غزة غير قابلة للحياة !!

بقلم: وفيق زنداح

بعيدا عن تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الاثنين الماضي من أن التقديرات الأممية تشير الي أن قطاع غزة سيصبح غير قابل للحياة ....بحلول العام 2020 واصفا الحالة الانسانية والاقتصادية بالقطاع بأنها غاية بالسوء .....جاء كلام الأمين العام للأمم المتحدة في افادته خلال اجتماع عقدته لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف .
وليس في تحذير الامين العام للأمم المتحدة الشي الجديد ....وغير المعلوم .... وغير المتوقع .... فالتقارير الأممية ومنذ سنوات تتحدث أن غزة لا يحتمل العيش فيها .....وأنها تعاني من نسبة عالية من البطالة ..... ومعدل مخيف من الفقر وتدني مستوي الدخل ....كما تفيد التقارير الي حالة التلوث .....والتي وصلت الي المياه غير الصالحة للاستخدام الأدمي ...... وحتى للتلوث البيئي نتيجة انهيار البنية التحتية ..... وما يشهده الالاف من أمراض عضوية ونفسية وحالات ادمان ..... أمراض عديدة في ظل تدني مستوي الخدمات .... وعدم وجود رعاية صحية كافية ..... كما عدم وجود رعاية اجتماعية .....ومتابعة حكومية ..... للاطلاع على كافة مجريات الحياة وتفاصيلها ..... وما يعيشه الناس ..... من أزمات وكوارث .... تزداد ولا تقل .
غزة ..... التي أكتب عنها..... وهي بلدي التي أعتز بها ..... والتي عشت على ترابها وأحفظ لها كامل حقوقها ..... تتساقط يوما بعد يوم ..... وتخرج التقارير حولها .... لتتحدث عن معاناة أهلها وأزماتهم المتفاقمة ...وكوراثهم التي يعيشون بها ..... الا أن كافة التقارير منذ بدايتها...... وحتى حديث الأمين العام للأمم المتحدة ..... لم تستطع ....ولم تلبي ..... ولم تفصل ....حقيقة الأوضاع داخل القطاع ...كما حقيقة معاناة الناس .......وظروف معيشتهم وكيف يقضون يومهم ...... وكيف يبحثون عن مصادر رزقهم ..... ومصادر خدماتهم ..... حالة بائسة .... ويائسة ..... لاقتصاد يتساقط..... ولأمراض تنتشر.... ولفقر يتسع ....ولتدني مستوي الدخل ....ولأوضاع نفسية واجتماعية غاية بالسوء .....أن يصل فيها البعض لقتل البعض الأخر....نتيجة لحالات نفسية ....وضغوط نفسية واقتصادية ...وعلاقات انسانية أصابها خلل كبير...... على عكس حال غزة وأهلها ...... وعلى عكس غزة وتاريخها ....وعلى عكس غزة وطيب اهلها .
لا جديد ..... في الحديث ..... بمحتوي التقارير الصادرة .....ولا جديد في القول أن غزة غير قابلة للحياة ....ولن يكون هناك جديدة بكافة التقارير الأممية التي تتحدث عن حالة التعليم والصحة ..... كما حالة البطالة وانهيار منظومة الاقتصاد .....ولا جديد في انهيار منظومة الأخلاق والثقافة ..... ولا جديد في انهيار منظومة المعنويات التي كنا نصدرها للأخرين ..... والتي كانت مثالا وفخرا لنا ولغيرنا .
حتى أن أعداءنا يتحدثون ..... عن قرب الانهيار وتفجير الأوضاع ...وعن تعاظم الأزمات ..... والتي تعجل من الحرب والعدوان علينا ..... ولا أعرف مدي العلاقة ما بين الفقر والكوارث والأزمات .... وما بين الحرب والعدوان ..... والقتل والدمار ..... واشتداد الحصار .... الا اذا كانت دولة الاحتلال تريد أن تقرب المسافة وعامل الزمن ...... وأن تتخلص من هذا القطاع وسكانه ....... وكما قال رابين لنقذف بهم بالبحر .
وكأننا أصبحنا عبء ..... على الجميع .... لا أحد يتحمل همومنا ..... وأحزاننا .... لا أحد يتحمل ألامنا .... ولا أحد يريد ان يعالج مرضانا ...... القطاع بسكانه أصبحوا حملا ثقيلا ..... في ظل أزمة عارمة ..... يغلب عليها ..... سوء التقدير والحساب ..... وعدم قراءة التاريخ ..... وحتى عدم فهم مجريات الأحداث .
وأنا هنا أريد أن أتحدث بصراحة محسوبة ...... لا تطاول فيها .... ولا تجريح ....ولا هجوم فيها على أحد .... بل أتحدث بلغة العقل والمنطق ....والمسئولية والواجب ..... وبما تبقي من قليل القليل ..... من الهدوء والانضباط ..... في ظل اقتراب جنون الحال .... وعذابات النفس ..... وصراع الواقع .
أولا : أتحدث بصراحة لعنوان الحكم لهذا القطاع ولمن يتحملون مسئولية 2 مليون فلسطيني ....حول عنوانهم ....ومكان وجودهم .... وحول أفعالهم ....وخططهم ..... حول خدماتهم ومباشرة عملهم ...... حول اشرافهم ومتابعتهم لكل صغيرة وكبيرة .....بحكم مسئولية سيحاسبون عليها أمام الله .
مسئولية ليس وليدة اللحظة .... بل وليدة 11عام وحتى يومنا هذا ....ونحن يقذف بنا ...ما بين هذا وذاك .... وما بين حكومة ولجنة..... وما بين لجنة وحكومة ..... حتى وجدنا أنفسنا ..... دون لجنة وحكومة .....ودون اجابة شافية حول اصغر سؤال يمكن أن يسأله مواطن .

