الشعب المضبوع

بقلم: ماجد عبد العزيز غانم

قبل أن أغفو ليلة البارحة وكعادتها السيئة قبل النوم لم تطاوعني أناملي وتسللت لهاتفي لتجبرني على تصفح الفيسبوك قليلا ، هذا بعد أن حنثت بكل وعودي وعهودي بعدم العودة إليه  إلا أن هذا ما كان ، وكما يحدث دوما كان هذا اللعين  يتربص بي   وبادرني بسؤاله الوقح     ( ماجد بم تفكر ؟ )  .

هذا اللعين ليس فضوليا بل هذه عادته التي يستفزني بها دوما ،رغم أنه يعلم جيدا بماذا أفكر بحكم العلاقة الحميمة بيني وبينه ،فيا صنيعة مارك بم سأفكر !! هل تعتقد بأنني أفكر أين أقضي إجازتي التي ابتدأت منذ عدة أيام ! بالتأكيد لا فأمرها محسوم فالمكان هو غرفتي وبصحبة قلمي وأوراقي وما أبثه  خلالهما من هموم .

أما بم أفكر فهل هناك شيء أفكر به هذه الأيام سوى الغلاء الفاحش الذي سُلِط علينا من قبل زمرة ممن يدَّعون أنهم رجالات الوطن وقادته ! فالوقود ارتفع سعره والضرائب حدث ولا حرج ، وزد عليهم ارتفاع أسعار البابونج والميرمية والزعتر والسردين ومشتقات الألبان والتمور والطحينة والكثير الكثير من السلع التي نصبح ونمسي على أخبار ارتفاعها ، طبعا لن ننسى السجائر وحتى رغيف الخبز فالارتفاع طالهما أيضا .

هل سررت الآن أيها اللعين هأنَذا أخبرتك بم أفكر ، ولكني بالمقابل أريد منك جوابا لسؤالي هل تعتقد بأن من رفع أسعار هذه السلع يعيش على ارض هذا الوطن وبين أفراد شعبه ! على كل حال لن أنتظر منك جوابا فأنت لم تعتد على إجابتي ، وسأجيب على سؤالي بنفسي فأنا لا أعتقد هذا ، بل أجزم أن من رفع الأسعار بهذه الطريقة الفجة لا يعلم أن هناك في الأردن شعبا من الأصل ، فلو علم ذلك لما تجرأ ورفع الأسعار وخاصة رغيف الخبز  بهذه الطريقة المهينة والمذلة للمواطن الأردني ، فهو لم يجد من يقول له كفى ... توقف ... ماذا تفعل ؟ إلى أين أنت ذاهب بنا في هذا البلد ؟ ألم تشبع نهمك بنهش جيوبنا ؟  ولكنه كما أسلفت لك لم يجد أحدا يوقفه .

هذه المرة سأكون صريحا معك يا ابن مارك وصادقا ، أنا الآن بت أشد على أيدي من ينهش جيوبنا بل وأقترح عليه أن تكون هناك قائمتين لرفع الأسعار الأولى صباحية يفطر على وجعها المواطن والأخرى مسائية ينام المواطن على بطنه بعد قراءتها بدلا من تناول عشاءه ، فهذا المواطن ما زال يعيش في كهفه الذي لم يغادره منذ أول رفع للأسعار إلا عندما يخرج للتسحيج لمن يهينه ويذله ، ولا أعتقد أنه يعلم شيئا مما يحدث خارج هذا الكهف غير التسحيج .

لكن الغريب يا سليل الشبكة العنكبوتية أن المواطن الأردني يشعر بالفخر كونه الوحيد في العالم الذي يحب وطنه لدرجة أن يتحمل كل أساليب الإذلال والإهانة التي يتعرض لها من أصحاب القرار في بلده ، رغم أني لا أدري أين مصدر الفخر في هذا ، فأنا لا افهم من هذا إلا أن هذا المواطن استمرأ الذل والإهانة من أصحاب القرار ، وان مر يوم ولم يلطمه صاحب القرار على جبينه بقرار جديد للرفع أو النهش فسوف يصرخ هذا المواطن طلبا للطم ، كل هذا كي يخرج للتسحيج ويعود فخورا لكهفه كعادته كل يوم ، وكما قلت لك أتمنى من الله أن يستمر مسلسل الرفع للأسعار حتى يزداد المواطن الأردني فخرا بالذل والإهانة ، فلعل إحدى لحظات الفخر هذه تجعله يرفع رأسه قليلا فيصطدم بسقف كهفه وتسيل قطرة من دمه ، فلربما تكون هذه القطرة هي العلاج له كما المضبوع تماما ، فغيبوبة هذا المواطن طالت وطال معها زمان الذل والإهانة .

قبل أن انهي يجب أن أوضح لكل متسائل لماذا قرنت رفع أسعار الخبز والسجائر معا ، رغم أن الأمر بسيط جدا فرفع أسعار السلعتين هو قرار واحد ، فالذي سيؤثر عليه رفع سعر الخبز هو المواطن نفسه الذي سوف يقتطع عشرون قرشا إضافيا من خبز أطفاله لشراء سجائره ، ومن لديه جواب غير ما أقول فليرجمني بحجره .

 

دمتم ودام الرفع حليف دياركم المنهوبة ما دمتم مضبوعون

 

ماجد عبد العزيز غانم

[email protected]