بعد إسقاط الطائرة الإسرائيلية من طراز"f16" على يد النظام السوري . إرتفع سقف الغضب من إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاءهم . لأن هذه العملية كسرت أنف إسرائيل والولايات المتحدة . وأثبتت للعالم أن سوريا متمثلة بالنظام والجيش عظمة قوية يصعب كسرها . وخاصة بأنها مدعومة من ثلاث دول قوية ولها وزنها العسكري وهي "روسيا وإيران والصين" وأيضا حزب الله وهو يعتبر من أقوى الأحزاب على الساحة العربية .
ولكن الملفت للنظر أن الغضب الذي كان يستهدف النظام السوري من قبل بعض الأحزاب والتيارات العربية سرعان ما تحول إلى رضا . بعدما سقطت الطائرة الإسرائيلية على يد النظام السوري . وبدء الجميع يطبل ويهلل للنظام السوري . وحاول البعض زج نفسه كطرف في هذه العملية وكأنه جزء أساسي في الصراع . والبعض سوق لنفسه عبر وسائل الإعلام وكأنه جزء مباشر في هذه العملية . وأول الغيث قطرة . في تصريح لحركة حماس قال القيادي في حركة حماس اسامة حمدان ان حركته ستقف الى جانب محور المقاومة في أي عدوان إسرائيلي . وأشاد بالعملية البطولية وقال إن النظام السوري يعمل بكفاءة ودقة . وأيضا الجبهة الديمقراطية والجهاد الإسلامي صرحت بنفس الكلام . معتبرين أن عملية إسقاط الطائرة هي إنجاز للشعب الفلسطيني .
من حق الشعب الفلسطيني أن يهلل ويطبل لأي عملية تستهدف إسرائيل . ولكن علينا أن لا ننسى أن معظم المهللين للنظام كانوا يصفونه بالنظام القمعي والدكتاتوري والفاشي . وكانوا ينتظرون وقوعه بفارغ الصبر . هكذا نحن العرب نراهن على الحصان الكسبان وفي حال وقوع الحصان نسارع بإطلاق النار عليه للقضاء عليه كليا .
أصبحت سوريا أرض للتحالفات والمراهنات . وهي الآن عبارة عن شاشة سينما للعروض مفتوحة لكل الأنظمة والأحزاب . والكل يعرض ما لديه من بضاعة ويراهن على بضاعة الآخر .
وللأسف الشديد أن بعض الدول التي زجت نفسها في سوريا ليس لها مبرر إلا أنها تلقت الأمر من الولايات المتحدة لتكون ضمن التحالف . وهذا التحالف بقيادة الولايات المتحدة ويقارب ستين دولة ومنها دول عربية . وهو تحت مسمى التحالف ضد "داعش" والهدف منه ضرب الإرهاب . ولكن في الحقيقة هو تحالف لتقسيم سوريا بعد إسقاط نظام الأسد .
سوريا الآن تعيش أيام الغضب فالجميع غاضبون . هناك من يغضب لدماء الشعب البريئ . وهناك من يغضب لمستقبل سوريا كدولة ونظام . وهناك من يغضب لصالح المعارضة والجيش الحر . وهناك من يغضب لصالح داعش . وهناك من يغضب لصالح إسرائيل والولايات المتحدة . وهناك من يغضب لصالح حدوده وحمايتها مثل تركيا والتي رفضت زحف الأكراد على حدودها خشية تكاتف أكراد سوريا من أكراد تركيا وتشكيل خطر على أمن تركيا القومي . ورغم اعتبار أنقرة أن الدولة الإسلامية تهديدا لها إلا أنها تخشى إن سمحت للأكراد في تركيا بالعبور والقتال في سوريا أن يتخذوا منها قاعدة لإطلاق هجمات على تركيا فيما بعد . وقالت الحكومة التركية إنها غير جاهزة للمشاركة بالمساعدة في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش إلا إذا كانت الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد من بين أهداف التحالف .
هكذا تتميز تركيا بأن لها ثلاث أهداف في سوريا . وهي محاربة داعش وإسقاط نظام الأسد وكسر شوكة الأكراد في سوريا للحفاظ على أمنها القومي .
في سوريا وأيام الغضب هناك ثلاث قواعد أساسية في حرب التحالفات . "القاعدة العقائدية" وتتمثل في مساندة حزب الله وإيران للنظام العلوي لتسويق مشروع المد الشيعي . "وقاعدة موازين القوى" وتتمثل في مساندة الصين وروسيا لنظام الأسد ضد هيمنة الولايات المتحدة . "وقاعدة داعش" وتتمثل في مشروع الخلافة الإسلامية والتي تعتبر حاضنة لجميع التيارات السلفية الجهادية في العالم . وتعتبر داعش هي الأخطر في سوريا والعالم كونها تحمل الفكر التكفيري . ولا تعترف بمن هو خارج البيعة لخليفتهم أبو بكر البغدادي .
إن عملية إسقاط الطائرة الإسرائيلية على يد النظام سترفع من رصيد بشار الأسد على أرض الصراع . وستوجه بوصلة المعارضين له إلى إتجاه التأييد . وبعدما كان في نظرهم أداة للقمع سيصبح أدارة للردع . وفي الأيام القادمة سنشهد مزيد من التطبيل والتهليل للنظام السوري عبر وسائل الإعلام .
بقلم/ أشرف صالح