رغم الإجحاف والظلم الذي لحق بالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني منذ النكبة وحتي الآن من تآمر وتحايل وتغليب مصالح الدول الكبري علي مصالح الشعب الفلسطيني وعلي رأسهم بريطانيا والولايات المتحدة فإن ما يحدث هذه الحقبة التاريخية فاق كل الحدود ليس فقط لإن الولايات المتحدة يحكمها رجل غريب السياسة ولكن لإن السياسة الأمريكية بقيادة ترامب قد خبصت في العمار وتستخدم كل نفوذها لصالح إسرائيل وخارج عن المألوف الذي بنت المنظومة الدولية ثقافتها عليه من أن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية هي أراضي فلسطينية ومحتلة ولا يجوز تغيير طبيعتها وفرض الأمر الواقع عليها من قبل المحتل حسب الشرائع والقوانين الدولية والإنسانية وكان ينتظر المجتمع الدولي والمنطقة منذ العام 1967 لتصحيح أوضاعها وعودتها إلي أصحابها الشرعيين عند تغير الحالة النفسية للمنطقة وتحول دولها للقبول بالسلام ووقف الصراع المزمن.
وتأتي المفاجأة من الولايات المتحدة أهم دولة في العالم ومجلس الأمن الذي من المفترض أن تحافظ علي الحقوق للشعوب ورغم الإلتزام الحديدي لحماية إسرائيل من الولايات المتحدة لابد أن يتبقي لدي الولايات المتحدة بعضا من أخلاق الشعوب التي لا تفقد البوصلة الأخلاقية رغم دموية الصراعات والحروب فإن فقدت أي أمة حسها الأخلاقي فهي في طريق النهاية رغم كل قوتها العسكرية والإقتصادية لإنها تفقد آخر جدار يفصل بين السلوك البشري والسلوك الحيواني.
ما أردت أن أقوله في مقالي هذا أن الشعب الفلسطيني رغم ضعف إمكانياته إلا أنه يملك إرادة التصدي لكل من يحاول تدميره ونفيه ومصادرة حقوقه التاريخية وفوق كل ذلك فإن الشعب الفلسطيني هو مثل باقي شعوب الأرض لا يرضي علي الظلم حتي للأعداء ولديه أخلاق علي مر التاريخ يتصرف من خلالها وتفوق كثيرا في أخلاقه علي إسرائيل وأميركا في محطات كثيرة ومن لديه هذه البوصلة الأخلاقية ورغم الظلم الواقع عليه فإنه يعيد التفكير وتقليب الحالة التي وضعنا فيها الرئيس الأمريكي ترامب ونعرف قوة الولايات المتحدة وقوة إسرائيل ولكنه لن نتنازل عن حقوقنا وسنناضل بكل ما نستطيع لإستعادة حقوقنا.
وكلتمي الآن موجهة لشعبنا الفلسطيني بكل أطيافه تعالوا نعيد قراءة ما حدث ونضع خطتنا دون تهويل أو تسهيل ونجعلها خطة "أ" ونضع خطة "ب" وأنا أعتبر رغم ملاحظاتي علي ما اتخذه المجلس المركزي وكذلك فصائل المقاومة من مواقف متناقضة ولست معجب بها جميعا بالمناسبة لكون الإجماع عليها غير وارد ولنعتبر ما تم في المجلس المركزي هي الخطة "ب" إذا لم ننجح بالخطة "أ" التي أقدمها وأساسها التالي:
سنعتبر أن ما صدر من قرار أمريكي بإعتبار القدس شرقها وغربها عاصمة لإسرائيل يحتاج نضال وخطة وحوار جديد أولا لتلك القضية أي قضية القدس لتصحيح وجهة النظر الأمريكية بكل الطرق ونعطي أنفسنا والولايات المتحدة فترة شهر للحوار معها للعدول عن قرارها والعودة عن القرار أو تصحيحه بقرار جديد يعتبر القدس الغربية عاصمة إسرائيل ويعتبر القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية مع الإستمرار في التحضير لتنفيذ قرارات المجلس المركزي وفعاليات شعبنا في مواجهة الاحتلال.
إن نجحنا في تغيير القرار الأمريكي نعود لقبول دور الولايات المتحدة كراعي لعملية السلام وبعدها نبدأ في طرح القضايا المؤجلة واحدة تلو الأخري في مدد زمنية محددة للوصول لإتفاق بشأنها حتي ننجز ملفات القضايا المؤجلة الخمس القدس واللاجئين والمستوطنات والمياه والحدود بدل أن ينفجر الوضع وتصبح الأمور غير مرتجعة وتؤدي لحروب وتجديد الصراع من نقطة الصفر .
في حال لم تغير الولايات المتحدة قرارها يكون الجانب الفلسطيني جاهزا لتنفيذ خطة "ب" التي من المفترض أن يكون أحكمها المجلس المركزي أو اللجنة التنفيذية والقيادة والفصائل والشعب وإتفق عليها الفلسطينيون جميعهم فالوضع صعب ولا يحتمل تأجيل الجاهزية الفلسطينية الشاملة لمواجهة المصير الفلسطيني المستقبلي الذي تحدث به وعنه الجميع.
د. طلال الشريف