الشهيد “أحمد نصر جرار“ وريث الشهداء الحافظ للوصية

بقلم: جبريل عودة

لن ينقطع العطاء من رحم البطولة الفلسطينية , ولن تتوقف مسيرة البذل والتضحية حتى تسطع شمس الحرية على فلسطين ومقدساتها , البطولة لا تباع ولا تشترى, مهرها غالي لمن يعشق الغايات الكبرى , ويسعى لإنجاز الأهداف العليا , أليس أسمى غاية للمؤمن أن يموت شهيد , لترفرف الراية ويسعد الوطن , فالشهادة سياج الحماية للأمة وحائط الصد من العدوان الخارجي , لذا فالجائزة لمن يرتقي شهيد كبيرة لا يعلمها الا الله .

على خطى الآباء يمضى الأبناء , في مسيرة الجهاد والمقاومة , ميراث الشهداء جهاد وتضحية , ميراث الشهداء هو الخط الجهادي الممتد , الذي لن ينقطع منذ طعنات المجاهدون الأوائل في بدر الكبرى , المصوبة نحو صدر العدوان والتجبر, مروراً بنماذج التضحية والفداء في مؤتة بدايات المسير نحو فلسطين , حين يتسابق الرجال نحو الشهادة , لتحيا الأمة في مواجهة المكر والكيد , إلى صرخة الشيخ القسام في أحراش يعبد لأنصاره موتوا شهداء , والنماذج كثيرة في أسلافنا وواقعنا وفي قادم الأزمان أيضا لا ريب في ذلك , لأروع صور الإنتماء الصادق لمسيرة الجهاد الممهورة بالدماء الطاهرة , فالشهادة هي الحياة والجُبن موت , وميراث الشهداء هو العلم بحقيقة العدوان ووجوب مواجهته وإزالة أثاره , وتستمر حياة الشهداء فينا لا تغيب , فهي قناديل تنير عتمة الحُقبة المظلمة إلى أن ينقشع السواد, بإكتمال بدر الشهداء ليضيء الآفاق , فما أعظم أن تسرج قناديل الوطن بدماء حراسه الأبطال , حيث تمنحها حرارة الدماء نور لن ينطفئ بإذن الله.

لقد أيقن الشهيد أحمد جرار, حقيقة ميراث والده الشهيد نصر الملقب " بجعفر جنين" والذي أصر على أن يحمل راية المقاومة بعضديه حين بُترت أطرافه , وإستمر مقاوماً وهو على كرسي متحرك , إلى أن إستُشهد في أوج إنتفاضة الأقصى عام 2002ميلادية , خلال إشتباك كبير في بلدة طوباس قرب جنين , رافضاً تسليم نفسه للإحتلال , وما سقطت راية المقاومة من آل جرار , فلقد حافظ الشهيد أحمد على هذا الميراث الجهادي , وأيقن أن السبيل لردع العدوان, وإسقاط المؤامرة التي تستهدف وجود الشعب الفلسطيني وهويته , لا تكون الا عبر المقاومة والرد بالنار على مشروع التهويد للضفة الفلسطينية , لم يتأخر عن نداء الواجب , فلبى مشمراً نحو السبيل الأوضح الذي لا غموض فيه , فأعد العدة بما إستطاع , وقاوم بالرصاص حين كانت الشعارات سلاح البعض , واستبسل عند اللقاء فكان كأنه جيشاً في المواجهة نخبة الصهاينة , فأوقع فيهم بإعترافهم إصابات خطيرة , وكعادته يخفي العدو خسائره .

لم يكتفى الشهيد أحمد بأن يحوز ميراث والده وحسب , فلقد نال من رحيق الشهداء ليتكامل المشهد ويزداد تكاثر أسرة الشهداء الكبيرة , لتنعم الأجيال بنصيبها من ميراث الأحرار, فسجلات الفداء الفلسطيني زاخرة بنماذج البطولة والشهادة , من الإستشهاديين الذي يرفضون الإستسلام, ولم يسمحوا للحظة بمشهد التفوق للجيش الصهيوني, عبر مظهر أسر المقاومين أثناء المواجهة المسلحة , فخيار هذه الثلة المجاهدة هي القتال حتى الشهادة , وإنتفاضة القدس تجود بأقمار الإشتباك بين حين وآخر, لتصطف أسمائهم مع مرتبة الشرف العظيم , أمثال الشهيد علاء الأعرج والشهيد محمد فقيه والشهيد نشأت ملحم , هذه وديعة الشهداء وميراثهم ولكل فلسطيني نصيبُ من ذلك الميراث , فلا تتأخروا عن الإلتحاق بهذا الركب الإستشهادي الذي هو بمثابة فخر فلسطين وشعبها .

واهم إن إعتقد الإحتلال إنهائه المسألة بقتل الشهيد , فالحرب سجال , والمقاومة خيار, وخلف هؤلاء المقاومين طوابير من اللاحقين بقافلة المقاومة المباركة , فالمقاومة هويتنا وسلاحنا وحصننا المنيع من الهجمة المعادية , وتستمر المواجهة وتزدحم في مسار الحرية نفوساً تتوق للشهادة في المعركة ضد أرذل إحتلال يغتصب القدس وفلسطين.

بقلم/ جبريل عوده