حذارى تذويب الأونروا

بقلم: رمزي النجار

بعد حرب الـ 1948 بين العرب واسرائيل وانتهت بهزيمة العرب وتشريد الفلسطينيين من أراضيهم، وأطلق عليها حرب النكبة، وعقب ذلك تأسست الأونروا بعد عام من النكبة بقرار أممي كمؤسسة إنسانية وخدماتية دولية وغير مسيسة بهدف توفير المساعدات إلى مئات آلاف الفلسطينيين الذين خرجوا جبرا من بيوتهم ونزحوا الى دول الجوار هربا من ويلات الحرب، ووفقاً للنظام الدولي وفي إطار المسئولية الدولية تبقى الاونروا هو المسؤولة في الأول والأخير عن تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين كحد أدنى إلى حين حصولهم على حقوقهم المشروعة وفقا للقرار 194 بالعودة لديارهم والتعويض، وبالتالي ما دام الاحتلال يسيطر على الأرض والشعب الفلسطيني مشتت فالقانون الدولي يلزم الدول الاعضاء في الامم المتحدة مسئولية رعاية الفلسطينيين اللاجئين في الداخل والشتات، خاصة وأن فلسطين الدولة الوحيدة في العالم ما زالت تحت الاحتلال، لذا تساهم غالبية الدول الكبرى في دعم موازنه الاونروا لتقديم خدماتها المتنوعة للاجئين الفلسطينيين، وتعتبر الولايات المتحدة الدولة الأكبر مساهمة في دعم الموازنة السنوية للأونروا، ولكن بعد قرار ترامب الأخير الاعتراف بالقدس عاصمة اسرائيل وما تلى ذلك من تهديد الدول التي صوتت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدعو واشنطن إلى سحب قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بدأت الولايات المتحدة بمعاقبة الدول وخاصة الفلسطينيين بتجميد تحويل حصتها السنوية المستحقة للاونروا، كل ذلك جاء بعد فشل الادارة الامريكية في تمرير صفقة القرن المرفوضة فلسطينياً من قبل القيادة والشعب، والتصدي لإدارة ترامب على المستوى الدولي وخلعها من رعاية عملية السلام.

ويبدو أن توجه الإدارة الامريكية اتجاه قضية الاونروا له أكثر من هدف في آن واحد من ضمنها تصفية قضية اللاجئين والسعي إلى فرض التوطين ونسف القرارات الدولية، وورقة ضغط على القيادة الفلسطينية واحراجها امام شعبها وتمرير البديل للقبول بالصفقة الامريكية الاسرائيلية، وأيضاً تعويم قضية اللاجئين والغاء المسئولية الدولية عنها لتمرير مشاريع مرفوضة فلسطينياً، وبالطبع كل ذلك يتساوق مع الطرح الاسرائيلي للنيل من الفلسطيني أينما وجد وتعزيز وجود الدولة اليهودية على الأرض الفلسطينية وخاصة الضفة الغربية بعد فرض السيادة الكاملة عليها، وحشر الفلسطينيون في بقعة محصورة من الأرض للقبول بأمر الواقع في ظل التشرذم العربي والتطبيع العلني مع اسرائيل والانقسام الفلسطيني الأكثر خطورة واختلاف الرؤي السياسية حول برنامج السلطة الوطنية الفلسطينية.

باعتقادي أن قضية الأونروا يجب أن تبقي قضية في إطار المسئولية الدولية وأن لا تخرج عنها، وان كل المحاولات التي يحاول البعض بإيجاد البديل من خلال صناديق وطنية محلية أو عربية تبقي مؤقته ولا تفي بأدنى متطلبات حياة الملايين اللاجئين المنتشرين في مخيمات اللجوء، بل يجب أن تبقي قضية اللاجئين دولية بامتياز ليس إلا، وحذاري من تذويب الاونروا، وأن لا تنساق الفصائل واللجان الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني مع بدعة الصورة الامريكية، وعدم البحث عن مكاسب فصائلية ضيقة في ظل استمرار الانقسام وصولاً لدرجة نضحي بقضية اللاجئين من أجل مصالح خاصة حزبية، وستبقى طروحاتها بلا طعم او لون او رائحة، وحتى المحاولات الجادة لإيجاد البديل الوطني سوف تحبط وتجرى لها ولادات قيصرية وسوف تأتي مشوهة لا تحقق طموحات اللاجئين، بل يجب التوحد من أجل حماية القضية الفلسطينية من الاستهداف الامريكي الاسرائيلي والتصدي لكل محاولات اخراجها عن سياق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني التي أقرتها الشرعية الدولية.

بقلم/ د. رمزي النجار