عملية اللغم النوعية والحساب المفتوح

بقلم: أشرف صالح

على حدود قطاع غزة الشرقية . كان اللغم يتربص والعلم يرفرف في السماء جاهرا بصوته ها أنا هنا . ومن ثم جاء جيش الإحتلال لينتزع العلم ولم يكن يعلم أن الله خير الماكرين .

إن العملية البطولية التي إستهدفت ما يسمى بنخبة جيش إسرائيل أكدت لنا أن الحساب لا زال مفتوحا . وهذه العملية فرضت قواعد جديدة وغيرت من المعادلة التي كان يفرضها جيش الإحتلال . إن جيش الإحتلال كان دائما يراهن على أن فصائل المقاومة في غزة قد فقدت أدوات الردع بسبب الحروب الثلاثة التي شنها جيش الإحتلال ضد فصائل المقاومة في قطاع غزة . وأن فصائل المقاومة لا زالت تلملم جراحها بعد الضربات القاسية في الحروب الماضية . ولكن هذه العملية الذكية والتي قامت بها "سرايا القدس" حسب ما وصفها الجيش الإسرائيلي وحسب ما وجه أصابع الإتهام لها وعلى حد تعبيرهم أنها ردا على عملية إستهداف النفق التابع "لسرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي والتي إستشهد فيها خمسة عشر شخصا من مقاتلين "سرايا القدس" أثبتت أن المقاومة الفلسطينية على جاهزية تامة في كل زمان ومكان . وأثبتت أنها تتحلى بعقلية عسكرية ذات طابع تخطيطي وتكتيكي . وأنها قادرة على ضرب أهداف للجيش الإسرائيلي وكسر شوكته .

ولكن من خلال هذه العملية يجب أن ننطلق لحسابات جديدة . ويجب أيضا أن نعلم شيئا في غاية الأهمية وهو كيف يفكر الإحتلال في وسائل الرد ؟ وما هي الفلسلفة المتبعة لديهم في الرد على مثل هذه العمليات النوعية ؟ من الواضح جدا أن الإحتلال دائما يبحث عن عنوان رئيسي ليتلقى الضربات في سياق الرد . وأنه معني جدا أن يجد ما يحمله مسئولية هذه العمليات . والسبب في هذه الفلسفة للرد هو أن الإحتلال لا يريد أن يشتت جبهته العسكرية هنا وهناك وأن يكون له عنوانا واضحا للرد عليه . وأيضا الجيش الإسرائيلي يعلم جيدا أن معظم الفصائل الفلسطينية لا تملك ما يجعلها تخشى عليه لأنها خارج السلطة والحكم . بخلاف حركتي فتح وحماس والتي تحكمان الضفة وغزة . وبالفعل هناك تجارب سابقة لجيش الإحتلال في آلية الرد . وهي عندما كانت حركة فتح متمثلة بالسلطة تحكم غزة كانت إسرائيل تحملها المسئولية الكاملة على جميع العمليات ضد الجيش في قطاع غزة . وكانت تقصف مؤسسات السلطة وتدمر بنيتها التحتية ردا على العمليات . واليوم هناك تصميم واضح من الجيش الإسرائيلي لتحميل حركة حماس مسئولية العمليات ضد جيش الإحتلال في قطاع غزة . والسبب كما ذكرت في السياق أن إسرائيل لا تتعامل إلا مع عناوين واضحة للرد لتحميلها المسئولية تجاه أمن إسرائيل . وفي هذا رسالة لغزة بأن أمن غزة متعلق بأمن إسرائيل .

في إعتقادي أن الرد على هذه العملية النوعية والذكية قد لا يتجاوز قصف مواقع وأهداف للمقاومة . فالأمور الحالية لا تشير بحرب على غزة لسببين رئيسيين وهما أن عملية اللغم لا زالت غير معلن عنها رسميا من أي فصيل ولا زال ضبط النفس حاضرا بين الفصائل في غزة . وأيضا سخونة الموقف بين إسرائيل وإيران وسوريا قد يقلل من أهمية فتح جبهة في قطاع غزة . لأن إسرائيل تتعامل في الردع من باب الأولويات . ومن الواضح أن جبهة الشمال مع سوريا له أولوية لدى الجيش الإسرائيلي .

بقلم/ أشرف صالح