عندما تتوافق مواقفك مع مواقف عدوك ...؟!

بقلم: عبد الرحيم محمود جاموس

في الوقت الذي تحتدم فيه المواجهة السياسية والدبلوماسية ما بين فلسطين الشعب والقيادة والسلطة مع الكيان الصهيوني وسياساته التوسعية والعنصرية ومع الولايات المتحدة التي نصَّبت نفسها المدافع الأول عن سياسات الإحتلال ومواقفه، تصطف حركة حماس في ذات الموقع والخندق للتشكيك في شرعية الحكومة الفلسطينية وشرعية القيادة ووحدانية التمثيل الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني، هذا الإصطفاف لحركة حماس يرتقي إلى مستوى الخيانة الوطنية لما يقدمه من خدمة مباشرة لتلك السياسات العدوانية التي يتعرض لها الشعب والقضية والقيادة، هل يوجد لحركة حماس غاية أو هدف وطني نبيل من هذا الإصطفاف والتوافق مع الحملة العدوانية التي تقودها الولايات المتحدة ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وضد قيادته الشرعية ؟!

إن المواقف السلبية المشينة التي عبر عنها بعض قادة حركة حماس ومستشاريها مؤخراً من الحكومة الفلسطينية ومن قيادة منظمة التحرير وعلى رأسها السيد الرئيس أبو مازن تأتي متناغمة مع هجمة الكيان الصهيوني والولايات المتحدة برئاسة الرئيس ترامب على السلطة الفلسطينية وعلى منظمة التحرير ورئيسها، هذه المواقف الفجة لقيادات حماس تعبر عن عدم إدراك حركة حماس وقياداتها لحجم وأثر المعاناة التي يرزح تحت وطأتها شعبنا الفلسطيني وخصوصاً في قطاع غزة، كما تعبر عن قصر نظر سياساتها ورؤاها في إدراك حجم الخطر الذي يتهدد مصير الشعب الفلسطيني وقضيته في هذه المرحلة الراهنة ...

إن ما تقوم به منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية وعلى رأسها السيد الرئيس محمود عباس من جهود سياسية ودبلوماسية مضنية في مواجهة تحديات المرحلة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي تحتاج إلى الدعم والمساندة وليس إلى التشكيك والتخذيل بل وتفرض على حركة حماس أن تدرك أن شرعية منظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها أقوى من أن تهزها أراجيفها وتحالفاتها، وأن أحلامها المتوافقة مع أحلام الكيان الصهيوني في إفشال وإنهاء منظمة التحرير الفلسطينية، ما هي إلا أحلام العصافير يضحدها الواقع، ويرفضها الشعب الفلسطيني وأشقاءه وأصدقاءه على السواء، إن تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني لا يمكن أن يكون محل شك أو تشكيك على أي مستوى كان، فستبقى منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني حتى يحقق وينجز مشروعه الوطني، وليس أمام حركة حماس سوى الإقرار بهذه الحقيقة، شكلاً وموضوعاً وأن تكف عن هذه المناكفات التي لا تخدم سوى أعداء الشعب الفلسطيني، فلابد أن تتخلى حركة حماس عن إنقلابها الذي ألحق الويل والثبور بالشعب وبالقضية، وأن تتجه فوراً إلى تمكين الحكومة الفلسطينية من إزالة كافة الآثار التي ترتبت على هذا الإنقلاب، وفق إتفاق المصالحة الذي ترعاه مصر العربية، خطوة خطوة، ثم على حركة حماس أن تفك علاقاتها بجماعة الإخوان المسلمين ورؤاها الكونية وتوظيفاتها الإقليمية والدولية، وأن تؤكد كما جاء في وثيقتها المنشورة في مايو 2017م أنها حركة وطنية فلسطينية، وأن تصبح جزءً ومكوناً من مكونات منظمة التحرير الفلسطينية، بغير ذلك لا يمكن أن يكون لحركة حماس أي دور مؤثر وإيجابي في خدمة الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل تحقيق أهدافه الوطنية المشروعة في الحرية والإستقلال والعودة وبناء الدولة.

حركة حماس التي لا ترى في المشهد السياسي الفلسطيني سوى أحلامها الصبيانية في إحكام قبضتها على الشعب الفلسطيني ليس في غزة فقط بل وفي الضفة والشتات أيضاً، كي تكون المتحكم في مستقبل الشعب الفلسطيني والمتحدث بإسمه، لتواصل سياسة التأجير للقضية الفلسطينية ولمعاناة الشعب الفلسطيني في سوق التجاذبات الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة دون تقدير لمخاطر هذه السياسات الحمقاء والخرقاء وإن تغلفت بشعارات المقاومة الجوفاء، التي لم تَعُدْ على الشعب الفلسطيني سوى بمزيد من المعاناة والقتل والخراب والدمار وتشديد الحصار، ومنح العدو الفرصة تلو الأخرى للفتك بالشعب الفلسطيني، ومنحه الوقت والذريعة لمواصلة سياساته العدوانية والتوسعية...

على حماس وعلى الكل الفلسطيني أن يعمل الجميع دون إستثناء لرص الصفوف وإنهاء الإنقسام وإنجاز المصالحة لحماية الحقوق الوطنية وإرغام العدو على التسليم بها آجلاً أم عاجلاً، فكفى هدراً للوقت وتعميقاً للشرخ وللمعاناة، على الجميع العمل على دعم صمود شعبنا ودعم مقاومته الشعبية، ودعم الحراك السياسي والدبلوماسي الذي يقوده الرئيس أبو مازن في وجه أعتى هجمة سياسية ودبلوماسية تتعرض لها أركان القضية الفلسطينية (القدس) (اللاجئين) (الأرض) (الحدود) من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني على السواء.

عليك أن تراجع مواقفك وحساباتك إذا ما توافقت ومواقف عدوك..!

بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس