تحتاج المسيرة الوطنية وطبيعة الصراع لمراجعات دقيقة لا يهتم بها أحد إلا عند المنعطفات وتعالج النتائج بالاستدارة لفكرة تجول بخاطر قيادي أو ينقلها من آخرين دون دراسة حقيقية لأنهم درجوا علي الفهلوة وليس المنهج التحليلي والعلمي في معالجة الأمور لنقص أو غياب في الكفاءة السياسية وعلومها في مقابل عدو يعمل ليل نهار بطريقة علمية ويقدم الكفاءات علي الولاءات والفهلوة.
المهم هذا المجال للمراجعات غني بالملاحظات ويمكن الكتابة فيه طويلا .
أحيانا أحد ما يناقش جزئية مهمة من هذه المراجعات ولا أحد ينتبه لأهميتها رغم أننا بحاجة لفحص ومراجعة كم كبير من المتراكمات ودائما لا تفارقني قضية هي أساس البناء السياسي في فلسطين وهي فهم " طبيعة الصراع " مع إسرائيل، ما هي طبيعة هذا الصراع ؟ وكيف بنت تنظيماتنا إنطلاقاتها وبرامجها علي هذا الفهم ؟ وإن كان هذا الفهم صحيح أم لا ؟ وإن كان هناك فهم حقا أم شيء آخر ؟
فهم طبيعة الصراع هو شرط أساسي وحيد لإنطلاق الاحزاب والفصائل والجماعات في فلسطين لأنه ينتج عنه البرنامج والبرنامج تنتج عنه الأداة النضالية المناسبة لتحقيقه وإذا تحقق البرنامج هذا يعني أن الأداة النضالية صحيحة وكذلك فهم الصراع الذي أنتج البرنامج والأداة هو صحيح ودقيق أيضا.
إذا كان لدينا تنظيمات من خمسين سنة تعمل ولا تبني برامجها علي فهم الصراع أو بنته علي فهم مغلوط أو علي فكرة نظرية لا تمت للواقع بصلة فما فائدة وجودها أو إستمرارها وإذا كان هناك فهم لطبيعة الصراع فالبرنامج يجب أن يكون واحدا والأداة النضالية واحدة فلماذا لا نجد ذلك في فلسطين؟ وكيف تستمر دكاكين ليس لها علاقة بفهم الصراع ولا بالبرنامج ولا بالأداة المطلوبة؟
كثير من التنطيمات لا داعي لوجودها وهي موجودة لخلل بنيوي في النظام السياسي أو الخارطة السياسية المباحة وهي أقرب أو تشبه الأحزاب المدنية في دول أخري فيها الدولة مستقلة والنظام السياسي مدني وتستمر تلك الاحزاب ولو بمقعد في البرلمات علي أمل تكبير شعبيتها مستقبلا وهذا يمكن فهمه لأنها قد تتبني مصلحة أو قضية طبقة معينة او تناضل من اجل قضية عمالية أو قانونية أو ديمقراطية أو ظاهرة إجتماعيةتحتاج مناصرة وتضع لها رؤية لحل إشكالياتها في المجتمع او في القوانين وهذا عمل سياسي يمكن تقبله أما في تنظيمات تحررية من الاستعمار كما في فلسطين فلا يجوز استمرار أحزاب وفصائل لا لزوم لها بغض النظر عن تجارب مشابهة وثبت خطؤها أو أطالت زمن إحتلالها أو مثلما هو حادث في بلدنا من إنقسام وصراع علي سلطة أضر كثيرا بمرحلة تحررنا فقضيتنا قضية احتلال ومعرفة طبيعة الصراع هي التي تدفع للبرنامج والادوات النضالية المطلوبة لهذا الصراع.
وسؤالي دائما عن أي فهم لطبيعة الصراع تتواجد كل هذه الأحزاب وبإعتقادي لو هناك فهم صحيح لطبيعة الصراع مع إسرائيل لكان حزبا واحدا أو إثنين في فلسطين ولكن الواقع ليس كذلك فماذا تفعل هذه الأحزاب والفصائل وما مبرر إستمرارها؟
حلوها يا أخي وإشتغلوا علي برنامج ناتج عن فهم واحد وروحوا إشتغلوا في شيء مفيد لشعبكم وأهلكم.
بقلم/ طلال الشريف