وبشكل مباشر أقول إن تكاليف المصالحة الفتحاوية الفتحاوية تكاد لا تذكر مقارنة بتكاليف إستمرار القطيعة داخل الجسم الفتحاوي وهنا لا أعني التكاليف المادية ولكن أعني الأثر الشامل علي الصعيد الفتحاوي والوطني والجغرافي الآن وفي المستقبل. وحل الخلاف وإنجاز المصالحة الفتحاوية الداخلية سهل جدا لمن يريد الخير لفتح والمستقبل.
لا أري ولم أتوقع في أي لحظة وحتي الآن أن تنتفي إمكانية إصلاح ذات البين في الجسم الفتحاوي رغم ما حدث من قطيعة ومناوشات وعقاب وخلاف وصل لحدود بعيدة من التراشق والتهم وبعض التشويه وتجاوز النظام الداخلي والظلم الذي تعرض له الكثيرين من قادة الصف الأول والثاني والثالث وحتي أقل عضو في مرتبة تنظيمية في هذه الحركة العريقة.
ولماذا لديا قناعة بإمكانية رأب الصدع داخل الجسم الفتحاوي ؟ أقول لأن:
1_ الفتحاويين لم يختلفوا علي برنامج حركة فتح
2_ لم يحدث إنشقاق بالمعني الذي ترك الفتحاويون فتح وكونوا جماعة أخري مستقلة.
3_ الذي حدث تنافس داخل الحركة علي المواقع والقيادة ومجموعات مصالح لتأجيج الخلاف.
4_ والعنصر الثالث تولد عنه مصالح شخصية لحركة تتبوأ للمرة الأولي سدة السلطة وأصبح بحكم ذلك مغانم يختلف الناس عليها في شؤون الحياة بشكل عادي وتنتظم الأمور بجهد مخلصين داخل الحركة.
4_ غياب المغارم المعهودة الذي كان يدفع فيها المناضلين الفتحاوببن الثمن من أرواحهم قبل تشكل السلطة ومع بداياتها حتي حدوث الإنقسام من اعتقال وإصابات وجرحي واستهداف واستشهاد فتغيرت المفاهيم نحو جماعات المصالح
5_ تفشي المناطقية والاستزلام في صراع بدأ بعد الانقسام بشكل فج وخاصة بعد تصور الجميع بأن الحرس القديم سينتهي بنهاية حكم الرئيس أبو مازن مما أجج التشلل حول الرئيس
6_ والمفاجئ أن الرئيس بدل ترتيب إنتقال هادئ لزعامة فتح قبل الخلاف مع النائب محمد دحلان بوقت كاف هو أن الرئيس دخل معترك المنافسة لذاته مما أربك الحركة بمجملها وكان الرئيس قادرا علي نقل فتح بهدوء لحالة الاستقرار ولكنه أصبح العامل الرئيس في أزمتها.
7_ تفاوت شاسع في كاريزمات التنافس السياسي بعد إنتهاء دور المقاومة المسلحة داخل حركة فتح بفعل واقع العلاقة الجديدة مع الاحتلال وتبني نهج التفاوض.
8_ إجراء عمليتين إنتخابيتين للرئاسة والتشريعي ومؤتمرين عامين لحركة فتح السادس والسابع للجنة المركزية والمجلس الثوري كمؤسسات تمثيلية وسع عيون القادة الفتحاويين علي المراكز والمكاسب في هذه المؤسسة والتي يتطلب الترشح لها نوعا من الاستزلام والشللية للدخول لقوائم الإنتخابات أو الترشح فرادي مما سعر الخلافات في الجسم الفتحاوي بشكل أكبر من السابق.
9_ بعد غياب ياسر عرفات إختلت المدارات داخل حركة فتح لتطور جديد حدث في آليات الديمقراطية إلي حد ما داخل الجسم الفتحاوي والتي كان أبو عمار بكاريزميته يقود الخلافات والمصالح الشخصية للأعضاء للأمام ولكنها تترسب في عقول الرجال لتنفجر بعد شعورهم بالذاتية التي كان يصادرها أبو عمار بطريقته المعهودة.
10_ الهزيمة أمام حماس في الانتخابات 2006 وما تبعها من إنقسام وترهل الحالة الفتحاوية .
من هنا نجد أن الحالة في البنود العشرة أصابت الكل الفتحاوي وليس هناك من هو شاذ عن الثقافة الفتحاوية أو حتي الفكرية أي بمعني أن الحالة الفتحاوية رغم صعوبتها ليس مستحيل إصلاحها أو المصالحة داخلها وخاصة بأن الفتحاويين جميعا ليسوا حزبا أيديوجيا لتحدث خلافات عميقة في الثقافة والسياسة ولكن هو تنافس عادي يصعد أو يهبط في أي مجموعة أو حزب أو جسم إجتماعي أو سياسي أو حتي تجاري ويمكن التوصل لحلول وسط بين الفتحاويين لو أعطيت الفرصة للمساعي الحميدة لرأب الصدع ومن هنا نعم كانت هناك محاولات من أطراف خارج الجسم الفتحاوي وخارج الجسم الفلسطيني لم تنجح ومضت في طريقها.
ما أريد قوله هنا أنه لم يبذل الجهد المطلوب من داخل حركة فتح لرأب الصدع في داخلها وحدثت عملية إصطفاف غريبة علي ثقافة هذه الحركة وأنا أعزوها فقط للتنافس علي الرئاسة رغم أخذها صفة المناطقية أحيانا كرد فعل لفعل إستخدم الفصل والعقاب لقادة وأعضاء غالبيتهم من قطاع غزة.
والشيء المهم الثاني أنه لم يبذل الجهد المطلوب فلسطينيا لمحاولة رأب الصدع الفتحاوي حتي الآن.
والذي لا يعرف من الفتحاويين ومن الفلسطينيين من كل الفصائل والمستقلين بأن الخلاف الفتحاوي نقطة ضعف أكبر من الإنقسام السلطوي و الجغرافي بين فتح وحماس وبين غزة والضفة الغربية هو لا يري الآثار والنتائج التي نراها الآن وهذا الضعف في الحالة الفلسطينية بمجملها فأنا أزعم أن الخلاف الفتحاوي الفتحاوي أخطر علي قضيتنا وشعبنا من الخلاف الفتحاوي الحمساوي.
وعليه لابد أن يتداعي المخلصون لإعادة تسليط الضوء وبذل الجهود لمحاولة إتمام المصالحة الفتحاوية الفتحاوية قبل حتي إنهاء الانقسام.
أقول هذا لكي لا تستمر حالة الضعف في فتح والتيار الوطني في مراحل لاحقة قد لا تنتهي وتصبح أكثر حدة وأبو مازن هو الوحيد القادر علي ضمان مستقبل حركة فتح دون خلافات لن تنتهي وإن لم تنته خلافات فتح في عهد أبو مازن فسيكون غياب أبو مازن دون مصالحة هو المسمار الأخير في نعش فتح.
د. طلال الشريف