية والثقافية والتجارية والاقتصادية ومحاربة التحريض ورسم الحدود بين الطرفين بناء على خرائط الانتداب البريطاني ومنع استخدام الاسلحة التقليدية وغير التقليدية بين الطرفين ووقع هذه المعاهدة كلا من رئيس وزراء الاردن عبد السلام المجالي وعن الجانب الاسرائيلي رئيسوزراء اسرائيل اسحاق رابين وشاهد على الاتفاقية الرئيس الامريكي بيل اكلنتون ومكان التوقيع وادي عربة على الحدود الاردنية مع فلسطين المحتلة . وشهدت العلاقات الاردنية الاسرلاائيلية تطورا في مجال المشاريع المشتركة والتبادل التجاري والنقل عبر موانيء فلسطين المحتلة بما فيها المشروع الاستراتيجي لربط البحر الميت بالبحر الاحملر ومشروع الطاقة كاستثمار لهذا المشروع ومشاريع سياحية اخرى .
واخيرا لن تستطيع الاردن ان تغرد بمفردها واعتقد انها ستلجأ لحماية وضمانة استقرار الدولة اولا وخاصة في ظل ترنح النظام السياسي الفلسطيني وضعفه وترهله وهنا يبقى الباب مفتوحا بالمعيار الدبلوماسي وعلاقة الاردن بكلا من امريكا واسرائيل لتقتنص ما هو ممكن من وصاية في حدود المسجد الاقصى ، وفي ظل تخوف مزمن ايضا من تصريحات اليمين الاسرائيلي بالوطن البديل ، اما عن الفلسطينيين فاستطيع القول ان اجتماع المركزي لمنظمة التحرير في رم. الله مقيد بنصائح وتوجهات اقليمية اورويية لن يخرج بقرارات تلزم السلطة ورئيسها بتفيير الحالة الوظيفية للسلطة والنظام السياسي مع اعتبار ان حاهزية الاطر المختلفة في الضفة لا تسمح بالذهاب بعيدا في الطموحات والامال واذكر ان اخر الشهر اجتماع للدول المانحة وتم دعوة رئيس السلطة لهذا الاجتماع لاتفرطوا في احلامكم ففي الحسابات السياسية والامنية والاقتصادية ليس هناك ما هو مأمول في احداث انقلاب في معايير السلطة مع الاحتلال وبعض القوى الاقليمية والدولية، وتبقى الحالة الشعبية في القدس والضفة والفصائل في غزة في معركة المواجهة مع صفقة القرن ومقدار تحمل غزة للحصار فغزة تدخل في تصور الخرائط السياسية لصفقة القرن .
سميح خلف