لم تتخيل والدة الطفلة "س" (اسم مستعار)، أن تزيينها طفلتها ابنة السنوات الخمس وإلباسها أفضل ثيابها لتذهب إلى بيت جدها وتشاهد عرساً لجيرانهم، سيكون مدعاة لهجوم ذئب بشري عليها، يهتك عرضها، ويحول حياتها وعائلتها إلى جحيم.
أوائل الأسبوع الماضي، وقعت جريمة في حي الصبرة جنوب مدينة غزة ارتعدت لها الأبدان، إذ استغل شاب خلو الشارع من المارة، واستدرج طفلة صغيرة، وأصر على هتك عرضها، قبل أن يلوذ بالفرار تاركاً الضحية في حال يرثى له.
وصلت الطفلة وهي تعاني وضعاً صحياً حرجاً إلى والدتها، التي سارعت إلى نقلها إلى المستشفى، لتلقي العلاج، فيما بدأت رحلة البحث عن الذئب، وأطلقت الشرطة وأجهزة الأمن في غزة عمليات بحث وتحر واسعة، حتى استطاعت بعد أيام قليلة الوصول للجاني، والذي تبين أنه أحد جيران الطفلة.
القضية أثارت الرأي العام في المنطقة، ووصل صداها إلى معظم المواطنين، الذين طالبوا بإيقاع أقصى عقوبة ممكنة بالجاني.
ولجأت عائلة الضحية للقضاء العرفي للحصول على حقها، حيث وكلت المختار محمود ثابت "أبو السعيد"، لتحصيل حقها وفق هذا النوع من القضاء.
جريمة نكراء
وقال المختار ثابت لصحيفة "الأيام" الفلسطينية: إن الجريمة التي هزت قطاع غزة تعتبر من الجرائم نادرة الحدوث، رغم حصول وقائع مشابهة سابقاً، لكن كون الضحية طفلة في عمر صغير فقد كانت فاجعة للعائلة والمجتمع، وكان لزاماً اتخاذ إجراءات رادعة وعقوبات مغلظة من أجل حماية أمن وسلم المجتمع من جانب، ولكي يكون الجاني وعائلته التي قصرت في تربيته عبرة لغيره ممن قد تسول لهم أنفسهم ارتكاب مثل هذه الجرائم الشنيعة.
وثمن ثابت الأخلاق العالية التي تحلى بها ذوو الطفلة، والتزامهم بالمطالبة بحقهم من خلال القضاء العشائري إلى جانب القانون، موضحاً أنه تم عقد الجلسة العرفية الأولى بقضية اغتصاب طفلة حي الصبرة قبل عدة أيام، وقد حضرت جاهة مكلفة رسمياً من عائلة الجاني، تحمل إقراراً صريحاً لا لبس فيه بارتكاب ابنهم هذه الجريمة بحق الطفلة، واستعدادهم لتحمل تبعات الجريمة المادية والأدبية دون المساس بالحق العام.
وأوضح ثابت أنه تم تحديد الإطار العام لهذه القضية، وحسب الأعراف والتقاليد العشائرية المتبعة في مثل هذه الأحداث، تم تحديد طلبات ولي الطفلة والمتمثلة بسرعة رحيل الجاني وعائلته النووية الضيقة من حي الصبرة بصورة كاملة، مع حصر الخصومة بين الجاني وعائلته النووية الضيقة وعائلة الطفلة، وإعفاء باقي عائلة الجاني من المسؤولية الجنائية، وإبقائهم تحت المسؤولية المادية والمعنوية.
استطرد ثابت قائلاً: حسب الأعراف في مثل هذه القضية، فإن للمعتدى عليها "جيرة" وتعني "حقاً عرفياً"، وكون الضحية طفلة فإن لها سبع جيرات وبواقع 10,000 دينار أردني عن كل جيرة، يدفع ولي الجاني منها فوراً جيرتين، بواقع 20,000 دينار فوراً، والجيرات الخمس الباقية بعرض كفيل تدفع عند الجلوس لحق الطفلة وقبل البدء بالحديث، على أن يحضر الجاني أربعة كفلاء معتمدين، للبدء بباقي الإجراءات.
جريمة شاذة
أما الصحافي والناشط أسامة الكحلوت، فأكد أن جريمة طفلة حي الصبرة، من القضايا الغريبة والشاذة عن المجتمع الفلسطيني، كونه مجتمعاً محافظاً، ووقوعها خلق قضية رأي عام، ومطالبات بعقوبات مغلظة على الجاني.
وأكد الكحلوت أنه تابع القضية من عدة مصادر، ويرى أن نشر القضية وتفاصيلها على الرغم من اعتراض البعض على ذلك أمر مهم، كي يتخذ أولياء الأمور مزيداً من إجراءات الحرص لحماية بناتهم، حتى وإن كن صغيرات، فثمة ذئاباً لا تفرق بين كبيرة وصغيرة، وحتى يربي الآباء أبناءهم جيداً.