سوريا وتغيّر قواعد اللعبة واستراتيجيات المقاومة

بقلم: وسام زغبر

  ما جرى من إسقاط الطائرة الحربية الإسرائيلية وطائرات أخرى بنيران الدفاعات الجوية السورية، يغيّر أساليب الرد وقواعد اللعبة في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في ظل تعاظم قوة محور المقاومة وإعادة تشكله من جديد في التصدي للعدوان الإسرائيلي المتكرر والعربدة الإسرائيلية المتواصلة على الشعوب العربية المقهورة، والانتقال من قرار الدفاع إلى اتخاذ قرار الهجوم.

العدو الإسرائيلي اعتاد على انتهاك الأجواء العربية واستهداف أي دولة عربية وسيادتها أياً كانت للحفاظ على ما يسمى قوة الردع لديه، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية ودون اهتمام للقوانين الدولية ولميثاق الأمم المتحدة.

قوة الردع الإسرائيلية كُسرت اليوم على جبهة سورية، والخطط والسياسات الإسرائيلية الخارجية انهارت بقوة الرد السوري على العربدة والهيمنة الإسرائيلية المتواصلة في اختيار مكان وزمان العدوان على أي دولة أو جبهة عربية، لذلك العدو الإسرائيلي سيحاول امتصاص الضربة الموجعة له ربما في غارات على سورية أو أية جبهة أخرى من جبهات محور المقاومة بضربات موضعية لتهدئة جبهته الداخلية كما جرى في استهداف سيارة قيادي في حركة حماس قبل أسابيع في لبنان.

سوريا اليوم التي تضرب معاقل الإرهاب الدولي بما فيه دحر تنظيم داعش عن أراضيها، أفشلت الخطط والمحاولات الإسرائيلية لدق طبول الحرب وزعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط للتغطية على الصفقة الأمريكية الكبرى لتصفية القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية والتي بدت معالمها تظهر بقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية للقدس وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وإعادة صياغة المعادلات الإقليمية.

على ما يبدو أن الإستراتيجية الجديدة التي يتبناها محور المقاومة الذي يزداد توسعاً وتشكلاً من إيران وسورية وصولاً إلى فلسطين إلى جانب اليمن، عنوانه وهدفه الأسمى هو القدس المحتلة، هذه الإستراتيجية متكاملة بكافة أبعادها سواء السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو الإعلامية أو الأمنية، بما فيها تشكل غرفة العمليات المشتركة مع الحفاظ على خصوصية وأهداف كل طرف من الأطراف دون تعارض مع بعضها في اتصال دائم ومتواصل مع كافة الأطراف الأخرى في الهدف الجامع وهو مواجهة المشروع الصهيوني العنصري وإفشال مخططاته التكتيكية والإستراتيجية على المنطقة العربية.

إستراتيجية المقاومة الفلسطينية التي هي جزء لا تتجزأ من خاصرة محور المقاومة، تتجهز في إعداد كافة الأدوات القتالية، وتشييد عشرات الأنفاق للقتال خلف أسوار العدو للوصول إلى الأهداف وحسم المعركة المقبلة، في تواصل دائم مع كافة الأطراف في حال الحرب الكبرى بوضع كل الاحتمالات.

فصائل المقاومة الفلسطينية اتخذت قرارها بعدم التصعيد العسكري لدرجة الحرب ضد الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الحالي، ولكن في حال تكامل الصورة وأصبح قرار الحرب والعدوان لا محال منه، فإن عنصر المفاجأة سيكون حاضراً في الميدان.

وهذا لا يعني توقف خطط وتكتيك المواجهة الشاملة لفصائل المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال بل تعتمد سياسة العمل في الميدان وخلق الوقائع الميدانية الوطنية في مواجهة الاحتلال والاستيطان، وسياسة العمل بالبرنامج الوطني الفلسطيني، برنامج وحدة الشعب ووحدة قواه السياسية، برنامج الانتفاضة والمقاومة في الميدان، لإفشال مشروع «صفقة القرن» وتداعياتها، وإعادة الاعتبار لمقاومة شعبنا في نضاله، كحركة تحرر وطني، من أجل أهدافه الثابتة في العودة وتقرير المصير، والدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس. 

بقلم: وسام زغبر

كاتب صحفي مقيم في قطاع غزة/ فلسطين