حكومة إنقاذ وطني للضفة وقطاع غزة

بقلم: فايز أبو شمالة

بعد اعتراف الدكتور صائب عريقات بحتمية انهيار السلطة الفلسطينية، وفي الزمن القريب، وهذا ما لا يختلف عليه عاقلان، وبعد اعتراف الرجل بأن الرئيس الفلسطيني هو وزير الحرب ليبرمان، وليس محمود عباس، وأن رئيس الوزراء هو يوآف مردخاي، وليس رامي الحمد الله، وهذا ما يدركه بوضوح عموم الشعب الفلسطيني، وبعد الفشل السياسي الفلسطيني في النهوض بالمشروع الوطني، وتحطم فكرة قيام دولتين على صخور الجرف السياسي الهاوي الذي انتهجته القيادة الفلسطينية، وبعد خطاب السيد عباس الباهت واللاهي في فضاء المؤتمرات فارغة المضمون، الخطاب الذي يعلق القضية الفلسطينية على حبال الوهم والتسويف، وبعد تعمد حكومة رامي الحمد الله تجاهل احتياجات أهالي قطاع غزة، وتعمدها إهدار المال العام دون الالتفات إلى تطوير اقتصاد فلسطيني لا يرتبط بالحبل السري الإسرائيلي، وبعد مشاركة الحكومة الفلسطينية حكومة الصهاينة في حصار قطاع غزة، وخنق أطفاله ونسائه، وتشديد الإجراءات العقابية ضد مواطنيه. في جريمة يخجل منها كل ذي حس وطني.

بعد كل ما سبق من تحقير للشعب الفلسطيني، ومن تعنيف لمقاومته، وتغييب لمؤسساته الشرعية، التي داسها حذاء التفرد بالقرار، فهمش متعمداً طاقة شعبنا، وشطب عن قصد المجلس التشريعي المنتخب، بعد كل هذه الممارسة الهادفة إلى تحطيم روح الانتماء للشعب الفلسطيني، وخلق حالة من الانقسام اليائس، الذي يعبد الدرب لتسليم الأرض ومقدرات الشعب إلى الأعداء، بعد كل هذا، فلا طعم لأي حديث عن مصالحة وطنية، ولا قيمة لأي جهد ينفق في سبيل الوصول لقواسم مشتركة مع من فقدوا البوصلة السياسية، وتاهوا في صحراء المفاوضات والتنازلات وذبح الزمن الفلسطيني على بوابات التعاون الأمني خدمة للمستوطنين اليهود.

بعد كل ما سبق، فالمصلحة الوطنية العليا تقضي بأن يتحرك الشعب الفلسطيني في كل المناطق، وبكل فئاته الشبابية والطلابية والوطنية والإسلامية والتنظيمية بعيداً عن هذه القيادة التي خذلت طموحات الشعب، وسحقت أحلامه، على الشعب الفلسطيني أن يتحمل المسؤولية بنفسه، وأن يحدد الخطر في دوائر، ويبدأ من الدائرة الأخطر على القضية، ليحاصرها، بعد أن يلتحم مع تنظيمات المقاومة الوطنية والإسلامية والمؤسسات الأهلية والنقابات والكفاءات والشخصيات الوطنية، ليصطف الجميع في خندق واحد، خندق المصلحة الوطنية العليا الداعي إلى عقد مؤتمر وطني كبير على أرض غزة المحررة، تشارك فيه كل أطياف الشعب الفلسطيني، وكل فئاته الرافضة لمخططات التصفية والتآمر على القضية، وتشارك فيه الفعاليات الفلسطينية الوطنية في الضفة الغربية وفي الشتات.

الشعب الفلسطيني بحاجة إلى قيادة جديدة، ومؤسسات فاعلة جديدة، ووحدة وطنية حقيقية، قادرة على تقويض أركان القيادة الراهنة التي رهنت فلسطين كلها مقابل مكاسب شخصية لبعض المنتفعين، الشعب الفلسطيني بحاجة إلى وطنه، وأرضه وشخصيته السياسية التي صارت باهتة، الشعب الفلسطيني يحتاج إلى استرداد قيمته الإنسانية والسياسية والتاريخية من براثن هذه القيادة الفاشلة بامتياز، والتي لم تبق من فلسطين إلا أشلاء أرض وأشلاء وحدة وطنية، تمزقت على طرقات الولاءات الشخصية والقبلية والمناطق.

الشعب الفلسطيني بحاجة إلى حكومة إنقاذ وطني، وليس حكومة وحدة وطنية، حكومة إنقاذ وطني، يفرزها مؤتمر وطني، حكومة تشارك فيها كل التنظيمات والشخصيات والكفاءات والقوى الفاعلة، حكومة تقود المرحلة، وتمسك بتلابيب القرار السياسي للقضية الفلسطينية.

د. فايز أبو شمالة