ثانيا : السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد ..... وبحكم أن قطاع غزة ..... وسكانه جزء من الولاية والمسئولية .... السياسية والقانونية ..... وجزء من الرعاية .... والمهام والمسئوليات .... نتوجه اليكم ....ولا نتوجه لغيركم ....نسألكم ولا نسأل غيركم....نطالبكم ولا نطالب غيركم ..... نحملكم المسئولية .....بحكم موقعكم ....وهذا لا يعني أننا لا نحمل غيركم .... مسئولية ما الت اليه أمورنا وأحوالنا ..... ونتائج حياتنا .
ثالثا: حكومة الاحتلال وبحكم القانون الدولي لا زالت تتحمل المسئولية الأولي بحكم احتلالها ...حصارها ....سيطرتها .... ولا يعني خروج قوات الاحتلال من القطاع الي الحدود أنهم لا يتحملون المسئولية .....بل ان المسئولية الكاملة يتحملونها ويجب أن يقوموا بمهامهم ومسئولياتهم اتجاه سكان القطاع ..... من خلال السلطة الوطنية الفلسطينية ....وبحسب الاتفاقيات حتى وان كانت لاغية أو معطلة أو مجمدة ....وحتى يتم تغيير الواقع السياسي برمته .
رابعا : 2 مليون فلسطيني عربي وما تم تقديمه من تضحيات وشهداء ...جرحي وأسري ..... وتاريخ طويل .... لهذه الأرض بكل ما فوقها وما تحتها والتي احتضنت عبر تاريخها الكثير من القادة ....كما تأسس على أرضها .... الغالبية العظمي من الفصائل ..... والتي لا نسمع لها صوتا ..... ولا نري لها فعلا .... ولا نلمس لها جهدا ..... في ظل ما يجري من مأسي وألام .....وكأنها الغائب الحاضر ....الغائب في لحظات الألم ....والحاضر في لحظات المسيرة والمؤتمرات الصحفية .....وهذا ليس دور ....واختصار .... مهام ومسئوليات الفصائل والقوي ..... لأنها تعرف حقيقة دورها ..... ومسئولياتها ..... اتجاه شعبها .... الذي يأمل فيها الخير ........ وليس اكثر من ذلك .
خامسا : غزة وأهلها ليسوا قاصرين ..... كما أنهم ليسوا بهواه ..... كما انهم ليسوا متسولين .....كما ان الجوع لن يركعهم ....والضغوط لن تنال منهم .....لأن تاريخهم وعظمتهم و شموخهم ..... أكبر من كافة السياسات والمخططات .... التي تريد أن تنال منهم وتضعهم بموقف الخنوع .....والتوسل ....وهذا لن يكون .
أهل غزة ..... يعرفون جيدا ....الصادقين من الكاذبين ..... ويعرفون المنافقين .... كما الفاسدين ..... ولا يمر عليهم كلام معسول..... ولا شعارات منمقة ....لانهم بالنضال لهم تاريخ .....وبالتضحيات والعطاء مسيرتهم طويلة ..... ولا يمكن أن يقبلوا بالمهانة..... أو ان تمس كرامتهم ......أو أن يتم التلاعب بهم .... أو أن يكونوا مادة للعطف والاستحسان ....والتسول .
غزة هاشم .....التي عاش فيها واستقبلت رمز الثورة الفلسطينية المعاصرة الشهيد أبو عمار ....والذي عاش فيها الشهيد أبو جهاد.... وأبو اياد.... وكمال عدوان .... وابو يوسف النجار ....وماجد أبو شرار ....وغيرهم عشرات القادة ........ كما عاش فيها وعلى ارضها الشيخ الجليل الشهيد أحمد ياسين .....والشهيد الدكتور فتحي الشقاقي .... غزة التي عاش فيها واستشهد على ارضها .....الالاف من أبناء فلسطين ...كما استشهد على أرضها ودفن في ترابها أبناء جيش مصر العظيم ...... الذين دافعوا عنها ..... واستشهدوا من أجلها .
غزة ......الوفاء .....غزة ....العزة والشموخ .....غزة التي لا تنسي من وقف معها ........وما ساند أهلها ....ومن قدم لها يد المساعدة ....غزة التي نعيش فيها ...وفي ظل ظروفها الاستثنائية لم تبخل على أحد .......وقدمت كل ما لديها ....ولا زالت تقدم ..... وهي على عهدها .....ووفائها على مدار التاريخ .
غزة .....لا يمكن أن تقبل بأن يسجل عليها .......أن تكون ثغرة .....لكافة المتلاعبين بأن يأخذوها الي مربعات التخاذل .....أو الي مربعات القيادة البديلة ....أو الي مربعات الدولة المنفصلة .
غزة .... الجزء الجنوبي من فلسطين.....أهلها وشعبها .....لا زالوا على عهدهم..... وثباتهم .......وتمسكهم .....بشرعيتهم الوطنية ..... وبقيادتهم التاريخية ......ولن يقبلوا حتى في ظل احتياجاتهم وأزماتهم .......من أن يباعوا تحت اسم الحاجة ....لأننا جميعا على عهدنا ...وقسمنا .....أن نكون الأوفياء ..... لرمز الشهداء ....وقائد المسيرة ..... ورمز الثورة الشهيد ياسر عرفات .
الكاتب : وفيق زنداح