السياسة كائن حي كامن يستمد حيويته وينشط بفعل ونشاط وحركة الإنسان الحي، أما الإنسان الخامل المتجمد فاقد الحيوية والنشاط الحركة فلا تجد السياسة مجالا للتفاعل معه لتحيا فتنسحب من مجاله بعد صبر وإنتظار في إستثارته عله يتفاعل معها ليحييها.
لم يكن قرارالرئيس الأمريكي ترامب إعتبار القدس عاصمة إسرائيل هي الضربة القاضية للفلسطينيين بل هي كانت القشة التي قسمت ظهر البعير المثقل بالأحمال التي فاقت في ثقلها كل حدود القدرة على التحمل.
الفلسطينيون حملوا أنفسهم ما لا طاقة لهم بتحمله لأنهم دخلوا تيه الإستقلال دون جاهزية حقيقية ودون سياسيين محترفين أو بمعنى آخر زجتهم قياداتهم المحدودة القدرات السياسية بكل تلاوينها وبدرجات متفاوتة من المسئولية عما حدث لهم من شلل في مواجهة الواقع الآني الذي يعصف بنا ويفقدنا الأمل والحلم الكبير الذي بنيناه لنكون مثل باقي شعوب الأرض لنا دولة وعاصمة ولنا إستقلال وكرامة.
لم يقولوا لنا في كل المحطات منذ الخروج من بيروت وطرابلس ونشوء السلطة والإنقسام وحروب أربعة على غزة بأننا هزمنا وسندفع الثمن بل مازاد الطين بلة أنهم أقنعونا وشعبنا بأننا منتصرون. ... السياسة تسحب من تحت أقدامنا فلم نمارس سياسة بل مارسنا الهمبكة والتدليس علي أنفسنا وعلي شعبنا .. لم نكن نصنع سياسة لأننا مارسنا الدجل وأسميناه سياسة مارسنا الخديعة لأنفسنا ولأجيالنا وشبابنا مارسنا ما يملي علينا ولم نمارس إرادتنا مارسنا مطالب من يدفع لنا ولم نمارس ذكاء السياسة وإشتبكنا في فزعات لا تمت إلي السياسة بصلة بل يغلب عليها صراع القبائل علي الكلأ وبئر الماء والكبرة الكذابة نعم مارسنا كل شيء إلا السياسة ودرنا حول أنفسنا بعدم فهم السياسة فأصابنا الدوار وتجمدنا وأصبحنا خاملين نردد كالببغاوات نشيد الخلاف وتحية الأعلاف وهيجان الإبل فجزعت منا السياسة وإنسحبت من بين أصابعنا منذ سنوات وتصورنا كما فعل غالبية قادتنا أننا نمارس السياسة ونشرح لبعضنا في نقاشات وحوارات ونناكف بعناد الجهل وسطحية المغفلين ونتصور أنها سياسة وعندما صدمتنا السياسة الحقيقية التي مارسها الآخرون بذكاء ورسموا خططهم وفاجأونا بقرار ترامب وأعلنوا بأن القدس عاصمة دولة إسرائيل إكتشفنا أن ما مارسناه سابقا ليس سياسة بل كان إشتباك مشجعين لكرة القدم أو أقل خبرة فبتنا لا ندري ما يجب فعله فصدمنا وإنخفض ضغطنا ودخلنا في غيبوبة ومازال قادتنا يحومون كفراشات هشة تطير حول نار مشتعلة ولا تستطيع الإقتراب منها متصورين أنهم مازالوا يمارسون السياسة بمقاييس الهمبكة .. هل لدينا سياسيبن محترفين ؟ أين هم حقيقة في مجتمعنا فمن يعرف سياسي محترف يدلنا عليه وله الأجر ؟؟!!
د. طلال الشريف